إدلب – أنس الخولي
كل صباح، يحمل خليل ثمار “الجانرك” من أرضه في مدينة دركوش غربي إدلب ويتوجه إلى سوق “الهال” في المنطقة، أملًا ببيع المحصول بسعر مناسب يغطي تكاليف الإنتاج، ويحقق أرباحًا تؤمّن له ولأسرته حياة “كريمة”.
يملك المزارع خليل كوشلي 30 دونمًا مزروعة بـ”الجانرك” والتين والعنب في منطقة مزرة على الحدود السورية- التركية، وقال إن أسعار المحاصيل شهدت تحسنًا هذا العام بسبب إمكانية التصدير للخارج.
وذكر أن دول الخليج العربي والعراق ولبنان تعتبر سوقًا رئيسًا لثمار “الجانرك”، لافتًا إلى أن الأعوام السابقة كانت أبواب التصدير مغلقة، لذلك كان اعتماد المزارعين على الأسواق الداخلية لتصريف الإنتاج.
وتعتبر ثمرة “الجانرك” من المزروعات النشطة في منطقة دركوش، ويعتمد عليها الأهالي لتأمين معيشتهم، ويستبشرون بها هذا الموسم، بعد أن مني المزارعون بخسائر متتالية خلال السنوات الماضية بسبب غياب أسواق التصريف إلى خارج الشمال السوري.
موسم قصير
تعد فاكهة “الجانرك” من الفواكه الربيعية التي يتم تناولها مع الملح وتعطي مذاقًا حامضًا، وهي قصيرة الموسم الذي يستمر لشهرين فقط، لذلك يسارع المواطنون إلى شرائها، ما يجعل تجارتها قصيرة المدة نسبيًا.
صفوان عبد الكريم (40 عامًا) تاجر في سوق “الهال”، يبيع الإنتاج الزراعي للمزارعين بـ”الأمانة”، أي يضع المزارع إنتاجه في محله ويبيع الإنتاج وفق نسبة يتفق عليها مع المزارع.
وقال التاجر لعنب بلدي، إن موسم “الجانرك” هذا العام أفضل من الأعوام السابقة، لأن الإنتاج جيد والأسعار “مناسبة جدًا” للجميع سواء للمزارعين أو المستهلكين وحتى التجار الذين يعملون على تصدير الإنتاج.
وذكر أن لـ”الجانرك” أنواعًا عدة، أفضلها “الزهرة” ويتميز بحبته الكبيرة، ووصل سعر الكيلوغرام منه إلى 3 دولارات أمريكية، يليه تدريجيًا وفق الحجم النوع الثاني بدولارين، والنوع الثالث ويتراوح سعره بين 50 سنتًا ودولار واحد، وأخيرًا “العوير” وهو أدنى الأنواع بـ20 سنتًا للكيلو.
وبلغ سعر صرف الليرة التركية مقابل كل دولار 32 للمبيع، و32.5 للشراء، وفق تسعيرة “اتحاد الصرافين” في إدلب المعتمدة في المنطقة.
وأوضح التاجر أن الأسعار أفضل هذا العام، وتحقق عائدات مالية للمزارعين، بسبب إمكانية تصدير البضائع للدول المجاورة عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، ومنه إلى دول أخرى.
وبحسب التاجر، يبلغ متوسط سعر كيلو “الجانرك” في الأسواق العالمية 7 دولارات، معتبرًا أن سبب تدني الأسعار في الأسواق المحلية عن الأسواق العالمية، هو ارتفاع تكاليف التصدير التي يتكبدها التجار.
تكاليف وعقبات
قبيل كل موسم، يشتكي المزارعون من قصر موسم زراعة “الجانرك” وارتفاع التكاليف، من النقل والأسمدة والمبيدات الحشرية، إذ يضطر المزارعون لرش الشجر أربع مرات في العام الواحد.
ومن المشكلات أو العقبات هي دخول الخنازير البرية إلى الأراضي، إذ تكسر الأشجار وتخرب المزروعات، وفق ما قاله المزارع خليل لعنب بلدي، خاصة أن أرضه تقع قرب الحدود التركية- السورية.
ولا يستطيع خليل والمزارعون في المنطقة حمل السلاح وحراسة أراضيهم من تلك الحيوانات، بسبب قرب الحدود ووجود قطع عسكرية متاخمة للأراضي، ما قد يسبب لهم مشكلات مع تلك الوحدات العسكرية.
وتنتج أرض المزارع يوميًا 700 كيلوغرام من محصول “الجانرك”، ويحتاج المزارع إلى عشرة عمال لمساعدته في جني الثمار، تبلغ أجرة العامل الواحد 150 ليرة تركية.
ويضاف إلى ذلك تكاليف النقل، إذ يحتاج المزارع نقل الثمار من الأرض عبر الجرار الزراعي، بسبب وعورة المنطقة، ثم عبر سيارة نقل إلى سوق “الهال”، يضاف إليها سعر الكرتونة الفارغة التي توضع الثمار فيها، ويصل ثمنها إلى 10 ليرات تركية.
وذكر المزارع أن المزارعين يتكبدون مبالغ طائلة لسقاية الأشجار خلال العام الواحد، وتختلف التكاليف تبعًا لبعد الأشجار عن بئر الماء، بالإضافة إلى تكاليف رش المبيدات التي تصل إلى 50 دولارًا تكلفة كل عملية رش.
وطالب عدد من المزارعين ممن قابلتهم عنب بلدي الجهات المسؤولة بمساعدتهم في إيجاد حلول لمشكلة الخنازير البرية.
تعد الخنازير من الحيوانات المكروهة لدى أهالي ومواطني الشمال السوري، ويثير وجودها مخاوف السكان من انتشار الأمراض.
وقال أشخاص من دركوش قابلتهم عنب بلدي، إن هذه الحيوانات منتشرة بكثرة في حماة وغابات الساحل السوري، مرجعين سبب ظهورها بالمنطقة إلى حملات الصيد الجائر في تلك المناطق، وإلى قصف قوات النظام المتكرر على خطوط التماس، وإلى الحرائق المتكررة في تلك الغابات.