عنب بلدي – رأس العين
انتهت قصة حب حسام الفياض (28 عامًا)، المنحدر من قرية الراوية غربي رأس العين، بعد أن طلبت عائلة الفتاة التي أحبها منه مهرًا بقيمة 2500 دولار، بالإضافة إلى تكاليف تجهيز البيت كاملًا.
وأوضح أن ظروف المنطقة الاقتصادية لا تساعد نهائيًا على جمع هذا المهر، حيث لا توجد أعمال ذات دخل عالٍ توفر المال لجمع تكاليف الزواج.
ويواجه الشباب في مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة تحديات في تأمين تكاليف الزواج، من سكن ومجوهرات ومهر، بالإضافة إلى تحضيرات العرس نفسه وتبعاته.
هذه التحديات تزداد تعقيدًا مع ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستوى الدخل، وتقلص الفرص الوظيفية في منطقة تعتمد على قطاع واحد للدخل وهو الزراعة، ما يدفع الشبان لتأجيل فكرة الزواج.
المهر بالدولار
تحرص معظم العائلات في رأس العين على تسجيل مهور بناتها بالدولار الأمريكي، إثر انخفاض قيمة الليرة السورية التي يعادل كل 15000 ليرة منها دولارًا أمريكيًا.
صعوبات اقتصادية تترافق مع أخرى مرتبطة بالعادات والتقاليد، إذ لا تزال بعض العائلات تعتقد أن الزواج السهل (دون تكاليف) يمكن أن يؤدي إلى انفصال وطلاق سهل.
قال حسام، إن رأس العين تعتمد على الزراعة، وعند جني المحصول سابقًا كان الشباب يتزوجون، لكن مع تراجع مردود الزراعة، صار من المستحيل توفير شروط أهل الفتاة التي يحبها.
وأشار إلى ضرورة تقدير الأهالي لأوضاع الشباب في رأس العين، وتسهيل أمور الزواج للشباب من خلال طلب تكاليف ومهور مناسبة للوضع الاقتصادي والمعيشي.
وتتراوح أجور المياومة بين 30 ألفًا و40 ألف ليرة سورية (ما يقارب دولارين ونصفًا)، وتختلف حسب عدد ساعات العمل ونوعية المهنة، سواء كانت زراعية أو إنشاءات.
لا تفكير بالزواج
إبراهيم السلطان (35 عامًا)، لم يفكر في الزواج حتى الآن بسبب عدم توفر المال اللازم، وأوضح أنه يعمل على دراجته النارية لنقل الطلبات، وأجرته اليومية لا تتجاوز الـ50 ألف ليرة سورية، وهي بالكاد كافية لمصاريفه الشخصية اليومية.
وقال لعنب بلدي، إن أقل مهر فتاة في المنطقة يصل إلى 1500 دولار أمريكي، دون المصاريف الأخرى مثل غرفة النوم التي يصل سعرها إلى 500 دولار أمريكي، والذهب، وثوب الزفاف، وغيرها من التكاليف.
وذكر أنه ألغى فكرة الزواج تمامًا، ويحاول حاليًا العبور بشكل غير نظامي إلى تركيا للعمل، ثم الاتجاه إلى أوروبا للبحث عن مستقبل أفضل.
مهر “مناسب”
رغم ارتفاع تكاليف الزواج وتعقيد شروط البعض في تزويج بناتهم، فإن هناك عائلات تأخذ بعين الاعتبار ظروف الشباب والتحديات الاقتصادية الحالية، متجاوزة العادات.
وتكتفي بعض العائلات بقبول خاتم الزواج بدلًا من الذهب، وطلب مهر معقول مناسب لوضع الشاب، وشراء الأثاث المستعمل لتقليل التكاليف.
وافق مروان اليونس (55 عامًا) المقيم في مدينة رأس العين على تزويج ابنته منذ ما يقارب الشهرين بمهر “مقبول”، دون أي تعقيدات أو أعباء مالية إضافية على الشاب (صهره).
وقال لعنب بلدي، إنه رغب بتخفيف الأعباء على الشاب، نظرًا إلى كونه من عائلة لديها سمعة جيدة ومتعلمة، واكتفى بطلب “مهر مؤخر” يبلغ 10 غرامات من الذهب.
وأضاف أن مدينة رأس العين تمر بظروف استثنائية تختلف عن باقي المناطق في سوريا، حيث تعيش المنطقة ضمن مساحة ضيقة وتحيط بها جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وفرص العمل لا تكفي لسد حاجة العائلة لأسبوع.
ولفت الخمسيني إلى ضرورة تخلي العائلات في رأس العين عن العادات القديمة والطلبات الثقيلة التي ترهق الشباب وتعوقهم عن الزواج.
35% عازفون عن الزواج
مديرة مكتب الخدمات الاجتماعية في رأس العين، انتصار دودة، قالت لعنب بلدي، إن نسبة العزوف عن الزواج وصلت إلى 35% خلال الخمس سنوات الماضية في المنطقة.
وأوضحت أن الأسباب الرئيسة تعود إلى الطلبات المرهقة من قبل عائلة الفتاة من الشاب، بما في ذلك الشروط التي تعتبر صعبة مثل شروط المسكن الخاص والمهر الباهظ الذي لا يقل غالبًا عن 3000 دولار أمريكي.
وأضافت أن مركز الخدمات الاجتماعية أجرى عدة جلسات توعية مع الأهالي، وندوات لتسهيل زواج الشباب في المنطقة، نظرًا إلى نقص الشباب فيها بسبب هجرتهم إلى أوروبا وتركيا بحثًا عن فرص أفضل.
وأشارت أن المركز يتواصل مع منظمات وجمعيات لتوفير منح للشباب الراغبين في الزواج والذين يواجهون صعوبات مالية، لافتة إلى أن الحصار المفروض على المنطقة دفع الشباب للتفكير في الهجرة بحثًا عن فرص عمل وحياة أفضل.
ويسعى السكان في رأس العين إلى البحث عن فرص عمل تكون مصدر دخل ثابتًا لهم، إلى جانب اعتمادهم على الزراعة بشكل رئيس، ويبلغ عددهم نحو 115 ألف نسمة.