“الإفطار الأخير”.. خيالات الفراق والخذلان
يدخل سامي (عبد المنعم عمايري) في حالة من التخبط والصدمة الناتجة عن وفاة مفاجئة لزوجته رندا (كندا حنا).
منذ المشهد الأول، يركز مخرج فيلم “الإفطار الأخير”، عبد اللطيف عبد الحميد، على المصيبة التي تنتظر سامي، عبر مشهد إبريق شاي شفاف يغلي بداخله الماء.
سرعان ما تبوح رندا بمخاوفها، وتخبر زوجها بعد أعدّت فطوره بأنها ستموت، وأنه سيتزوج بعدها، وبرد فعل طبيعي يطلب منها سامي أن تنسى الأفكار السوداء.
خلال مشاهد أولى لا تتجاوز مدتها خمس دقائق، كشف الفيلم عن بعض سمات الشخصيتين، التردد، القسوة، الخوف، صفات أصيلة لدى سامي ورندا.
شكّلت وفاة رندا صدمة لسامي لم يعرف كيف يخرج منها، وهنا الحبكة الأساسية التي يقوم عليها الفيلم، كيف يمكن التعامل مع ألم الفراق والخذلان الناتج عن الموت، فكل الطرق تؤدي إلى النتيجة نفسها.
فكّر سامي بالانتحار، إلا أن سلسلة من الأحداث تدفعه للبقاء على قيد الحياة، ومحاولة التخلص من إرث زوجته وخيالها الذي يلاحقه في كل مكان، بما في ذلك قرارات متسرعة نتائجها لن تكون في مصلحته بطبيعة الحال.
يحفز الفيلم مشاهده على التفكير بأجوبة لمجموعة من الأسئلة، كيف تتعامل مع الخذلان، وكيف يتم تجاهل سبب الوجع والألم مع وجوده اليومي، وكيف يمكن أن يتعامل الإنسان مع الظروف القاهرة الخارجة عن إرادته، علمًا أن هذه الظروف ليست مرتبطة بالموت فقط، بمعنى لو أن الطلاق هو ما فرّق بين سامي ورندا لما اختلف الأمر كثيرًا، طالما أن نفسية البطل ومشاعره هي التي تتحكم بالأمر.
لا يعدّ “الإفطار الأخير” أفضل أفلام عبد الحميد إذا ما قورن بغيره من أفلامه الـ14 المتبقية، التي حملت في بعضها عمقًا اجتماعيًا في طرح القضايا.
وكعادة المخرج الراحل، حاول إيجاد مساحة للكوميديا، إلا أن السواد المحيط بالبطل والقصة لا يجعل من كوميديا الموقف ولا الجمل المحكية قادرة على خلق التوازن المطلوب.
الفيلم من بطولة عبد المنعم عمايري وكندا حنا وكرم شعراني وراما حسن، وعُرض للمرة الأولى في 2021، وكتبه وأخرجه عبد اللطيف عبد الحميد.
من عبد اللطيف عبد الحميد؟
يعد عبد اللطيف عبد الحميد من أكثر المخرجين السينمائيين إنتاجًا، مع إخراجه لـ15 فيلمًا سينمائيًا، كان آخرها “الإفطار الأخير”.
درس السينما في روسيا، وأخرج أول أفلامه “ليالي ابن آوى” في عام 1988.
بعد ثلاث سنوات من “ليالي ابن آوى”، عُرض فيلم “رسائل شفهية” في عام 1991، وهو أحد الأفلام الأكثر شهرة في السينما السورية، ويحكي قصة شاب ريفي خجول يرسل رسائل إلى جارته عبر شاب آخر.
بعد أربع سنوات من “رسائل شفهية”، قدم عبد الحميد فيلم “صعود المطر” الذي يحكي عن كاتب مبدع يعاني من أزمات عدة، دخل فيه المخرج في دماغ الكاتب محاولًا إلقاء الضوء على الأزمات الاجتماعية، على رأسها الفقر.
توالت أفلام عبد الحميد، وأخرج أفلام “نسيم الروح” 1998، و”قمران وزيتونة” 2002، و”متر مربع” و”ما يطلبه المستمعون” (كلاهما في 2003).
في 2007، عرض فيلمه “خارج التغطية”، الذي روى فيه حكاية حب معقدة بين صديق مخلص لصديقه المعتقل، وزوجة الأخير، علاقة حب محرمة نتجت عن الحرمان والفراغ العاطفي والأزمات.
وطيلة مسيرته السينمائية، حاز عبد الحميد 15 جائزة محلية ودولية، أولاها جائزة “الزيتونة الذهبية” من مهرجان حوض المتوسط في جزيرة كورسيكا، عن فيلم “ليالي ابن آوى”، وآخرها جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان دمشق السينمائي 2008.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :