هيثم بكار – الغوطة الشرقية
تعيش الغوطة الشرقية هدوءًا نسبيًا بعد سريان الهدنة، التي أبرمت بين طرفي النزاع في سوريا، برعاية دولية وأممية، ما حسّن من الظروف الاجتماعية ومن حركة البيع والشراء، التي رفعت بدورها أسعار العقارات كالأراضي والشقق السكنية، بشكل ملحوظ وسريع.
علي الشامي، مالك لمكتب عقاري في مدينة دوما، عزى ارتفاع الأسعار في الوقت الراهن، إلى الطلب المتزايد على الشقق السكنية والمنازل والأراضي، بعد انخفاض معدل القصف والغارات بشكل ملحوظ على مدن وبلدات الغوطة، ما أدى إلى نشاط حركة البيع والشراء، بعد أن ركدت في وقت سابق، على حد وصفه.
وأوضح الشامي لعنب بلدي، أن سعر العقار الذي كان قبل الهدنة بقيمة مليون ليرة سورية، ارتفع ليصل إلى أربعة أو خمسة ملايين، على اختلاف نوعه، بين الشقق السكنية والمحال التجارية والأراضي.
بينما لفت أبو أنس حنن لعنب بلدي، وهو مالك مكتب عقاري آخر في المدينة، إلى أن “المشتري يأتي ويدفع عربونًا، إلا أن البائع وبعد الاتفاق معه يغير رأيه في اليوم التالي قبل كتابة العقد، ويطالب بضعف المبلغ المتفق عليه”.
فئات مختلفة تشتري وتبيع
وتختلف أسعار العقارات بحسب أماكنها وتوزعها، وفق الشامي، وقال إن أسعار الأراضي والشقق ارتفعت في بعض الأماكن حتى 70% عن سعرها التي كانت عليه قبل ثلاثة أسابيع، كما تتفاوت أسعار العقارات، بحسب بعدها وقربها من جبهات المعارك أو المناطق التي تستهدف في وسط المدن والبلدات.
وصنف الشامي الفئات التي تبيع العقارات إلى فئتين، الأولى تتمثل بالعوائل التي قررت الهجرة والسفر خارج البلاد هربًا من الحرب والحصار، “وهذه الفئة تبيع ما تملك بأبخس الأثمان”، بينما تضم الفئة الثانية، المعدمين الذين لم يعودوا يستطيعون تأمين قوت يومهم، فلجأوا إلى بيع ممتلكاتهم، على حد وصفه.
أما الفئات التي تشتري فصنفها الشامي إلى ثلاثة، الأولى تشتري شققًا أو ملاجئ سكنية هربًا من القصف، بعد تضرر منازلهم، والثانية وصفها بأنها “فئة المستفيدين من تجار الدم الذين يستغلون حاجة الناس وفقرهم وعوزهم نتيجة الظروف، وهؤلاء شركاء النظام في معاناتنا”.
بينما تتمثل الفئة الثالثة بالمغتربين الأثرياء، وفق الشامي، واعتبر أن لديهم أمل بالعودة، فيوكلون أشخاصًا، غالبًا يكونون من أقاربهم، ويشترون الأراضي والمزارع والفيلات.
عنب بلدي استطلعت آراء أهالي مدن وبلدات الغوطة، واعتبر الفلاح محمد رجب، من بلدة الشيفونية، أن بيع الأرض الزراعية في ظل الأزمة لبعض “تجار الدم” يعتبر خيانة، مشيرًا إلى أن “من يضطر للبيع عليه أن يتحرى من صفة الشاري حتى لا يقع في هذا الإثم”.
أما الناشط سالم جراد من مدينة دوما، فقال إنه لو امتلك المال، سيشتري بعض العقارات بهدف التجارة، على اعتبار أن “هناك مستقبلًا للبيع والشراء إن امتدت الهدنة وفرض الحل السياسي”، على حد وصفه.
بينما وصف سليم حمد، وهو عاطل عن العمل، الهدنة بأنها “جيدة وسيئة في آن معًا”، معتبرًا أنها جيدة إذ خففت نسبة القصف إلى حد كبير، بينما رفعت أسعار العقارات، وبرز خلالها بعض “تجار الدم والبرجوازيين الجدد”، إلى الواجهة.
وتباينت أسعار العقارات خلال سنين الثورة الخمس، إذ كانت قبلها مستقرة إلى حد ما، إلا أنها انخفضت تدريجيًا، وتوقفت بشكل كامل بعد تحرير الغوطة، لأكثر من سنة بسبب غياب مؤسسات الدولة كالبلديات والمكاتب العقارية، لتعود بعدها بسبب الحاجة إليها، وفق أصحاب المكاتب العقارية في الغوطة.