طارق أبو زياد – ريف حلب
جعلت التغيرات العسكرية المتسارعة، سكان مدن وبلدات ريف حلب، محتارين بين العودة إلى منازلهم من عدمها، بعد موجة النزوح التي شهدتها المنطقة، وخاصة خلال هجوم قوات الأسد على الريف الجنوبي، ووصوله إلى تخوم الجهة الغربية من حلب، شباط الماضي.
محمد السعدي، من سكان ريف المهندسين القريب من بلدة الزربة، التي تعد الخط الأول للجبهات مع قوات النظام المتمركزة في بلدة زيتان، عاد إلى منزله مؤخرًا، معتبرًا أن “الموت أفضل من أن أعيش في خيمة مهترئة”.
وتحدث السعدي لعنب بلدي عن الصعوبات التي واجهها وعائلته خلال رحلة النزوح، موضحًا “خروجي من منزلي لم يكن سهلًا على الإطلاق، فقد عشت في خيمة طيلة الشتاء الماضي، بينما أصيب ولدي الصغير ذو الأعوام الخمسة بنزلة برد لم يشف منها إلا بشق الأنفس”.
وأثرت الهدنة إيجابًا على عودة الأهالي، إذ أكد السعدي أنه، ومع بدء سريانها، عاد عدد من النازحين إلى عدة مناطق، “كان من المستحيل العيش فيها قبلها”، كقرية الكسيبية التي تكشفها تلة العيس، وكانت تستهدف بشكل يومي قبل الهدنة.
علاء الحموي، نازح من ريف حلب الغربي ويقطن في إدلب، اعتبر في حديثه لعنب بلدي أن النزوح وصل إلى مناطق تبعد أكثر من 15 كيلومترًا عن مناطق الاشتباكات سابقًا، لافتًا إلى أن “أهالي المناطق البعيدة نسبيًا، عادوا بالكامل إلى منازلهم منذ شهر تقريبًا بعد توقف تقدم الأسد في المنطقة”.
بعض العائلات لم تعد حتى الآن
رياض الأحمد، نازح من بلدة جب كاس، التابعة لريف إدلب الشرقي، والقريبة نسبيًا من الريف الجنوبي لحلب، قال لعنب بلدي، إن عددًا لا بأس به من أهالي البلدة لم يعودوا حتى الآن، مشيرًا إلى أنه “رغم الهدنة هناك احتمالية لاندلاع معركة في المنطقة”.
وأوضح الأحمد أن جبهة النصرة هجمت على تلة العيس قبل أسبوعين، “ما جعل المنطقة تعود إلى حالة اللااستقرار”، لافتًا إلى أن “الخوف من النزوح مرة أخرى، جعل بعض الأهالي يتريثون حتى تهدأ المنطقة بشكل دائم ومضمون”.
“عودوا فهناك من يسهر لتناموا بأمان“
عبدو الضهراوي، عنصر مسؤول عن نقطة رباط في بلدة الزربة، اعتبر في حديثه لعنب بلدي أن الوضع العسكري في المنطقة “أصبح الآن تحت السيطرة بشكل كامل، ولم يعد هناك أي احتمال لتقدم قوات الأسد بعد انسحاب روسيا، دون النظر إلى الهدنة”.
وأشار الضهراوي أن المعارضة عززت حمايتها في المنطقة، موضحًا “وضعنا أكثر من أربعة خطوط دفاع لنقاط الرباط، ورغم محاولات النظام المتكررة، لاقتحام البلدة في ظل الهدنة، لم يتمكن من دخولها”.
ودعا المقاتل سكان المناطق القريبة من خطوط التماس إلى العودة لمنازلهم، قائلًا “اطمئنوا وعودوا إلى منازلكم، فهناك من يسهر لتناموا بأمان”.
وكانت قوات الأسد شنت هجومًا واسعًا على ريف حلب الجنوبي، مدعومة بالميليشيات الإيرانية والعراقية برًا، والطيران الروسي جوًا، واستطاعت السيطرة على مناطق استراتيجية في المنطقة أبرزها، بلدة الحاضر وتلة العيس، منتصف تشرين الثاني الماضي.