تطرق رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، خلال مشاركته في القمة العربية في المنامة إلى مسألة الوجود السوري للاجئين في لبنان.
وقال ميقاتي، اليوم، الخميس 16 من أيار، إن من الملفات التي تشغل لبنان، تزايد أعداد “النازحين” السوريين، ما يشكل ضغطًا إضافيًا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة والموارد المحدودة للبنان.
وأضاف، “لبنان يعول على ما تم تحقيقه من تطور في الموقف العربي الجامع مع عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية في قمة جدة العام الماضي”، كما أعرب عن أمله بتفعيل عمل لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا بما يساعد في تحقيق رؤية عربية مشتركة متفق عليها، وبلورة آلية تمويلية لتأمين الموارد اللازمة لتسهيل وتسريع عودة “النازحين” السوريين إلى بلدهم.
وأشار ميقاتي إلى ضرورة التوقف عن استخدام هذه القضية التي باتت تهدد أمن واستقرار لبنان والدول المضيفة والمانحة على حد سواء، مبديًا استعداد استعداد لبنان الكامل للتعاون، وخصوصًا مع دول الجوار العربية والأوروبية، من أجل معالجة هذه الأزمة ووضع حد لها، عبر تأمين عودة السوريين إلى بلدانهم “التي أصبحت آمنة” وتقديم المساعدات اللازمة والمجدية لهم في بلدهم، وتأمين مقومات الحياة الأساسية لسكان القرى والبلدات المتضررة، على حد قوله.
في 14 من أيار، عادت دفعة من اللاجئين السوريين في لبنان إلى سوريا، في إطار خطة “العودة الطوعية” التي يتجه لبنان لتطبيقها.
وذكرت قناة “MTV” اللبنانية، أن لبنان استأنف تسيير رحلات “العودة الطوعية” لـ”النازحين” السوريين، من الأراضي اللبنانية، حيث نظمت المديرية العامة للأمن العام اللبناني رحلتين تشملان 300 نازح، إلى القلمون في ريف دمشق، وحمص، وسط سجالات سياسية داخلية، وتحذيرات دولية من أن سوريا غير آمنة.
في اليوم نفسه، جددت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة في سوريا، التأكيد على أن سوريا لا تزال غير آمنة للعودة، ولا يزال المدنيون يتأثرون بغياب سيادة القانون وانعدام الأمن.
“الائتلاف” يحمّل لبنان المسؤولية
وأمس الأربعاء، حمّل “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” مسؤولية حياة أي لاجئ سوري يتم ترحيله من لبنان للحكومة اللبنانية، التي أصرت على عمليات الترحيل رغم توضيح مخاطر ترحيل اللاجئين إلى مناطق سيطرة النظام، ورغم التأكيدات المتكررة بأن النظام لم يغير منهجه الوحشي القائم على الاعتقال والتعذيب والقمع والقتل.
وأدان “الائتلاف” في بيان به، غياب الإجراءات الفعالة من الأمم المتحدة والدول الفاعلة وذات التأثير في المنطقة التي من شأنها حماية اللاجئين السوريين من الترحيل والانتهاكات المتكررة.
وجاء في البيان أن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومة اللبنانية وانعدام الأمن وغياب القانون واستمرار عمليات الترحيل القسري، يعني تعريض اللاجئين المعادين قسريًا للمزيد من الجرائم والانتهاكات، بما فيها الاعتقال والتعذيب والقتل من قبل النظام السوري، ومشاركة فعلية في الجرائم التي يرتكبها النظام، سيما أن النظام يتعامل مع اللجوء كتهمة تودي بصاحبها إلى السجون، مع وجود مئات الأدلة على انتهاكات النظام بحث المرحلين.
كما اعتبر “الائتلاف” أن العودة الآمنة الطوعية الكريمة التي ينتظرها السوريون لا يمكن تحقيقها إلا عبر الحل السياسي وفق قرارات مجلس الأمن، مع الإشارة إلى أن أحد أسباب عدم العودة، استمرار ميليشيا “حزب الله” في احتلال بلداتهم وقراهم.
وبحسب البيان، فعودة اللاجئين السوريين الموزعين على عدد من دول العالم مرهونة بالتزام المجتمع الدولي بمسؤولياته المتعلقة بتحقيق الانتقال السياسي وتطبيق القرار “2254” بشكل كامل وصارم.
“امتهان لكرامة اللاجئين”
في الوقت نفسه، أصدر “المجلس الإسلامي السوري” بيانًا، أكد خلاله أن السوريين لجؤوا إلى لبنان فرارًا من الظلم والقتل الذي مارسته “العصابة الحاكمة” في سوريا، مستعينة بشكل أساسي بما يسمى “حزب الله”، الذي لا يزال يحتل منازل كثير من هؤلاء اللاجئين، وإن إخراج الحزب من سوريا أحد الشروط الأساسية حتى تستقر تلك المناطق وتكون آمنة.
كما اعتبر “الإسلامي السوري” أن المطالبة بعودة اللاجئين إلى سوريا مع استمرار هذه الاحتلال، مشاركة في زيادة الظلم، وإعادتهم قسرًا خرق للشرائع جميعًا وللمواثيق الدولية كلها.
وكان الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، دعا في 13 من أيار، إلى فتح البحر إلى أوروبا، أمام اللاجئين السوريين لحل أزمة “النازحين” في لبنان، وأكد أنه عند تهديد الأوروبيين بسماح لبنان للاجئين السوريين بالوصول إليها عبر البحر، يشكل لبنان بذلك ضغطًا يدفع دول الغرب، وخص بالذكر الدول التي تعارض هذه الإعادة للسوريين إلى سوريا، للتحرك لإيجاد حل يرضي لبنان، وكذلك للتنسيق الفعلي مع حكومة النظام السوري.
ووثق مركز “وصول” لحقوق الإنسان، مقتل شاب سوري من مواليد حلب، في 9 من أيار، برصاص قوات النظام السوري على حاجز في مدينة حمص، بعد يوم من ترحيله إلى سوريا، قادمًا من لبنان.
مخاطر تهدد مصيرهم
أمس الأربعاء، دعت “الحكومة السورية المؤقتة” السلطات اللبنانية إلى احترام التزاماتها الدولية ووقف حملات إعادة اللاجئين السوريين، إلى مناطق النظام، نظرًا للمخاطر المحدقة التي تهدد مصيرهم، كما دعت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمفوضية السيامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى التدخل لوقف تلك الحملات إنقاذًا لأرواح الأبرياء من الجرائم التي تنتظرهم.
وبحسب بيان صادر عنها، قالت “الحكومة المؤقتة” إن السلطات اللبنانية تستمر في “نهجها التعسفي” ضد اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، من خلال التضييق عليهم في سبل العيش، وترحيلهم بالتنسيق مع النظام السوري، ما يعد انتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الدولي والقيم الإنسانية، كون ما يحصل فعليًا هو تسليمهم للأجهزة الأمنية مع إدراكها سلفًا للمصير الذي ينتظرهم من قتل وتعذيب واعتقال.
ولا يمكن اعتبار حملات “الترحيل القسري” عودة طوعية، وفقًا لمزاعم السلطات اللبنانية التي تنفيها التقارير الحقوقية، كما أن الظروف الحالية والأمنية التي تعيشها البلاد، سيما مناطق سيطرة النظام، لا تلبي أدنى متطلبات العودة الآمنة والطوعية، وفق البيان.
“العفو الدولية” قلقة من إعادة لبنان للسوريين.. نصر الله: البحر أمامكم
تسليم “الضحية للجلاد”
من جانبها، اعتبرت “حكومة الإنقاذ” العاملة في إدلب، أن وجود اللاجئ السوري على الأراضي اللبنانية وجود إنساني نتيجة لما تعرض له السوريون من حملات ملاحقة وتصفية جراء ثورتهم على “عصابات الأسد” وبطشها بكل شرائح المجتمع، رغم ما يلقى من تحديات في مجالات التعليم والعمل والأمن والحق في العيش الكريم.
وحمّل بيان صادر عن “إدارة الشؤون السياسية” في “الإنقاذ” مفوضية اللاجئين والمنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني مسؤولية الدفاع عن اللاجئين السوريين ومنع الحكومة اللبنانية من اتخاذ أي قرار يفضي إلى مأساة جديدة، بتسليم “الضحية للجلاد”، مع استنكار التصعيد الحاصل بإجبار مئات العائلات السورية على الترحيل وتعريض حياتهم للخطر والموت.
وكان وزير المهجرين اللبناني، عصام شرف الدين، أشار في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية أمس الأربعاء، إلى أن اتصالًا جرى مؤخرًا بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس حكومة النظام، حسين عرنوس، معتبرًا الاتصال ضروري لحل المسائل المرتبطة بملف النزوح.
وبخصوص موعد تسيير القافلة الجديدة من السوريين “العائدين طوعًا” من لبنان، بيّن شرف الدين أن لوائح بأسماء نحو 2500 سوري، مقدمة للأمن العام اللبناني، ويجري الاشتغال عليها قبل إرسالها لمكتب الأمن الوطني السوري لمتابعتها.
ومكتب الأمن الوطني هو جهة أمنية رسمية تتبع مباشرةً لرئيس النظام، ويختص بوضع الاستراتيجيات والخطط الأمنية ويراقب الأداء الأمني ويدير عملية التنسيق بين مختلف الفروع الأمنية.