دير الزور.. قطاع تعليمي متهالك ومدرسون يفتقدون الخبرة

من أحد الصفوف التعليمية في مدرسة ابتدائية شرقي محافظة دير الزور- 2 من آذار 2022 (نورث برس/ لقطة شاشة)

camera iconمن أحد الصفوف التعليمية في مدرسة ابتدائية شرقي محافظة دير الزور- 2 من آذار 2022 (نورث برس/ لقطة شاشة)

tag icon ع ع ع

انتهى العام الدراسي في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” بمحافظة دير الزور شرقي سوريا قبل أيام، وسط استمرار الانتقادات للمناهج التعليمية المطروحة، وجودة التعليم المقدم من قبل سكان المنطقة.

عائلات لطلاب في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، يعتقدون أن التعليم في المنطقة لا يؤتي ثمارًا، ولا يؤمنون بجدوى استمرار تعليم أبنائهم في مدار المنطقة، وفق ما قاله بعضهم لعنب بلدي.

وتلعب الظروف المعيشية دورًا يجبر الأهالي على العمل لساعات طويلة لتأمين احتياجات عائلاتهم، ما يقلل من الوقت المتاح لمتابعة تعليم أبنائهم، إضافة إلى انعدام الأمن ما يشكل عائقًا أمام إرسال أطفالهم إلى المدرسة خوفًا من الحوادث الأمنية المتكررة في المنطقة.

وحولت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بعض المدارس في المنطقة إلى مقار عسكرية، ما زاد من مخاوف السكان من الأحداث الأمنية بالمنطقة.

وإلى جانب ما سبق، تعاني مدارس المنطقة من تردٍّ في البنى التحتية، والمستلزمات الضرورية لإتمام العملية التعليمية، وفق ما قاله معلمون من أبناء المنطقة لعنب بلدي.

المنهاج أضعف العملية التعليمية

التقت عنب بلدي مجموعة من أهالي المنطقة كان منهم محمود العلي، قال إن المناهج الدراسية الحالية المقدمة من قبل الأمم المتحدة غير مناسبة للطلاب، إذ تتكرر نفسها في كل مستوى دراسي، وتعتمد على التعلم الذاتي، ما يضع عبئًا على الطلاب.

ويوجد في المنطقة منهاج ثانٍ وضعته “الإدارة الذاتية” وفق ما قاله جاسم العبيد وهو من سكان المنطقة، لكنه “مخالف للشرع الإسلامي” وغير قابل للتطبيق في دير الزور، كون المهاج لا يتناسب مع ثقافة المنطقة.

ويعتقد جاسم أن المنهاج السوري الذي أقر عام 2013، أفضل من المناهج المطروحة في مدارس المنقطة، إذ يستوفي كامل الشروط التعليمية لكل المراحل.

ونتيجة لعدم إيمان الأهالي بالمناهج التعليمية المطروحة، يضطر بعضهم لإرسال أبنائهم إلى معاهد تحفيظ القرآن لتعليمهم القراءة والكتابة.

وعلى الرغم من حاجة دير الزور إلى التعليم الذي تراجع مستواه منذ سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على المحافظة منتصف عام 2014، امتنع بعض الأهالي عن إرسال أبنائهم إلى المدارس، احتجاجًا على محاولات “الإدارة الذاتية” تغيير المنهاج، على حساب نقص الدعم الذي يعانيه القطاع التعليمي فيها.

ولم تحاول “الإدارة الذاتية” التي تدير مناطق شرق الفرات خلال السنوات الماضية تحسين الخدمات، أو حتى بناء مدارس تستوعب بعض الطلاب في دير الزور، بل ركزت على إعادة تقييم المنهاج التعليمي المتوفر، وإعادة طرح آخر جديد يعلّم الطلاب فلسفة مؤسس حزب “العمال الكردستاني” (PKK)، عبد الله أوجلان.

فرض المنهاج التعليمي الجديد اعتبره سكان المحافظة مسيئًا لثقافتهم، وآخرون يرونه “مسيئًا للدين”، ما دفع للاعتراض بإضرابات واحتجاجات منتصف عام 2022.

كادر تعليمي “ضعيف”

ينظر أهالٍ من المنطقة ومنهم معلمون إلى الكادر التعليمي في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” على أنه غير مؤهل، ويحتاج إلى دورات تدريبية أكثر للنهوض بمستوى التعليم في المنطقة.

عبد المنعم الظاهر هو معلم في إحدى مدارس ريف دير الزور الشمالي، قال لعنب بلدي، إن المعلمين يعانون من نقص التدريب، ما يؤثر على قدرتهم في إيصال المعلومات للطلاب.

وأضاف أن قلة رواتب المعلمين تدفعهم للبحث عن فرص عمل أخرى، بالتالي عدم التركيز على عملهم كمدرسين، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها المنطقة.

من جهته، جابر الخليف، وهو معلم في مدرسة ببلدة هجين شرقي دير الزور قال لعنب بلدي، إن المعلمين يبذلون قصارى جهدهم في ظل ظروف أمنية واقتصادية صعبة خاصة بعدما شهدته المنطقة من عمليات عسكرية أدت إلى تعطيل العملية التعليمية في العديد من المدارس وفي بعض المناطق حُرم الطلاب من عام دراسي كامل.

وأضاف أن نقص الموارد شكل أيضًا عبئًا إضافيًا، فالمدارس تفتقر لأبسط مقومات العملية التعليمية، مثل الكتب والمقاعد والأدوات المدرسية، ما يُؤثر سلبًا على جودة التعليم ومستقبل الطلاب، وعلى الرغم من هذه التحديات، يحاول المعلمون تقديم أفضل ما لديهم لطلابهم.

مصدر مسؤول في اتحاد المعلمين بدير الزور تحفظ على ذكر اسمه كونه لا يملك تصريحًا بالحديث لوسائل الإعلام، قال لعنب بلدي إن العملية التعليمية تحتاج متابعة للوصول إلى مستوى ناجح.

وأضاف أن فئة قليلة من المدرسين يهتمون بعملهم، ويعود ذلك لقلة الخبرات، وانتقاء ضعاف الكفاءة والخبرة، كما أن المدارس تفتقر لمستلزمات أساسية، حتى إن بعضها يحتاج إلى سور يحيط بها بالدرجة الأولى ناهيك بالمقاعد الدراسية المفقودة، والبنى التحتية المتعلقة بالصحة.

مقار عسكرية

مع نشوب مواجهات مسلحة في دير الزور منتصف العام الماضي، استولت “قسد” على مدرسة المرحلة الابتدائية في قرية الصبحة شرقي دير الزور، ما أدى إلى انقطاع أطفال المنطقة عن الدراسة حتى اليوم، إذ صارت مقرًا عسكريًا يظهر المسلحين على سطحها بين الحين والآخر، بحسب ما أفاد مراسل عنب بلدي في المنطقة حينها.

تبع ذلك إجراءات مماثلة أطلقتها “قسد” في المنطقة، فحولت العديد من المدارس إلى مقار عسكرية، ثم أخلت بعضها لاحقًا.

وفي أثناء الحملة الأمنية التي شنتها “قسد” على المنطقة التي انتفضت بعد اعتقال قائد “مجلس دير الزور العسكري”، أحمد الخبيل، على يد “قسد”، استولت الأخيرة على 21 مدرسة وحولتها إلى نقاط عسكرية، بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“.

ووفقًا لأحدث إحصائية في 10 من آب 2023، صادرة عن “هيئة التربية والتعليم” في “الإدارة الذاتية”، بلغ عدد الطلاب المتوقع التحاقهم بالمدارس نحو 864 ألف طالب وطالبة، تحت إشراف ورعاية أكثر من 43 ألف معلم ومعلمة.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة