ما تأثير مصرع الرئيس الإيراني على سياسة طهران في سوريا
توجه المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، في خطابه إلى الداخل الإيراني، مع بداية تبدد الآمال بإنقاذ الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ومرافقيه، الذين سقطت طائرتهم في أذربيجان، مطمئنًا إياهم بأن آلية الحكم في البلاد ستجري بشكل سليم، ولن يؤثر مصرع الرئيس الإيراني إثر الحادث على إدارة البلاد.
ولأن طهران لا تعترف رسميًا بنفوذها في الخارج، وتحديدًا في سوريا والعراق ولبنان، لم يتضح بعد فيما إذا كانت وفاة رئيسي ورفاقه، قد تترك أثرًا على نفوذ إيران في البلدان العربية، أو طريقة إدارة هذا النفوذ فيها.
ولم يتأخر النظام السوري من جانبه بإعلان تضامنه مع إيران بعد الإعلان عن وفاة المسؤولين الإيرانيين، إذ أعلن الحداد الرسمي العام لمدة ثلاثة أيام، ونكس الأعلام في جميع أنحاء البلاد، والسفارات والهيئات الدبلوماسية في الخارج، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وأعلنت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم، الاثنين 20 من أيار، مصرع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، إثر تحطم مروحية كانت تقلهما برفقة مسؤولين آخرين في محافظة أذربيجان الشرقية.
وجرى الإعلان من “حرم الإمام الرضا”، وتبع ذلك اجتماع عاجل للحكومة الإيرانية.
هل ينعكس الحدث في سوريا
عند الحديث عن علاقة إيران بسوريا، يجري الحديث عن “الحرس الثوري الإيراني” واستخباراته الخارجية “فيلق القدس”، أو المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في الوقت الذي يقل فيه ذكر الرئيس الإيراني، أو الوجوه الدبلوماسية الأخرى.
الباحث بالشأن الإيراني محمود البازي، يرى أن بحث تأثير حادثة مصرع الرئيس ووزير الخارجية الإيرانيين، يتطلب النظر بآلية الحكم في إيران، وصناع القرار فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، وتحديدًا سوريا.
وأضاف الباحث الذي يقيم في طهران، لعنب بلدي، أن الملفات المتعلقة بالسياسة الخارجية الإيرانية تديرها مؤسسة “بيت المرشد”، ولجنة السياسات الخارجية الموجودة في البرلمان الإيراني، ومجلس الأمن القومي، و”الحرس الثوري” عبر أشخاص محددين، وتعتبر وزارة الخارجية مسؤولة عن تنفيذ السياسات التي تحددها المؤسسات السابقة.
ومنذ بداية تشكل ملامح الملف السوري، سلّمت إيران مفاصل إدارته لـ”الحرس الثوري”، وفق البازي، أي أن ما يحدده الأخير يعتبر السياسة المتبعة من جانب طهران في سوريا.
وكان قائد “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، المسؤول عن الملف السوري، ويكلّف ممثلين له في سوريا.
وقتل قاسم سليماني في غارة أمريكية طالته في العراق في كانون الثاني 2020.
ثم قتل واحد من أكبر المسؤولين عن الملف السوري، محمد رضا زاهدي، في نيسان الماضي، بغارة إسرائيلية استهدفت مبنى مجاورًا للقنصلية الإيرانية في دمشق.
الباحث محمود البازي، اعتبر أن صلاحيات قاسم سليماني كانت مطلقة في الملف السوري، إذ كان سليماني المسؤول حتى عن تنسيق زيارات الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى طهران، والدعم المالي والعسكري المقدم في سوريا، وشكل صلة الوصل ما بين سوريا ولبنان وإيران.
وأضاف أن تعاطي طهران مع دمشق لن يتغير بتغير الحكومات، سواء كانت إصلاحية أو أصولية، إذ لا تزال تدار من قبل الجهة نفسها.
وأشار البازي إلى أن أوج الأعمال العسكرية في سوريا كانت في ظل حكومة الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، وعقب ذلك جرى انتخاب إبراهيم رئيسي، لكن تعاطي طهران لم يتغير مع الملف السوري مع تغير الأفراد.
طهران فقدت مؤثرين
كان لوزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، حضور مستمرًا على الساحة السورية، إذ كان يتصدر أي حدث يربط بلاده مع دمشق تقريبًا، كما أنه لعب دورًا في تنسيق عمل ميليشيات موالية لإيران في سوريا بعد مقتل قاسم سليماني، بحسب ما يراه المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي.
وأضاف النعيمي، لعنب بلدي، أن مهام وزير الخارجية ترتبط دائمًا بدبلوماسية بلده، لكن لعبد اللهيان مسار مختلف، إذ سبق وزار ميليشيات موالية لإيران في لبنان، وأخرى في العراق.
وفي شباط الماضي، بحث الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، مع وزير الخارجية الإيراني التطورات السياسية والأمنية على خلفية العمليات العسكرية الحاصلة في قطّاع غزة الفلسطيني، بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي.
واعتبر النعيمي أن خسائر إيران المتكررة لقادة بارزين، وأشخاص مؤثرين في الملفات الخارجية قد تؤثر على صناعة السياسة الخارجية فيها، لكن حتى الآن لا يمكن اعتبار أن وفاة الرئيس الإيراني ووزير الخارجية حدثًا يمكن أن يؤدي إلى هذا التحول.
وفي 1 من نيسان الماضي، قتلت غارة إسرائيلية في العاصمة السورية دمشق، الجنرال الإيراني محمد رضا زاهدي، إلى جانب عسكريين إيرانيين آخرين كانوا برفقته، بحسب ما أعلنت عنه إيران رسميًا، وهم من المؤثرين البارزين في الملف السوري واللبناني من جانب إيران.
سبق ذلك في 25 من كانون الأول 2023، قصف طائرة إسرائيلية منزلًا في بلدة السيدة زينب بمحافظة ريف دمشق، ما أسفر عن مقتل “أحد أقدم مستشاري الحرس الثوري” في سوريا، رضي موسوي، وهو من المؤثرين الإيرانيين في سوريا.
تدار من “الدولة العميقة”
في الوقت الذي تملك فيه طهران آلية حكم معقدة، تعتبر فريدة من نوعها في العالم من حيث هيمنة المرشد الأعلى الإيراني على جزء واسع من مفاصل الحكم، لم يختلف الباحثون والخبراء على أن النفوذ وآلية التعاطي الإيراني في سوريا لن تتأثر بغياب إبراهيم رئيسي.
المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني، مروان فرزات، قال لعنب بلدي إن كل الملفات الأمنية ومنها سوريا، تدار من قبل “الدولة العميقة” في طهران وبشكل خاص من “الحرس الثوري”، بينما رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية هي سلطات تنفيذية تتغير كل عدة سنوات.
وأضاف أن السلطات التنفيذية تُحصر مهمتها في تنفيذ ما ترسمه “الدولة العميقة” من سياسات مع وجود هامش بسيط من حرية الحركة والمناورة لكن ضمن الاستراتيجية الموضوعة مسبقًا.
ويعتقد فرزات أن غياب رئيسي أو عبد اللهيان لن يغير تفاصيل المعادلة التي وضعها صناع القرار في طهران، كما هو الحال عندما قتل “مستشارا الحرس الثوري” النافذان في سوريا، ولم يكن لمقتلها أثر قابل للقياس.
المحلل المتخصص بالشأن الإيران اعتبر أن خسارة القادة العسكريين الإيرانيين إثر الهجمات الإسرائيلية قد تكون ذات أثر أكبر من خسائر الدبلوماسيين والسياسيين، إذ تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على آلية تنفيذ هذه المخططات التي ترسم في طهران أصلًا.
وينبغي إجراء انتحابات رئاسية في إيران في غضون 50 يومًا، بموجب الدستور الإيراني.
وقال المتحدث باسم المجلس، وفق ما نقلته وكالة “تسنيم”، إن الدستور نص على مثل هذه الحالات، فبعد وفاة الرئيس يتولى نائبه الأول صلاحيات الحكومة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :