خرّجت آلاف الشباب وانعكس تأثيرها على الثورة – النظام يستهدف دور العبادة في المدينة بالقصف والتدمير
جريدة عنب بلدي – العدد 54 – الأحد – 3-3-2013
مع دخول الحملة العسكرية على مدينة داريا شهرها الرابع، يستمر النظام باستهداف مساجد وكنائس داريا على السواء وبشكل ممنهج. هذه المساجد والكنائس التي احتضنت أبناء المدينة من مسلمين ومسيحيين، وساوت بينهم في المحبة والإخاء، ساوى بينها جيش النظام أيضًا لكن بالقصف والتدمير والتخريب.
ولعله ليس من باب المصادفة أن أول شهداء المدينة قد سقطوا يوم «الجمعة العظيمة» (22 نيسان 2011)، وأنه في يوم تشييعهم تناغمت أصوات أجراس الكنائس مع صوت الأذان وصيحات «الله أكبر» في بلدة لم يعرف أهلها يومًا إلا الحب والسلام، ورفض الظلم والطغيان وجَمَعتهم أخوّة العنب والدم.
وقد استهدفت قوات النظام مساجد وكنائس المدينة بالقصف براجمات الصواريخ وبقذائف الدبابات، ما أدى إلى تضررها وانهيارها أو انهيار أجزاء منها. كما كان واضحًا استهداف قوات النظام لمآذن المساجد في محاولة منها لإطفاء أي صوت يواجه صوت القتل والدمار الذي تعلنه آلة الموت التي يقودها النظام. وقد بلغ عدد المساجد المنهارة والمتضررة ستة عشر مسجدًا، لبعضها قيمة أثرية وتاريخية هامة، إضافة إلى تضرر كنيستي المدينة نتيجة ما لحق بهما من قصف قوات الأسد على المدينة.
فقد تعرض جامع المنبر الأثري، وهو أقدم مساجد المدينة، للقصف براجمات الصواريخ ما أدى لانهيار أجزاء كبيرة منه. كذلك تعرض مسجد أبي سليمان الداراني، الواقع في المنطقة القِبلية من المدينة والذي شهد المذبحة الكبرى في آب 2012 والتي راح ضحيتها أكثر من 700 شهيد، وهو أحد أقدم مساجد المدينة للقصف الشديد والمتكرر من دبابات النظام ومدفعيته المتمركزة في جنوب المدينة، ما أدى إلى انهيار أجزاء كبيرة من مبنى المسجد، إضافة إلى انهيار مئذنته بالكامل.
أما مسجد نبي الله حزقيل، الواقع في وسط المدينة، فقد تعرض لقصف عنيف براجمات الصواريخ ما أدى إلى انهياره بالكامل، إضافة إلى أضرار كبيرة بمقام النبي حزقيل الموجود قرب المسجد.
ويوم الأحد 30 كانون الأول 2012، استهدفت قوات النظام مسجد الصحابي الجليل بلال الحبشي بثلاثة صواريخ، تم إطلاقها من إحدى الراجمات المتموضعة في جبال المعضمية المطلة على المدينة، ما أسفر عن تهديم مئذنته بالكامل وسقوطها على الأرض، إضافة إلى إلحاق أضرار ببناء المسجد. وقبل ذلك ويوم 12 كانون الأول 2012، قامت دبابات النظام بقصف مسجد أبي بكر الصديق أثناء أداء المصلين لصلاة الظهر ما أسفر عن مجزرة راح ضحيتها أكثر من ستة شهداء إضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بالمسجد.
كما وتعرض كل من مسجد طه وجامع أنس بن مالك وجامع عثمان بن عفان وجامع الصادق الأمين و جامع صلاح الدين وجامع الخلفاء الراشدين و الجامع الكبير وجامع التوبة لدمار جزئي، نتيجة استهدافهم بقذائف الدبابات وصواريخ الراجمات. فيما تضررت مساجد فاطمة والإيمان وعمر بن الخطاب أضرارًا طفيفية نتيجة سقوط القذائف في محيطها.
وكانت كنيستا المدينة قد تعرضتا – كما هو حال المساجد في المدينة- لقصف قوات النظام ما أسفر عن حدوث أضرار فيهما.
كما وانتهكت قوات النظام حرمات المساجد في المناطق التي وصلوا إليها وعبثوا بمحتوياتها، كما حدث في مسجد الحسن والحسين ومسجد أنس بن مالك وجامع الخلفاء الراشدين وجامع عثمان بن عفان وجامع البشير وجامع التوبة.
وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية الناطقة باسم النظام (سانا) ومواقع أخرى موالية للنظام قد اتهمت مرارًا «العصابات الإرهابية المسلحة» بالمسؤولية عن اقتحام المساجد والكنائس ودور العبادة في جميع أنحاء سوريا، واتخاذها مقرات عسكرية لها. واتهمت هذه الوسائل الإعلامية العصابات المسلحة باقتحام مسجد التوبة على طريق المعامل في مدينة داريا حيث قامت بـ «تدنيسه والعبث بمحتوياته وتخريبها»، كما اتهمت بعض هذه المجموعات بأنها «اقتحمت كنيسة داريا وقامت بالعبث بمحتوياتها وسرقتها».
مدينة داريا المعروفة بكثرة المآذن فيها مقارنة مع باقي المدن السورية التي تمتد على مساحة مماثلة، إذ يبلغ عدد مساجد مدينة داريا 35 مسجدًا يحمل الكثير منها أهمية تاريخية وأثرية لقدمها وزيارة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيه لها كجامع أبي مسلم الخولاني الذي يوجد فيه مقام التابعي أبي مسلم الخولاني والصحابي الجليل بلال الحبشي وأبو ثعلبة الخشني، وأبو سليمان الداراني الذي يقول مؤرخون أن مرقده يقع في المسجد المسمى باسمه في المدينة، وكان الكثيرون يقصدونه ليتعلموا علوم الحديث الشريف على يديه. كما كان يؤمها الكثيرون لنيل العلوم فيها والدراسة على أيدي علمائها.
وكان مسجد المنبر أقدم مساجد المدينة أول مسجد تقام به دروس تعليمية وتربوية في داريا، ومن ثم تبعته المساجد الأخرى لتمتد المعاهد التعليمية إلى معظم مساجد المدينة، التي شهدت حركة علمية وتربوية كبيرة عملت على تنشئة الأجيال، وتخرج منها الآلاف من الشباب الواعين المثقفين مايبشر بجيل سليم يحسن قيادة المجتمع والحفاظ على المدينة فكريًا واجتماعيًا وثقافيًا، وهو ما برز في ثورة المدينة التي تميزت بوعي شبابها وثقافتهم واندماجهم مع بعضهم .
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :