قال مصدران أردنيان إن الأردن أحبط مؤامرة تقودها إيران لتهريب أسلحة إلى المملكة المتحالفة مع الولايات المتحدة لمساعدة معارضي النظام الملكي الحاكم على تنفيذ أعمال تخريبية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن المصدرين (لم تسمّهما) اليوم، الأربعاء 15 من أيار، أن فصائل مدعومة من إيران أرسلت أسلحة في سوريا إلى خلية تابعة لـ”الإخوان المسلمين” في الأردن لها صلات بالجناح العسكري لـ”حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) الفلسطينية.
وتمكنت القوات الأردنية من الاستيلاء على المخبأ عندما ألقي القبض على أعضاء الخلية، وهم أردنيون من أصل فلسطيني، في أواخر آذار الماضي، وفق الوكالة.
وقال المصدران، إن الهدف من المؤامرة هو زعزعة استقرار الأردن، الذي يمكن أن يصبح نقطة اشتعال إقليمية كونه يستضيف قاعدة عسكرية أمريكية، ويشترك في الحدود مع إسرائيل وكذلك سوريا والعراق، وكلاهما موطن لميليشيات مدعومة من إيران، وفق الوكالة.
ولم تحدد مصادر “رويترز” مصدر الأسلحة االمستولى عليها على الرغم من قولها إن الأجهزة الأمنية أحبطت في الأشهر الأخيرة محاولات عديدة من قبل إيران والجماعات المتحالفة معها لتهريب الأسلحة بما في ذلك ألغام “كليمور” ومتفجرات “C4″ و”سيمتكس” وبنادق “كلاشنيكوف” وصواريخ “كاتيوشا” عيار 107 ملم.
ووفقًا للمصادر الأردنية، فإن معظم الأسلحة المهرّبة إلى البلاد كان متجهًا نحو الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل في فلسطين، لكن بعض الأسلحة، بما في ذلك تلك التي تم الاستيلاء عليها في آذار، كانت مخصصة للاستخدام في الأردن من قبل الخلية المتحالفة مع نشطاء “حماس”.
“رويترز” نقلت أيضًا عن أحد المصادر، وهو مسؤول مطلع على الأمور الأمنية، أن المهربين “يخفون هذه الأسلحة في حفر تسمى النقاط الميتة، ويحددون موقعها عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ويصورون موقعها ثم يأمرون الرجال باستعادتها من هناك”.
ولا تعتبر عمليات تهريب الأسلحة نحو الأردن من سوريا، ومنها إلى فلسطين جديدة، إذ سبق وقال الباحثان المتخصصان في مكافحة الإرهاب بـ”معهد واشنطن” للأبحاث ماثيو ليفينت، ولورين فون ثادن، في تحليل موجز، إن عمليات تهريب الأسلحة شهدت ارتفاعًا كبيرًا من الأراضي الأردنية نحو الضفة الغربية مطلع 2023.
وعلى غرار الأسواق الأخرى، تعمل الأسواق السوداء لتجارة الأسلحة في الأردن، التي يغذّيها تهريب الأسلحة بناء على العرض والطلب، والطلب في هذه الحالة وافر، خصوصًا وأن الأردن يقع عند مفترق طرق في منطقة تتخبط في الصراعات وتفيض بالأسلحة، بحسب التحليل، إذ تدخل الأسلحة إلى المملكة من سوريا والعراق المجاورتين عبر طرق تهريب قديمة.
موطئ قدم في الأردن
“رويترز” نقلت عن ممثل لجماعة “الإخوان المسلمين” في الأردن وصفته بـ”الكبير”، أن بعض أعضائها اعتقلوا في آذار الماضي، وبحوزتهم أسلحة، لكنه قال إن كل ما فعلوه لم توافق عليه الجماعة، ويشتبه بأنهم كانوا يهربون الأسلحة إلى الضفة الغربية وليس التخطيط لأعمال في الأردن.
وقال الممثل الذي لم تسمّه الوكالة، إن هناك حوارًا قائمًا بين “الإخوان” والسلطات الأردنية، مشيرًا إلى أن الحكومة تعي أن الأخطاء لا تنسب لجماعة “الإخوان المسلمين”، بل أفراد فقط وليس سياسة عامة.
عضو آخر في الجماعة وصفته “رويترز” بـ”البارز” قال من جانبه، إن أعضاء الخلية المعتقلين جندهم زعيم “حماس” صالح العاروري ، الذي كان “العقل المدبر” لعمليات الجماعة الفلسطينية في الضفة الغربية من منفاه في لبنان.
وقُتل العاروري في غارة جوية بطائرة بدون طيار في بيروت في كانون الثاني الماضي، إثر هجوم نُسب على نطاق واسع إلى إسرائيل.
“رويترز” نقلت أيضًا عن دبلوماسي مقرب من طهران (لم تسمّه)، أن الطموح الإيراني لإنشاء موطئ قدم بالوكالة في الأردن يعود لقاسم سليماني، قائد “فليق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني” الذي اغتالته الولايات المتحدة عام 2020.
وأضاف أن سليماني ينظر لعلاقات الأردن القوية مع الولايات المتحدة والغرب، كسبب لبناء مجموعة متحالفة مع بلاده هناك، وتكون قادرة على قتال إسرائيل بهدف صعود طهران الاستراتيجي في المنطقة.
ولم يعلّق الأردن رسميًا على المعلومات التي نقلتها “رويترز” حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
الحدود مع سوريا
خضع جزء واسع من مفترق الحدود بين الأردن وسوريا والعراق، لسيطرة جماعات “جهادية” سابقًا ما زاد من صعوبة تسيير الدوريات لضبطه، لكن يبدو أن هذا الوضع لم يتحسن بعد أن أعادت قوات النظام السوري السيطرة على بعض المناطق الحدودية، بحسب التحليل الموجز.
المقابلات التي أجراها كاتبا التحليل خلصت إلى أن ثمن المسدس يبلغ حوالي 2000 دولار في سوق الأسلحة بالأردن، لكنه يباع بـ5000 دولار في الضفة الغربية.
وفي عام 2018، بعد استعادة النظام السوري السيطرة على المنطقة الجنوبية من سوريا، نقلت قناة “المملكة” الأردنية عن مصدر أمني لم تسمّه، أن “أزمة سوريا” تسببت بزيادة عدد الأسلحة في الأردن، ورفعت منذ بدئها نسبة تهريب الأسلحة للمملكة إلى 400%، أو ما يعادل نحو 14 ألف قطعة سلاح مختلفة.
ويوجد في الأردن أكثر من مليون قطعة سلاح “غير مرخصة”، وفق إحصائيات غير رسمية نقلتها القناة الأردنية، تنوعت بين بنادق الصيد، ورشاشات “كلاشنكوف” الروسية، وحتى قنابل يدوية وأجهزة تفجير عن بعد.
ونقلت القناة حينها عن مهرّب لم تحدد جنسيته، أن عمليات التهريب “تتم عبر أشخاص متخصصين في هذا المجال لديهم خبرة في جغرافيا المنطقة، ويحدث ذلك في أوقات غير متوقعة، وفي مواقع مدروسة بعيدة عن الرقابة، وفي بيوت حدودية سرية”.
وأضافت أن طول الشريط الحدودي (البالغ حوالي 380 كيلومترًا) أسهم في زيادة حجم عمليات التهريب “بشكل كبير”.