د. أكرم خولاني
يصاب الكثيرون من الأشخاص بضعف الرؤية عند تقدمهم بالسن، وغالبًا ما يكون ذلك ناجمًا عن حالة تسمى مد البصر الشيخي، وهي حالة مرضية تختلف عن مد البصر الذي يحدث عند بعض الأطفال والشباب، فمد البصر الشيخي هو تغير عادي يحدث مع جميع الناس تقريبًا مع التقدم بالعمر، ولكن لا بد من تصحيحه لتحقيق الرؤية الجيدة.
ما المقصود بمد البصر الشيخي
مد البصر أو طول البصر (Hyperopia or Farsightedness) هو حالة يواجه فيها الشخص صعوبة في رؤية الأجسام القريبة بدقة، فتبدو مشوشة، إلا أنه يستطيع رؤية الأشياء البعيدة بوضوح، وهو أحد أنواع عيوب البصر الانكسارية، ففي الأحوال الطبيعية تعمل القرنية (الجزء الأمامي الشفاف من العين) والجسم البلوري (العدسة) على تركيز أشعة الضوء التي تدخل إلى العين ليقع خيالها على الشبكية مباشرة، ومن ثم ترسل الشبكية إشارات إلى المخ عبر العصب البصري (عصب العين) ليستطيع الشخص رؤية الأشياء، ويحدث مد البصر عند وجود مشكلة في بعض أجزاء العين تؤدي إلى انكسار الضوء بطريقة غير صحيحة فيقع الخيال المتشكل خلف الشبكية وليس عليها، ما يؤدي إلى إمكانية رؤية الأشياء البعيدة بوضوح بينما لا تبدو الأشياء القريبة واضحة.
ومد البصر الشيخي (Presbyopia) هو فقدان تدريجي لقدرة العين على التركيز على الأجسام القريبة، ينتج طول النظر الشيخوخي عن تصلب عدسة العين، الذي يحدث مع تقدم العمر، ومع قلة مرونة العدسة لا يمكنها تغيير شكلها للتركيز على الصور القريبة.
ومد البصر الشيخي حالة طبيعية تبدأ عند معظم الناس بعمر 40-45 سنة، وتستمر بالتدهور حتى عمر 65 سنة، وعلى الرغم من أنه يُعد تغيرًا عاديًا يحدث في العين مع التقدم في العمر، لكنه غالبًا ما يكون حدثًا مثيرًا للمشاعر ومهمًا، لأنه يدل على الشيخوخة التي يستحيل تجاهلها أو يصعب إخفاؤها.
ما أعراض الإصابة
يلاحظ في البداية بعض الأعراض، وتتفاقم هذه الأعراض عند التعب وفي المناطق ذات الإضاءة الخافتة، ومن هذه الأعراض:
- عدم وضوح الرؤية عند المسافة الطبيعية للقراءة.
- الميل إلى الإمساك بالمواد المقروءة على بُعد لجعل الحروف أكثر وضوحًا.
- إِجهاد العين أو الصداع بعد القراءة أو تنفيذ الأعمال عن قرب.
- ازدواجية الرؤية.
- الشعور المفاجئ بضبابية الرؤية أو تشوشها.
ما الأسباب
إن مد البصر الشيخي عملية مرتبطة بالعمر، وهو مرحلة عادية من عملية الشيخوخة، وتحدث التغييرات المرتبطة بالعمر داخل البروتينات في العدسة مما يجعل العدسة أكثر صلابة وأقل مرونة بمرور الوقت، كما تحدث التغييرات المرتبطة بالعمر أيضًا في ألياف العضلات المحيطة بالعدسة وهذا بسبب قلة المرونة أيضًا، ونتيجة ذلك يصعب على العين التركيز على الأشياء القريبة.
وهناك بعض العوامل التي تزيد من خطر التعرض للإصابة بمد البصر الشيخي، وتشمل:
- العمر: هو عامل الخطر الأكبر للإصابة بمد البصر الشيخي، إذ يعاني جميع الناس تقريبًا من مد البصر الشيخي بعد سن الـ40.
- الحالات الصحية الأخرى: يمكن أن يزيد وجود أمراض أخرى مثل الداء السكري أو التصلب المتعدد أو أمراض القلب والأوعية الدموية من خطر الإصابة بمد البصر الشيخي المبكر والذي يصيب الأشخاص الأقل من 40 عامًا.
- الأدوية: ترتبط بعض الأدوية بأعراض مد البصر الشيخي المبكر، مثل الأدوية المضادة للاكتئاب ومضادات الهيستامين ومدرات البول.
كيف يتم التشخيص
يتم تشخيص مد البصر الشيخي من خلال إجراء فحص شامل للعيون، وعادة ما يستعين الطبيب بالاختبارات التالية لتأكيد تشخيص الحالة باختبار الانكسار لتحديد القدرة على الرؤية عن قرب وعن بعد، وكذلك فحص سلامة كرة العين من الداخل باستخدام منظار الشبكية.
وبالنسبة للكهول يوصى بإجراء فحص كامل للعين كل فترة تتراوح بين:
- سنتين وأربع سنوات للأشخاص بين عمر 40 و54 سنة.
- سنة وثلاث سنوات للأشخاص بين عمر 55 و64 سنة.
- سنة وسنتين عند بلوغ سن الـ65 سنة.
ما خيارات العلاج
يهدف العلاج إلى التعويض عن عدم قدرة العين على التركيز على الأشياء القريبة، وتتضمن خيارات العلاج ما يلي:
النظارات
النظارات الطبية التصحيحية هي الخيار البسيط والآمن لتصحيح مشكلات الرؤية الناجمة عن مد البصر الشيخي.
ويمكن استخدام نظارات القراءة التي تصرف دون وصفة طبية إذا كانت الرؤية جيدة وغير مصححة قبل الإصابة بمد البصر الشيخي، وتتراح قوة نظارات القراءة غير الموصوفة طبيًا من +1.00 ديوبتر (D) إلى +3.00 ديوبتر، ويقوم الشخص بالتجريب واختيار النظارة المناسبة، ولكن أغلب الأشخاص بين عمر 40 و45 سنة يحتاجون إلى ذات القوة 1.00+ ثم تزاد بمقدار 0.5+ كل حوالي 5 سنوات.
أما النظارات الموصوفة طبيًا فيتم استخدامها بحسب ما يقرره الطبيب، وذلك إذا كانت نظارات القراءة التي تصرف دون وصفة طبية غير ملائمة، أو إذا كان الشخص يحتاج إلى عدسات تصحيحية لمد البصر أو قصر البصر أو اللابؤرية.
العدسات اللاصقة
يلجأ الأشخاص الذين لا يرغبون بارتداء النظارات إلى استخدام العدسات اللاصقة للتغلب على مشكلات الرؤية الناتجة عن مد البصر الشيخي، ولكن قد لا يفيد هذا الخيار في حال الإصابة ببعض الحالات التي تتعلق بالجفون، أو تمزق القنوات، أو سطح العين مثل جفاف العين.
الجراحة
في حال كان الشخص لا يرغب بارتداء النظارات الطبية أو استخدام العدسات اللاصقة فهناك عدد من الخيارات العلاجية الجراحية المتاحة، والخطوة الأولى لتحديد إذا ما كانت حالة الشخص المرضية تناسب إجراء جراحة مد البصر الشيخي هي الخضوع لفحص كامل للعيون، واستشارة جراح عيون يُجري جراحات العين الانكسارية ومتخصص في تصحيح مد البصر الشيخي جراحيًا، وتشمل خيارات الجراحة:
- الجراحة الانكسارية باستخدام الليزر: تؤدي الجراحة الانكسارية إلى تغيير شكل القرنية، وفي حالة مد البصر الشيخي يمكن استخدام هذا العلاج لتحسين الرؤية عن قرب في العين غير المهيمنة، ولكن حتى بعد الجراحة قد يحتاج الشخص إلى استخدام النظارات للعمل عن قرب.
- زراعة العدسات: استئصال العدسات الطبيعية للعين واستبدالها بعدسات اصطناعية، ويسمى ذلك بالعدسة المنزرعة داخل مقلة العين
- تطعيم القرنية: إحدى عمليات تصحيح مد البصر الشيخي التي تكتسب شعبية هي زرع نسيج في القرنية، والذي ينطوي على إدخال حلقة بلاستيكية صغيرة مع فتحة مركزية في قرنية إحدى العينين، وتتم زراعتها في القرنية، وتعمل الفتحة مثل الكاميرا ذات الثقب حيث تسمح بدخول الضوء المركّز بحيث يمكن من رؤية الأشياء القريبة، وعادة ما تتم العملية على قرنية العين غير المهيمنة، وتكون النتيجة هي التقليل من الحاجة إلى نظارات القراءة دون التأثير بصورة كبيرة على جودة الرؤية البعيدة.