احتجاجات ضد سعر القمح لدى “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا
شهدت قرى وبلدات في أرياف دير الزور والرقة حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” احتجاجات، اعتراضًا على السعر الذي حددته الأخيرة لشراء القمح من المزارعين في مناطق سيطرتها.
وأفاد مراسل عنب بلدي في دير الزور أن نقاط الاحتجاج توزعت اليوم، الاثنين 27 من أيار، في عدة بلدات وقرى غربي دير الزور منها حوايج بومصعة، والصعوة، ودوار الحصان، إذ تجمع المزارعون أمام مبنى شركة التطوير الزراعي للتعبير عن رفضهم للسعر المطروح.
وتخلل الاحتجاجات قطع للطرقات بالإطارات المستعلة في قرى وبلدات مختلفة.
ولم تقتصر الاحتجاجات على دير الزور وحدها، إذ نشر موقع “نهر ميديا” المحلي صورًا قال إنها لتجمع العشرات من المزارعين أمام مبنى “الإدارة الذاتية” في الرقة، للمطالبة بتعديل تسعيرة القمح التي أقرتها “الإدارة”.
وامتدت الاحتجاجات لمحافظة الحسكة، إذ أفادت مراسلة عنب بلدي في المحافظة أن محتجين تجمعوا في مدينتي الدرباسية و عامودا شمالي الحسكة حاملين المطالب نفسها.
وكانت “هيئة الزراعة والري” في “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا حددت، الأحد، سعر شراء مادة القمح من الفلاحين للموسم الزراعي 2023-2024.
وبحسب القرار الصادر عن “الهيئة”، في 26 من أيار الحالي، بلغ سعر شراء المادة 31 سنتًا من الدولار الأمريكي للكيلوغرام الواحد، ويخضع لنظام الدرجات العادية، في حين حددته العام الماضي بسعر 43 سنتًا للكمية نفسها.
ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من القمح 4603 ليرات سورية بحسب سعر صرف الدولار اليوم البالغ 14850 ليرة لكل دولار واحد، وفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص برصد حركة العملات.
تسعيرة “ظالمة”
وصف عدد من المزارعين تسعيرة القمح بـ”الظالمة” إذ كان يأمل بعضهم أن يكون السعر مختلفًا عن المطروح من قبل “الادارة الذاتية”، وفق ما قالوه لعنب بلدي.
عبد الله العبيد مزارع من قرية أبو مالحة في ريف دير الزور الغربي، قال لعنب بلدي، إن قرار رفع تسعيرة الخبز وخفض سعر القمح معادلة يصعب فهمها، وربما مستحيلة الحل إذ أدت إلى تكبيد المزارعين خسائر “فادحة”.
وأضاف أن انخفاض الانتاج وارتفاع التكاليف أديا إلى خسائر لا يمكن تحملها في ظل السعر الذي حددته “الإدارة” مؤخرًا.
عبد الله يملك 400 دونم كانت تنتج له قمحًا بمعدل نحو 100 كيلوغرام لكل دونم واحد، وكانت تكلفة الدونم من حراثة وبذار وسقاية تصل حتى 100 دولار أمريكي.
ووفقًا لحسابات عبد الله لتكلفة إنتاج محصوله، يجب أن تكون التسعيرة حوالي 50 سنتًا أمريكيا عن كل كيلوغرام لتعوّض خسائر المزارعين.
ولم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة لفيصل النواف المقيم شمالي دير الزور، إذ اعتبر أن تسعيرة القمح لم تنصف المزارع هذا العام، مشيرًا إلى أنه سيلجأ لتخزين القمح ومعالجته لبيعه في وقت لاحق كبذار زراعية بهدف تعويض الخسائر.
ووفق معلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصدر مسؤول في شركة التطوير الزراعي التابعة لـ”الادارة الذاتية” في دير الزور، سيجبر المزارعون الذين تلقوا دعمًا بالمحروقات خلال فترة زراعة المحاصيل على بيع المحاصيل لـ”الإدارة” بسعر 31 سنتًا.
وأضاف المصدر الذي تحفظ على اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام، أن “الإدارة” قدمت دعمًا للمزارعين بغية الاستفادة من المحاصيل الزراعية، ويجب على المزارعين المستفيدين من الدعم بيع محاصيلهم لـ”الإدارة”.
الاحتجاجات وصلت إلى الحسكة
مزارعون بمدينة عامودا في ريف محافظة الحسكة اعتصموا وسط المدينة لليوم الثاني على التوالي، احتجاجًا على قرار “الإدارة الذاتية” بتحديد تسعيرة القمح.
ورفع المحتجون لافتات تؤكد على عزمهم مواصلة الاحتجاجات ضد القرار، وطالبوا بتعديل تسعيرة القمح ورفعها إلى 50 سنتًا.
وأفادت مراسلة عنب بلدي في الحسكة أن الاحتجاجات وصلت أيضًا إلى مدينة الدرباسية في ريف المحافظة، وشارك مزارعون من المدينة وريفها باحتجاجات في المنطقة حاملين المطالب نفسها بتعديل تسعيرة القمح.
خلدون معمو، مزارع في بلدة معبدة شرقي محافظة الحسكة، أعرب عن استيائه من سعر القمح لهذا العام مشيرًا إلى أن التسعيرة غير عادلة ولا تكفي لتغطية تكاليف الزراعة، ما يؤدي إلى خسائر “فادحة” للمزارعين.
وأضاف أن تكلفة زراعة جزء من أرضه بلغت 600 دولار أمريكي، ومع القرار الحالي، يمكنه بيع المحصول بأرباح لا تتجاوز 100 دولار، ما يحمل مؤشرات على تراجع الزراعة إذا لم تتم مراجعة السياسة القائمة التي اعتمدتها “الإدارة الذاتية” في تحديد التسعيرة لهذا العام، معتبرًا أن لا أحد سيفكر في زراعة القمح مرة أخرى في ظل هذه الظروف.
وتوجد في محافظة الحسكة تسعيرتان لشراء المحاصيل الزراعية، تصدر الأولى عن حكومة النظام السوري في دمشق، والثانية عن “الإدارة الذاتية”، التي تسيطر على مناطق شمال شرقي سوريا.
من جانبها، نشرت وكالة “نورث برس” المحلية صورًا تظهر محتجين في مدينتي الدرباسية وعامودا شمالي الحسكة يطالبون بتعديل تسعيرة شراء القمح.
أحزاب كردية تعارض
طالبت أحزاب سياسية منها مشاركة في “الإدارة الذاتية”، بتعديل القرار الصادر عن هيئة الزراعة والري والذي حدد تسعيرة شراء القمح من المزارعين في الموسم الزراعي 2024.
وقالت الأحزاب في بيان مشترك، الأحد، إن السعر المحدد “يعتبر إجحافًا بحق المزارعين وبحق جميع العاملين في القطاع الزراعي لأنه لا يكاد يغطي تكاليف الإنتاج”، وفق ما نقلته وكالة “نورث برس“.
وطالب الحزب “اليساري الكردي في سوريا”، والحزب “الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)” وحزب “السلام الديمقراطي الكردستاني”، “الإدارة الذاتية” بضرورة مراجعة القرار وإعادة النظر في السعر المحدد، وتحديد أسعار مجزية لإنتاج القطاع الزراعين وفق البيان.
وأشار البيان إلى أن قرار تحديد سعر شراء القمم بـ31 سنتًا “يلحق الضرر بالقطاع الزراعي بأكمله وبالحياة الاقتصادية والاجتماعية في شمال شرقي سوريا الذي يعتبر منطقة زراعية بالدرجة الأولى”.
من جانبه، أعرب “المجلس الوطني الكردي” عن استنكاره لتسعيرة شراء القمح التي اعتبرها “متدنية” مشيرًا إلى أن النظام أبدى استعدداده لشراء القمح بـ36 سنتًا ما يُلحق خسائر فادحة بالمزارعين ويُهدد الأمن الغذائي في المنطقة.
وأضاف أن خطوة من هذا النوع قد تُجبر العديد من الفلاحين على ترك أراضيهم والهجرة، بحثًا عن فرص أفضل في أماكن أخرى، ما يشكل خطرًا حقيقيًا على مستقبل الزراعة في المنطقة.
وطالب “المجلس” الجهات الدولية المعنية بالاستقرار في سوريا بالضغط على “حزب الاتحاد الديمقراطي” المتحكم بـ”الإدارة” لإعادة النظر في هذه التسعيرة “الظالمة” وتحديد سعر عادل يتناسب مع تكلفة الإنتاج ويضمن هامش ربح للمزارعين والفلاحين .
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :