قضت محكمة فرنسية مساء اليوم، الجمعة 24 من أيار، بالسجن مدى الحياة بحق ثلاثة مسؤولين في النظام السوري، كانت تجري محاكمتهم غيابيًا في باريس، بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وأصدرت محكمة الجنايات في فرنسا حكمًا بالسجن المؤبد على كل من المدير السابق لمكتب الأمن الوطني، اللواء علي مملوك، والمدير السابق لـ”المخابرات الجوية”، جميل حسن، والمدير السابق لفرع التحقيق في “المخابرات الجوية”، عبد السلام محمود.
وصفق الحضور في قاعة المحكمة للقضاة عند سماع الحكم، وفق ما ذكرت وكالة “رويترز“.
وطالبت المحامية العامة أمام محكمة الجنايات في باريس، بإبقاء مفاعيل مذكرات التوقيف الصادرة بحق المسؤولين الثلاثة مسبقًا.
“محاكمة تاريخية”
تدور القضية التي جرت محاكمة مسؤولي النظام الثلاثة بسببها، حول اختفاء سوريين يحملان الجنسية الفرنسية، وهما مازن الدباغ وابنه باتريك، اللذين اعتقلهما أفراد إدارة المخابرات الجوية في دمشق، منذ تشرين الثاني 2013، إلى أن تلقى ذووهما خبر وفاتهما في السجن عام 2018.
وقال عبيدة الدباغ، وهو شقيق مازن وعمه باتريك، “أشعر بعاطفة شديدة. لقد كان الحكم الذي كنت أنتظره. إنها محاكمة تاريخية، وستشكل سابقة قانونية للقضايا المستقبلية”، وفق ما ذكرته “رويترز”.
رغم صدور قرار من المحكمة الفرنسية بالحكم على المتهمين بالسجن المؤبد، قلل كثيرون من أهمية هذا القرار، كون الحكم كان غيابيًا، والمسؤولون الذين جرت محاكمتهم موجودون خارج الأراضي الفرنسية.
لكن المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل العدالة والحقيقة”، بسام الأحمد، أكد لعنب بلدي أهمية محاكمة مسؤولي النظام في فرنسا ولو غيابيًا، مشيرًا إلى أن هذا الحكم يبعث برسالة مهمة لكل من ارتكب انتهاكات من قبل النظام السوري، أن هذه الانتهاكات لن تسقط بالتقادم، والضحايا لن يسكتوا عن حقوقهم”.
وأضاف الأحمد الذي عمل على هذه القضية مع “الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان”، في حديثه لعنب بلدي، أن “الحكم خطوة أيضًا لتسليط الضوء على الانتهاكات التي يرتكبها النظام بحق آلاف المعتقلين، وذلك من خلال سماع القاضي الفرنسي شهادات عدة شهود كانوا معتقلين”.
وتحدث المعتقلون أمام القاضي عن التعذيب الذي يمارسه الأسد بحق السجناء.
ولفت الأحمد إلى أن هذه المحاكمة رغم أنها غيابية تعتبر “إحدى المحاكمات التاريخية من أجل تحقيق العدالة”.
محاكمة على مدار أيام
جلسات المحاكمة جرت على أربعة أيام وفق ما رصدته عنب بلدي، إذ كانت أولى الجلسات الثلاثاء 21 من أيار، وجرى خلالها استدعاء الشهود والخبراء وإدلاء أحد الأشخاص بشهادته أمام القاضي، إضافة إلى شهادة الخبير الفرنسي فرانسوا بورجا، ومؤلفة كتاب عملية قيصر جرانس لو كازن.
في اليوم الثاني قدمت رئيسة الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، كاترين ماركي أويل، شهادتها أمام المحكمة، إلى جانب شهادة فيرونيك ساديس، وهي ضابطة شرطة من مركز مكافحة الجرائم ضد الإنسانية، وشهادة أحد الأشخاص، إضافة إلى عرض عشر صور من ملف “قيصر”، وتُظهر الصور جثث معتقلين هزيلين تبدو عليهم آثار التعذيب.
وشهد اليوم الثالث إدلاء ذوي الضحايا وهما عبيدة الدباغ وحنان الدباغ بشهادتهما أمام القاضي، إلى جانب شهادة مدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مازن درويش، وشخصين آخرين.
أما اليوم الرابع والأخير، شهد مرافعات محامي ذوي الضحايا، ومطالبات من المحامي العام، ثم النطق بالحكم من القاضي.
وسبق أن صدرت مذكرة توقيف بحق المسؤولين الثلاثة من قبل القضاء الفرنسي قي 5 من تشرين الثاني 2018، لكنّ المذكرة لم يترتب عليها حينها أثر ملموس في ظل وجود العديد من الثغرات القانونية.