رسائل “عدوانية” من الأسد إلى الأردن تزامنًا مع قمة “البحرين”

الملك الأردني عبدالله الثاني يعتلي مدرعة عسكرية أردنية خلال تدريبات (القوات المسلحة الأردنية)

camera iconالملك الأردني عبد الله الثاني على مدرعة عسكرية أردنية خلال تدريبات (القوات المسلحة الأردنية)

tag icon ع ع ع

تزامنًا مع حضور رئيس النظام السوري، بشار الأسد، للقمة العربية في البحرين، الخميس 16 من أيار، وقعت محاولة روتينية لتهريب المخدرات نحو الأردن أسفرت عن مقتل مهربين، وضبط “كميات كبيرة” من المخدرات.

وقالت القوات المسلحة الأردنية، إنها تمكنت من إحباط محاولة تهريب شحنة مخدرات على الحدود الشرقية مع سوريا خلال عملة أمنية أسفرت عن مقتل مهربين اثنين.

ونشر الموقع الرسمي للقوات المسلحة الأردنية، الخميس 16 من أيار، بيانًا نسبه لمصدر عسكري مسؤول لم يسمّه أن المنطقة العسكرية الشرقية أحبطت محاولة تسلل وتهريب “كميات كبيرة” من المواد المخدرة قادمة من الأراضي السورية.

لم تحمل عملية التهريب نفسها ما هو فريد من حيث الحدث، لكن توقيتها كان غريبًا، إذ جاءت تزامنًا مع حضور بشار الأسد للقمة العربية في البحرين، التي تمكن من العودة لها منتصف العام الماضي بموجب تفاهمات مع دول عربية أبرزها الأردن.

وكانت أبرز البنود التي خرجت بها هذه التفاهمات، الحد من عمليات تهريب المخدرات نحو الأردن ودول الخليج، وشُكلت عقبها لجان، واجتماعات، لإيقاف عمليات التهريب، لكنها لم تؤتِ ثمارًا.

وقبل يوم واحد من انعقاد فعاليات القمة العربية الـ33، كشفت مصادر أمنية أردنية لوكالة “رويترز” عن محاولة إرسال فصائل مدعومة من إيران أسلحة إلى خلية داخل الأردن عبر سوريا.

وفي حين أكدت المصادر الأردنية أن معظم الأسلحة المهربة إلى البلاد كانت وجهتها “الضفة الغربية”، أشارت إلى تخصيص بعضها للاستخدام في الأردن.

وكان الهدف من “المؤامرة”، طبقًا للمصادر الأردنية، “زعزعة استقرار الأردن، الذي يمكن أن يصبح نقطة اشتعال إقليمية كونه يستضيف قاعدة عسكرية أمريكية، ويشترك في الحدود مع إسرائيل وكذلك سوريا والعراق”.

توقيت الرسائل

بعد ساعات على إعلان الأردن عن ضبط شحنة من المخدرات على حدوده مع سوريا، قالت السفارة الأمريكية في سوريا اليوم، الجمعة 17 من أيار، إن النظام هو المحرك الرئيس لتهريب “الكبتاجون”.

وأضافت أنه من خلال قانون قمع الاتجار غير المشروع بـ”الكبتاجون” وغيره من الأدوات، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز المساءلة عن الأنشطة غير المشروعة للنظام ومواجهة التأثير المزعزع للاستقرار الناجم عن تهريب المخدرات في المنطقة.

سبق ذلك بساعات شكوك عبرت عنها وزارة الخارجية الأمريكية باستعداد رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لاتخاذ خطوات باتجاه الحل السياسي في سوريا، ودعت الدول العربية للضغط عليه في سبيل تحقيق “تغيير ذي معنى”.

الخبير الاستراتيجي والباحث غير المقيم في معهد “ستيمسون” بواشنطن عامر السبايلة، قال لعنب بلدي، إن توقيت عملية التهريب الأحدث يحمل رمزية تعارض ما كان متوقعًا من النظام.

وأضاف أنه ما كان مفترضًا أن يحدث ذلك من جانب النظام تزامنًا مع القمة العربية، مع الإيحاء بأن عمليات تهريب المخدرات من أراضيه نحو دول الجوار قد توقفت فعلًا، خصوصًا أن عامًا كاملًا مر على عودته إلى الجامعة العربية، بالتالي كان من المفترض عرض نتائج هذه العودة.

ويرى السبايلة أن إيقاف تهريب المخدرات في هذا الوقت كان من المفترض أن تنقل علاقة النظام مع العرب نحو مستوى جديد، على اعتبار أن كل ما حدث سابقًا كان يندرج ضمن عملية بناء الثقة بين الأطراف، لكن ذلك لم يحدث كون نشاط التهريب لم ينقطع.

اقرأ أيضًا: المخدرات.. “واجهة” لتهريب الأسلحة من سوريا إلى الأردن

أكثر تكلفة للأردن

عملية تهريب المخدرات الأحدث، و”المؤامرة الإيرانية” التي تحدثت عنها المصادر الأردنية لوكالة “رويترز” سابقًا هما جزء صغير من سياق طويل لعمليات التهريب التي لطالما عبّر الأردن عن شكواه منها، إذ سبق واتهم النظام بإدارة عمليات تهريب المخدرات، بالتعاون مع وكلاء إيران جنوبي سوريا.

وبالنسبة للأردن، لم تكن عمليات تهريب المخدرات والأسلحة مجرد عمليات روتينية نحوه، إذ يعتقد الباحث عامر السبايلة، أن عمّان بدأت منذ العام الماضي تدفع تكلفة بشرية من قواتها المسلحة خلال مواجهتها لعمليات التهريب هذه.

وأضاف أن عمليات التهريب و”العمليات العدوانية” تنطلق من الجغرافيا السورية، ولا يمكن اعتبار أن النظام غير مسيطر على هذه الجغرافيا، ونسب النشاط لإيران فقط.

ويرى الباحث أن من الصعب التفكير اليوم بأن العام الذي كان من المفترض فيه تقييم عودة سوريا إلى الجامعة العربية كان إيجابيًا، خصوصًا مع الأخذ بعين الاعتبار أن نشاط تهريب المخدرات زاد خلال الأشهر الماضية.

تململ أردني

عبّر الأردن مرارًا عن تململه خلال العام الماضي من عمليات التهريب نحوه من سوريا، إذ تكررت تصريحات على لسان مسؤولين أردنيين، سابقين وحاليين، تتهم النظام السوري بإدارة عمليات التهريب هذه.

وفي مادة نشرتها صحيفة “الغد” الأردنية، في أيلول 2023، قال وزير الإعلام الأردني السابق، سميح المعايطة، في إطار استعراضه للتحديات التي تواجهها بلاده، “لا تزال حرب المخدرات التي تقودها إيران ومخالبها في سوريا، ومعها النظام، مستمرة”.

المعايطة اتهم أيضًا بتصريحات سابقة، النظام السوري بالتورط المباشر في مسألة تهريب المخدرات.

وقال خلال مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية، إن “النظام السوري يتحدث بلغة مماطلة، والأسد قال في لقاء رسمي لدينا فساد ورشوة وغير قادرين على الضبط، لكن الحديث هذا غير صحيح”.

وأضاف، “دولة تدعي أنها انتصرت في الحرب، وانتصرت على المعارضة، لا تستطيع أن تمنع، هذا كلام غير منطقي”، معتبرًا أن “الكبتاجون” اقتصاد لـ”الدولة السورية” وللنظام السوري، ولعائلة رئيس النظام السوري المباشرة، ولميليشيات ومؤسسات في الجيش.

الصحفي الأردني مالك العثامنة، تحدث بعد لقاء جمعه مع رئيس هيئة الأركان الأردنية عما أسماه “حربًا حقيقية” يخوضها الجيش الأردني على طول الحدود مع سوريا.

وأضاف أن جيش الأردن قادر على التصدي لعمليات التهريب حتى اليوم، لكن الاستنزاف الحقيقي يكمن في قدرة الطرف الآخر “يمكن تسميته بالعدو” على تحديث قدراته التكنولوجية “الهائلة” باستمرار، وهذا تحديث لا تقدر عليه إلا دولة مثل إيران.

وفي أيار الماضي، لوّح وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، بإمكانية تنفيذ الأردن عملية عسكرية في سوريا للقضاء على تهريب المخدرات عبر الحدود البرية السورية- الأردنية.

وقال الصفدي خلال مقابلة أجراها مؤخرًا مع شبكة “CNN” الأمريكية، إن عديدًا من الأطراف عانوا من عواقب ما وصفها بـ”الأزمة السورية”، بما في ذلك الأردن، وسيحرصون على القيام بكل ما يلزم للتخفيف من التهديدات لأمن بلاده.

وأبدى الوزير الأردني حزمًا في تعقيبه على مسألة تهريب المخدرات المتواصل من سوريا باتجاه بلاده بقوله، “نحن لا نتعامل مع تهريب المخدرات باستخفاف”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة