الحسكة – مجد السالم
عبر دراجته النارية، يتنقل “الحجّام” علي الحسن (48 عامًا) المنحدر من ريف القامشلي من قرية إلى أخرى، لتلبية الطلبات التي ترده عبر الهاتف وتطبيق “واتساب” لعمل الحجامة.
وقال علي لعنب بلدي، إن هناك إقبالًا متزايدًا على الحجامة، فكل عام يكون العدد أكبر من سابقه، إذ يقبل على الحجامة أشخاص من مختلف الأعمار والشرائح.
ويشهد التداوي بالحجامة إقبالًا ملحوظًا من قبل السكان في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، في هذا الوقت من كل عام.
وتعد الحجامة عملية علاجية تعتمد على سحب الدم الفاسد والأخلاط الضارة من الجسم، والتي يمكن أن تكون سببًا بأمراض معينة، أو قد تتسبب فيما بعد بأمراض مستقبلية.
فوائد بأسعار “رخيصة”
قال علي، وهو حاصل على إجازة في اللغة العربية وإمام في مسجد بالمنطقة، إنه يعالج بالحجامة منذ نحو ست سنوات، وقد تعلم وتدرب عليها عن طريق أحد المعالجين المشهورين سابقًا في المنطقة.
وأضاف أنه من خلال خبرته مع أشخاص عولجوا بالحجامة فلها “فوائد عديدة”، مثل تخفيف آلام الظهر وآلام المفاصل، وآلام الصداع والصداع النصفي، وتسهم الحجامة في تحسين صحة العضلات والعظام وتعزيز عملها بشكل عام.
وبحسب علي، فإن الحجامة أظهرت فعالية في علاج بعض الأمراض التنفسية والهضمية، وتحسين صحة البشرة عن طريق تحفيز الدورة الدموية وتخليص الجسم من السموم، ومن الملاحظ أيضًا أنها تسهم في تحسين المزاج والنوم لدى الأشخاص الذين يخضعون لها، ما يعزز الشعور بالراحة النفسية والصحة العامة، حسب قوله.
وعن كيفية عمل الحجامة، ذكر علي أن وسائل وأدوات الحجامة تطورت مؤخرًا، فأصبحت تُستخدم أكواب خاصة معقمة لكل شخص، وبدلًا من استخدام النار لسحب الدم من الجسم أصبح هناك جهاز خاص لسحب الهواء، وخلق فراغ بين الأكواب والجلد لتحفيز الدم على الخروج (شفط الدم).
وذكر أنه يمكن عمل الحجامة في معظم أقسام الجسم، والأكثر شيوعًا في منطقة الظهر، حيث يوضع عدد من الأكواب بحسب رغبة الشخص من ثلاثة إلى ستة أكواب، وحتى في منطقة الرأس يمكن عمل حجامة، ويفضل عمل الحجامة في ساعات الصباح الأولى على معدة فارغة، حسب قوله.
ولا يطلب علي أجرة معينة لعمله في الحجامة، ويترك الأمر بحسب “قدرة الشخص على الدفع”، فبعد أن يتفق مع مجموعة أشخاص يتجمعون بعدها في منزل واحد لإجراء الحجامة.
ويدفع بعدها كل شخص من 25 ألفًا إلى 50 ألف ليرة سورية، وربما أقل من ذلك، فـ”الحجّام يحيي سنة نبوية ينال عليها أجرًا”، وإن كانت الأسعار رخيصة، وربما يجريها للبعض “مجانًا”.
قال “الحجّام” لعنب بلدي، إن بداية فصل الصيف هو الوقت المفضل للحجامة، وخلال شهر هناك نحو 150 شخصًا قاموا بعمل الحجامة من القامشلي والقرى المحيطة عنده، علمًا أن هناك أشخاصًا غيره يعملون في الحجامة، ولديهم أيضًا زبائنهم، كما توجد نساء تعمل في الحجامة أيضًا.
غلاء العلاج زاد الإقبال
رياض المطلق (50 عامًا) من القحطانية قال لعنب بلدي، إنه يجري الحجامة في كل عام، وهو “يشعر براحة جسدية ونفسية” تدفعه لأن يعيد التجربة بشكل دوري.
ويرى رياض ومثله آخرون أن الإقبال المتزايد على الحجامة بالإضافة إلى كونها “من السنة النبوية الشريفة”، فهو بسبب التوجه نحو الطب البديل والتداوي بالأعشاب بشكل عام بعد “غلاء فاحش” في أسعار المعالجات الطبية ومصاريف المستشفيات والأدوية.
وبحسب رياض، فإن البعض يتداوى بالحجامة من مبدأ “درهم وقاية خير ممن قنطار علاج”.
وبحسب ما علمته عنب بلدي من مراكز التجهيزات الطبية، فإن هناك إقبالًا على شراء أجهزة الحجامة في هذا الوقت من العام..
ويباع جهاز الحجامة (الشفَّاط) مع ستة اكواب بـ30 ألف ليرة سورية، ومع 12 كأسًا بـ50 ألف ليرة سورية.
وتبلغ أجور العمال اليومية في المنطقة نحو 40 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ الحد الأدنى لرواتب العاملين لدى مؤسسات “الإدارة الذاتية” مليونًا و40 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل 15350 ليرة).
ما رأي الطب
بحسب موقع “المعهد الوطني للصحة” الأمريكي، المتخصص بنشر المعلومات الطبية، فإن آلية عمل الحجامة لا تزال غير مفهومة تمامًا، ما أثار جدلًا واسعًا حول فعاليتها.
ويرى بعض الخبراء أن تأثيرها ناتج عن “التأثير الوهمي” فقط، بينما يرى آخرون أن لها فوائد حقيقية تستحق المزيد من البحث والدراسة.
ووفقًا لـ”المعهد الوطني للصحة”، تشير بعض الأدلة إلى أن الحجامة قد تحفز الشعور بالراحة والاسترخاء في الجسم، ما قد يسهم في تخفيف الألم، كما قد تساعد الحجامة على تحسين الدورة الدموية وإزالة السموم والفضلات من الجسم، ما قد يقلل من خطر الإصابة ببعض الأمراض، مثل تصلب الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية.
ويؤكد التقرير على الحاجة إلى المزيد من الأبحاث العلمية لفهم آلية عمل الحجامة بشكل أفضل وتحديد مدى فعاليتها في علاج مختلف الحالات الطبية.