كشف تحقيق نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية عن عمليات تجسس وتهديد طالت أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
وجاء في التحقيق المنشور اليوم، الثلاثاء 28 من أيار، أن العمليات استمرت تسع سنوات، وأدارها يوسي كوهين، الذي شغل مدير وكالة المخابرات الخارجية الإسرائيلية.
ويعدّ كوهين أحد المقربين من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وهدفت إجراءاته لإحباط تحقيقات المحكمة.
وشمل التحقيق الصحفي مقابلات مع أكثر من 20 ضابطًا في المخابرات الإسرائيلية، ومسؤولين حكوميين وشخصيات بارزة في المحكمة ومحامين مطلعين على عملها.
ونقلت عن المحكمة قولها إنها على علم بأنشطة جمع المعلومات الاستباقية، ونجحت بحماية مقتنياتها من الأدلة من الاختراقات التي نفذتها إسرائيل ووكالات استخبارات أخرى.
فيما نفى مكتب نتنياهو ما جاء في التحقيق، معتبرًا أنه مليء بادعاءات كاذبة لا أساس لها.
ووفق “الجارديان”، فإن القضايا التي تعمل عليها المحكمة منذ سنوات، تتقدم وسط تزايد قلق المسؤولين الإسرائيليين بشأن صدور أوامر اعتقال، من شأنها أن تمنعهم من السفر لحوالي 124 دولة.
وتعتبر إسرائيل أن الملاحقات القضائية وهجوم المحكمة يستدعي “حربًا لا بد من شنها”.
وبدأت عمليات التجسس والتهديد منذ الموافقة على انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية في 2015.
وتجسست إسرائيل بشكل روتيني على مكالمات هاتفية أجرتها المحامية الغامبية فاتو بنسودا وموظفيها.
كما منعتها من الوصول لقطاع غزة والضفة الغربية، ما اضطرها لإجراء مكالمات هاتفية، التقطتها إسرائيل.
وبجانب عمليات التجسس، تعرضت بنسودا، لتهديدات ورشوة مالية.
ووضعت المخابرات الإسرائيلية 60 اسمًا تحت المراقبة، بمن فيهم مسؤولون في الأمم المتحدة وموظفون في المحكمة الجنائية الدولية.
وحصلت بنسودا على تنبيهات من قبل مستشارين أمنيين وعبر قنوات دبلوماسية بتحركات إسرائيلية.
وتتضمن الوثائق التي حاولت إسرائيل الحصول عليها، معلومات حساسة وشهادات لشهود محتملين لجرائم حرب ارتكبها مسؤولون كبار.
وبين عامي 2019 و2021، ظهر كوهين فجأة في اجتماع رسمي ضم بانسودا ورئيس الكونغو الديمقراطية، جوزيف كابيلا.
وأصر كوهين على الاتصال بشكل متكرر ببنسودا وحمل سلوكه تهديدًا وترهيبًا بشكل متزايد، وأدلى بتعليقات حول أمنها الشخصي وتهديدات مستترة حول العواقب على حياتها المهنية.
ويأتي التحقيق في ظل سجال إسرائيلي مع “الجنائية الدولية”، على خلفية إصدار الأخيرة أوامر اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين.
وقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم أحمد خان، في 20 من أيار الحالي، طلبات للحصول على أوامر اعتقال أمام الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة بشأن الحالة في فلسطين.
وشملت هذه الطلبات أوامر اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، على أساس أدلة جمعها وفحصها مكتب المدعي العام، وعليه، فإن المسؤلين الإسرائيليين يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب المرتكبة في غزة، ضمن أراضي الدولة الفلسطينية، منذ 8 من تشرين الأول 2023، على الأقل.
ومن الاتهامات الموجهة لنتنياهو وغالانت، تجويع المدنيين كأسلوب حرب، والتسبب عمدًا في معاناة شديدة أو إلحاق ضرر خطير بالجسم أو الصحة والقتل العمد أو القتل باعتباره جريمة حرب، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين (جرائم حرب)، والإبادة والقتل بما في ذلك الوفيات الناجمة عن الجوع باعتبارها جريمة ضد الإنسانية، والاضطهاد، والأفعال اللإنسانية الأخرى (جرائم ضد الإنسانية)، وكلها تتعارض مع مواد في نظام “روما” الأساسي.
وبحسب المدعي، فهناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن هذه الشخصيات تتحمل المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على “الأراضي الإسرائيلية” وفي الدولة الفلسطينية، اعتبارًا من 7 من تشرين الأول 2023 على الأقل.
وبحسب أحدث بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بلغ عدد القتلى الفسطينيين جراء الحرب الإسرائيلية على غزة منذ 7 من تشرين الأول 2023، أكثر من 36 ألف قتيل، بالإضافة إلى نحو 80 ألف جريح.