وفاة فايز قوصرة.. مؤرخ إدلب وإرثها الثقافي
توفي المؤرخ والباحث الثقافي السوري فايز قوصرة عن عمر يناهز الـ79 عامًا، في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، ليرحل تاركًا خلفه إرثًا ثقافيًا وتاريخيًا.
وتقام صلاة الجنازة على قوصرة اليوم، الخميس 23 من أيار، في جامع “الفرقان” في حي الضبيط وسط مدينة إدلب، ثم يدفن فيها بعد مسيرة طويلة من توثيقه لتاريخ المدينة ومواقعها الأثرية.
وفي 5 من أيار الحالي، ذكر القائمون على صفحة فايز قوصرة في “فيس بوك” إنه يعاني من مرض شديد أقعده وجعله في غيبوبة كاملة، مع دعوات له بالشفاء والسلامة.
“إيمان بالنجاح”
بدأ قوصرة مشواره الثقافي متأثرًا بجد أمه المؤرخ والمؤلف محمد راغب الطباخ، صاحب سيرة “إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء”، مستمدًا منه خبرة سادت أجواء العائلة والمنزل، بحسب ما قال قوصرة في حديث سابق لعنب بلدي.
درس المؤرخ السوري المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدينة إدلب، وتابع تحصيله الجامعي في جامعة “دمشق”، التي حاز فيها على إجازة بالتاريخ وأخرى بالدراسات الفلسفية والاجتماعية.
لكن نشاطه الثقافي لم يبدأ بعد تخرجه في الجامعة، بل التحق بالمركز الثقافي الذي افتتح في إدلب عام 1960، وحينها كان قوصرة طالبًا مدرسيًا، وهناك وجد البيئة التي تشبع اهتماماته الثقافية متعمقًا في مجال آثار إدلب، لينشر أول مقال له بعنوان “إيمان بالنجاح” في مجلة “الخمائل” الحمصية والتي عمل مراسلًا لها عام 1962.
أشهر مؤلفاته
أول المؤلفات الخاصة بالمؤرخ فايز قوصرة صدرت عام 1984 بعنوان “الرحالة في محافظة إدلب”، لتبدأ بعدها سلسلة من المؤلفات والمراجع التي أصبحت إرثًا ثقافيًا ومرجعًا لكل من يرغب بالاطلاع على تاريخ إدلب وحضارتها.
ومن بين هذه المطبوعات:
“من إيبلا إلى إدلب”، وهو مجلد ضخم يحوي أكثر من 140 وثيقة وصورة، في 422 صفحة.
“الثورة العربية في الشمال السوري.. ثورة إبراهيم هنانو”، الكتاب الصادر عن وزارة الثقافة السورية.
“التاريخ الأثري للأوابد العربية الإسلامية في محافظة إدلب”، والفائز بالجائزة الأولى في مسابقة جمعية العاديات في حلب عام 2004.
“قلب لوزة درة الكنائس السورية”، الصادر باللغتين العربية والإنكليزية.
“حصن شغرـ بكاس”، وهو حصن استعصى على صلاح الدين الأيوبي الذي حاصره ستة أيام، حيث وثق الباحث معلومات عنه وأكد على أهميته الأثرية والتاريخية.
“عرب على عرش روما”، يروي فيه قصص سبعة أمراء عرب حكموا روما.
“إدلب البلدة المنسية”، كتاب على أجزاء فيه حال السكان والزوايا والتكايا والمساجد والمقابر منذ القدم حتى تاريخ الوحدة بين سوريا ومصر، والتغييرات التي طرأت على إدلب في التاريخ الحديث.
“أنطاكية العاصي” عن واقع انطاكيا الأثري وسورها وأبوابها ونهر “العاصي”.
“دفنة في التاريخ الأثري/ حربيه” ، و”حارم دمشق الصغرى”، و”أضواء جديدة في تاريخنا الأثري” و”جولة في متحف إدلب”، و”آثارنا في لوحات فوغوية”، و”شهبا في التاريخ الأثري”.
في 2018، تحدث فايز قوصرة لعنب بلدي عن صعوبات عدة واجهته خلال سنوات الحرب التي عاشتها سوريا، مشيرًا إلى أن الأوضاع الأمنية والمعيشية والجو النفسي السائد لدى الكثير من السوريين أدى إلى تقويض عمله في مجال الثقافة.
وكان المؤرخ السوري مصرًا على مواصلة ما بدأ به منذ صغره، مكرسًا جهوده داخل المركز الثقافي في إدلب، الذي أعيد تأهيله في 2018.
“النزاع الأخير”
في تموز 2023، فاز فيلم “النزاع الأخير” بالجائزة الكبرى في مسابقة “الجزيرة الوثائقية للفيلم القصير 2023″، والذي تناول مشكلة تهميش وإهمال التراث السوري سواء قبل الثورة السورية أو بعدها.
كان المؤرخ السوري فايز قوصرة شخصية أساسية في الفيلم الذي سُجل الفيلم في الشمال السوري، وعُرض لأول مرة في 22 من حزيران الماضي، وهو من إخراج وتصوير الشاب السوري علاء سيد عيسى.
وينظر قوصرة إلى الآثار على أنها غنى يجب أن لا يُنظر إليها نظرة عنصرية، إنما بنظرة تراثية إنسانية، لأن الإنسان القديم كان بناءً، بنى حضارة عظمى، والآثار تعطي ربطًا للإنسان بتراثه وبأرضه، وبأن الناس في إدلب “أبناء أسلاف صالحين بنوا حضارة ولم يدمروا حضارة”.
“حين لا أقرأ أو لا أكتب أشعر أنني مريض”، وصف قوصرة تعلقه بالقراءة والكتابة، وحبه لآثار الشمال السوري، وقال إنه شاهد غنى الشمال بالمواقع الأثرية لذلك اتجه إلى علم التاريخ، معتبرًا أن شمال سوريا أغنى المواقع الأثرية في كل سوريا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :