حرق “الفريكة” بإدلب.. تكاليف مرهقة ومزادات لحجز الطرقات

حرق محصول القمح قبل نضجه لتحضير مادة "الفريكة" في ريف إدلب الشرقي- 7 من أيار 2024 (عنب بلدي)

camera iconحرق محصول القمح قبل نضجه لتحضير مادة "الفريكة" في ريف إدلب الشرقي- 7 من أيار 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – إدلب

منذ توقف العمليات العسكرية من معارك وفتح جبهات شمال غربي سوريا، عقب اتفاق “موسكو” أو اتفاق “وقف إطلاق النار” في 5 من آذار 2020، انحسرت الرقعة الجغرافية في المنطقة، وخسرت فصائل المعارضة أراضي واسعة.

منذ ذلك الحين، ظهرت حالة “حجز” الطرقات في إدلب مقابل مبالغ من قبل مزارعين وتجار لأجل حرق “الفريكة” (عملية حرق محصول القمح قبل نضجه) بعد التواصل مع المجالس المحلية في كل منطقة، وهي حالة لم تكن معتادة سابقًا.

عملية “الحجز” تلك تختلف معاييرها، إذ تخضع لمزاد وينتهي المطاف بها إلى من يدفع أكثر، ما يعني تكاليف إضافية على المزارعين، بينما يجبر بعضهم على المجازفة لتحصيل عشرات الأمتار، ومقارعة “أصحاب المال” كي لا يفوتهم الموسم، وفق مزارعين التقتهم عنب بلدي.

الطريق لمن يدفع أكثر

مزارع رفض ذكر اسمه خوفًا من تضرر أعماله في الموسم المقبل قال لعنب بلدي، إن “حجز” طرقات الأسفلت لا يعني إغلاقها كليًا أو حتى جزئيًا، إنما أخذ مساحة طولية منها بشكل يسمح بمرور الآليات والسيارات، لافتًا إلى أن سعر “الحجز” يختلف بين منطقة وأخرى.

ويختلف المبلغ المدفوع بحسب المسافة التي يأخذها المزارع من الطريق، ويدفع المزارع أو التاجر مقابل مساحة من طريق تتسع لفرش سنابل القمح المزروعة في أرض مساحتها من 20 إلى 30 دونمًا مبلغًا يتراوح بين 1000 و1500 دولار أمريكي.

ويدفع المزارع أو “الضمّان” مبالغ مقابل تأمين مكان لحرق “الفريكة” في جزء من الطريق أو كما يسمى “مفرش”، وتتراوح بين 200 و500 دولار لمساحة تناسب فرش هكتار من القمح، ويستخدم المزارع هذه المساحة لحين انتهاء موسم “الفريكة” الذي يبدأ في الأسبوع الأول من شهر أيار في كل عام، ويستمر من 15 إلى 25 يومًا.

وذكر المزارع لعنب بلدي أن المزاد يبدأ على الطرقات قبل 20 يومًا من بدء الموسم، ويضع التجار الكبار أو ما وصفهم بـ”حيتان السوق” يدهم على الطرقات الواسعة، مثل أجزاء من طريق حلب- اللاذقية (4M)، قرب مدينة سرمين وأريحا جنوبي إدلب.

وأوضح المزارع أن هذه التكلفة لم تكن بالحسبان قبل أربعة أعوام، لتضاف إلى أجور اليد العاملة، والنقليات، والغاز، ونسبة مقاول البيع (الكمسيون)، و”الدرّاسة” (آلة عزل الحبوب عن القش)، والأسمدة والسقاية.

مناطق دون أخرى.. تنظيم برضا المزارع

بحسب ما علمته عنب بلدي، فإن تأجير الطرقات ليس موجودًا في كل مناطق إدلب حيث تسيطر حكومة “الإنقاذ”، فمثلًا لا يمكن للمزارعين أن يشغلوا أجزاء من الطرقات الرئيسة أو الفرعية أو الأرصفة، ولا تسمح بلدية المنطقة بذلك.
ولا يوجد قرار رسمي من حكومة “الإنقاذ” بفرض مبالغ على حجز الطرقات، إنما صدر عن المجالس المحلية التي لها هامش إصدار بعض القرارات في مناطقها حسب المعطيات المتوفرة لديها.

وبحسب توضيح من إدارة المنطقة الوسطى (تشمل بلدات شرقي إدلب)، ردًا على أسئلة وجهتها عنب بلدي حول آلية تحديد إيجار هذه الأماكن، واختلافها من مكان لآخر، وعلى ماذا تعود هذه المبالغ، فإن عملية تأجير الطرقات للمزارعين أتت من منطلق “تنظيم إشغال هذه الطرقات”.
ووفق التوضيح، فإن المزارعين مضطرون إلى حرق “الفريكة” على الطرقات المعبدة لإنتاج محصول جيد، وهذا الأمر أدى إلى وقوع مشكلات بين المزارعين والأهالي بسبب حرق “الفريكة” بجانب الأراضي الزراعية، ما يهدد باحتراقها لقرب النار منها.

غياب “الحجز” أدى إلى وقوع مشكلات بين المزارعين أنفسهم، بسبب رغبة كل منهم بأخذ الطريق الأكبر والأوسع، بالإضافة إلى وجود عشوائية بالحرق أو استخدام طرق حيوية، ما يعرض المزارع والمدنيين المارّين على الطرقات لخطر الحوادث المرورية، وفق التوضيح.

هذه الأسباب دفعت البلديات إلى تنظيم الأمر، لأن البلدية هي المعني الأول بالطرقات وتنظيمها وصيانتها، فحددت الطرق الصالحة للحرق، وجمعت المزارعين الذين يرغبون باستخدام هذه الطرق، ووضعت إيجارًا رمزيًا مقابل الاستخدام، ونظمت بين المزارعين مزادًا علنيًا.

وفق توضيح “إدارة المنطقة”، فإن المزارع يزيد ويأخذ الطريق حسب أهميته بالنسبة له، وحسب مقدرته المادية، وبكامل رضاه دون أي إجبار أو إلزام، وذلك ضمن عقود تضمن حق المزارع وتضمن عدم إلحاق الضرر بالجوار، وعدم إلحاق الضرر بالطريق نفسه، لأن الطريق كما هو معروف بعد الحرق يتعرض لتصدعات تنقص من عمر الأسفلت، ليصبح على مدار السنوات بحالة فنية سيئة.

وتعود هذه المبالغ لإصلاح هذه الطرقات أو إصلاح الطرقات السيئة في نفس البلدة التي تم تأجير الطرقات فيها، وفق التوضيح.
وتسيطر “الإنقاذ” المؤلفة من 11 وزارة على مفاصل الحياة في محافظة إدلب وريف حماة الشمالي، وجزء من ريف حلب الغربي، خدميًا وإداريًا، في حين تسيطر “هيئة تحرير الشام” على المنطقة بشكل غير مباشر اقتصاديًا وخدميًا، وترافق ذلك مع اتهامات بوقوف “الهيئة” خلف عديد من المشاريع التي وُصفت بـ”الاحتكارية”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة