رسائل بين النظام و”الإدارة الذاتية”.. التوافق مستبعد
يسعى النظام السوري للوصول إلى حل سياسي مع “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، بحسب ما ذكرته صحيفة “إندبندنت عربية“.
ونقلت الصحيفة، في 25 من أيار الحالي، عن مصدر مصدر وصفته بـ”المطلع” (لم تسمه)، أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، استبعد خلال اجتماع لحزب “البعث” الحل العسكري في التعامل مع الأكراد شمال شرقي سوريا، وأبدى نيته التوصل إلى حل سياسي مع “الإدارة الذاتية” خلال “أشهر قليلة، وليس سنوات”.
وأشارت “إندبندنت عربية” إلى أن حديث الأسد جرى خلال الاجتماع الموسع لحزب “البعث العربي الاشتراكي” الحاكم في سوريا، الذي عقد في 4 من أيار الحالي.
بالمقابل، نقلت الصحيفة عن الرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية”، إلهام أحمد، وجود بعض الرسائل التي تتبادلها “الإدارة” مع النظام السوري، من دون الكشف عن فحواها.
وأعربت أحمد عن أملها “في أن تلقى نتائج إيجابية في المستقبل القريب كون ذلك يخدم مصلحة سوريا وشعبها”.
واستبعدت المسؤولة في “الإدارة”، “أي انفتاح آني”، لكنها تطلعت في الوقت نفسه إلى أن يرى النظام مشروع “الإدارة الذاتية” كما هو، بوصفه “مشروعًا وطنيًا سوريًا وله أهداف وطنية سورية”.
وأشارت إلى استمرار القراءة “غير الواقعية” من قبل دمشق للحالة السورية ولمشروع “الإدارة الذاتية”.
وتعتبر “الإدارة الذاتية” المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتسيطر على مناطق شرق الفرات شمال شرقي سوريا، وتتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتشر في مناطق سيطرة “قسد”، باستثناء مناطق تشكل فيها تحالفًا مع روسيا بأرياف حلب الشمالية والشرقية.
الأطراف تراقب
منذ سنوات يتكرر الحديث عن مفاوضات قائمة بين “الإدارة” والنظام السوري، لكن تفاصيلها لم تظهر للعلن، كما لم تتضح الحالة التي وصلت إليها هذه المحادثات التي تحدثت تسريبات عن تعطلها عام 2023.
وفي حزيران 2022، تزامن توتر بين “الإدارة” وتركيا مع حديث عن فشل المفاوضات بين حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يقود “الإدارة الذاتية” والنظام، بحسب ما نقله موقع “أثر برس” عن مصدر كردي مطلع لم يسمّه.
وحمل المصدر حينها روسيا مسؤولية فشل المحادثات، مشيرًا إلى أن “الجانب الروسي لم يقم بدوره كوسيط بين الطرفين”.
يعتقد الباحث المتخصص بشؤون شمال شرقي سوريا في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” سامر الأحمد، أن التسريبات عن استعداد النظام للوصول إلى تسوية سياسية أمر مستبعد في ظل عقليته المرتكزة على مركزية شديدة لا تقبل التغيير.
الباحث قال لعنب بلدي، إن النظام ينتظر منذ سنوات أن تقدم “الإدارة الذاتية” تنازلات من حيث علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية، ليبنى مسار المفاوضات عليها، إذ لا يمكن أن يوافق على ما تطلبه الإدارة من حيث الحفاظ على مؤسساتها شمال شرقي سوريا بشكل دائم.
وقد يؤدي أي ضغط تركي جديد على “الإدارة” أو تخفيف الدعم الأمريكي لها إلى تقديم تنازلات من جانبها للنظام، وفق الباحث.
ورغم أن “الإدارة الذاتية” أبدت ترحيبًا بمسار جديد للمفاوضات، وفق ما جاء على لسان إلهام أحمد، يرى الباحث أن “الإدارة” غير قادرة على تلبية مطالب النظام.
وفي شباط 2021، أعلن السفير الروسي في سوريا، ألكسندر يفيموف، أن روسيا تؤيّد الحوار بين النظام و”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا.
وقال يفيموف لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إن “روسيا تنطلق من أن الكرد السوريين هم جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، لذلك نحن ندعم الحوار بين الكرد ودمشق، وخاصة في شؤون بناء وطنهم المشترك في المستقبل”.
“الإدارة الذاتية” تراهن على الوقت
لطالما كانت مطالب الأطراف في المفاوضات السابقة مرتبطة من جانب “الإدارة الذاتية” بالحفاظ على مؤساتها التي أنشأتها في مناطق سيطرتها منذ تأسيسها عام 2015، بما فيها المؤسسات الأمنية.
النظام يرفض من جانبه مطالب “الإدارة”، إذ يرغب بإعادة الوضع إلى ماكان عليه قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، والوصول إلى تسوية بحلول صفرية مع “الإدارة”.
وفي مطلع 2022، قال مظلوم عبدي، قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية”)، إن علاقة “الإدارة” مع النظام “متواصلة ولم تنقطع”، لكن الأخير بحاجة لتغيير سلوكه التفاوضي.
وأضاف في مقابلة لمناقشة قضايا “الإدارة الذاتية” نشرها “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى“، “نحن نريد أن نصل إلى حل للخلافات بيننا وبين النظام”.
“نظام الأسد غير جاهز حاليًا للتوصل إلى حلول”، بحسب عبدي، مشيرًا إلى أن النظام “يتحدث من موقع المنتصر، ومن وجهة نظره يحق له فرض قراراته والعودة إلى ما يشبه عام 2011”.
وشدّد على أن “(الإدارة الذاتية) موجودة منذ عشر سنوات، وعليهم تقبّلها دستوريًا، وبالنسبة إلى الملف العسكري وأقصد (قسد) و(قوى الأمن) أسايش، لا بد للنظام أن يعترف بهما، لكن النظام غير مستعد لتلك الخطوة بعد”.
وذكر عبدي أن “التوصل إلى حل لن يتحقق إلا بفرض ضغط مستمر من قبل الأطراف الدولية على نظام الأسد، ونحن نؤمن أنه في حال حدوث اتفاق بين شرق الفرات وغربه وبرعاية دولية، فإن كل المشكلات في سوريا ستُحل تباعًا”.
الباحث سامر الأحمد يعتقد أن لا “كروت” في جعبة “الإدارة الذاتية”، إذ تراهن على الوقت فقط، أي أنها تراكم وقتًا إضافيًا في إدارتها لشمال شرقي سوريا بهدف ترسيخ “سلطة الأمر الواقع”.
وأضاف أن “الإدارة” لا تراهن فعليًا على تغيرات جذرية بموقف النظام بل ربما تراهن على بعض الضغوط الاقتصادية التي قد تدفع بالأخير للجوء لها بهدف تخفيف الأزمة الاقتصادية والاستفادة من موارد الشرق السوري.
وعلى الجانب الآخر، يعي النظام حاجة “الإدارة الذاتية” للوقت، ومن المستبعد أن يتخذ خطوات ترغب بها “الإدارة”، وفق الباحث.
دعوات روسية للحوار
شهد عام 2021 دعوات روسية لبدء حوار بين النظام السوري و”الإدارة الذاتية”، إذ قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن بلاده مستعدة لتسهيل الحوار بين الطرفين، شرط أن يحافظا على ما أسماه “مواقف متماسكة”.
وأضاف أن الولايات المتحدة (وهي الداعم الرئيس لـ”الإدارة الذاتية) “تدفع جزءًا كبيرًا من الكُرد السوريين نحو الانفصالية”.
عقب الطرح الروسي، رحّبت “الإدارة الذاتية” بالوساطة الروسية لتحقيق الحوار مع النظام، وأكدت في بيان أن الأزمة السورية لا يمكن حلها إلا عن طريق الحوار والتفاهم السوري- السوري، بحسب تعبيرها.
وفي تشرين الثاني 2021، نفى المتحدث باسم “الإدارة الذاتية”، لقمان أحمي، وجود أي حوار بين “الإدارة” والنظام ، موضحًا أن ما يشاع حول ذلك “بعيد كل البعد” عن الحقيقة.
وأضاف أحمي، خلال مؤتمر صحفي في تشرين الثاني 2022، أن “الإدارة الذاتية” منفتحة للحوار مع كل الأطراف “لحل الأزمة السورية سلميًا وديمقراطيًا بما يضمن حقوق مكوّنات الشعب في شمال شرقي سوريا”.
وخلال الشهر ذاته، بحث لافروف مع الرئيسة التنفيذية لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، إلهام أحمد، التسوية السياسية في سوريا.
ويعتبر “مسد” مظلة سياسية لـ”الإدارة الذاتية” و”قسد” بحسب ما يعرف عن نفسه عبر موقعه الرسمي في النسخة المطروحة باللغة الكردية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها حينها، إنه “جرى بحث التطورات في سوريا مع التركيز على الوضع في شمال شرقي البلاد. وأُعير اهتمام خاص لمهمة تفعيل التسوية السياسية في سوريا على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254)، وإعادة تأهيل اقتصادها ومجالها الاجتماعي، وعودة اللاجئين والنازحين وتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :