نادي السينما في دمشق.. فسحة للتواصل والحوار
في مقهى صغير بمدينة جرمانا بريف دمشق، يجتمع عشرات من محبي السينما لمشاهدة فيلم جديد، ضمن عروض “نادي السينما”.
أنشئ النادي في 2019، من قبل ناصر منذر وسوريين وجدوا في الحراك الثقافي منفذًا في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأزمات التي تعيشها سوريا.
ويعرض النادي أفلامًا تختلف عن الموجودة في منصات العرض الإلكترونية، أو على الشاشات الفضائية، ضمن تظاهرات من دول وقارات مختلفة.
ويقصد بالتظاهرات، عرض مجموعة من الأفلام من منطقة معينة، أو دولة محددة، كتظاهرة الأفلام السورية وحينها تكون كل الأفلام ذات إنتاج سوري.
عرض النادي منذ إنشائه 240 فيلمًا من 70 دولةً مختلفة، وفق ما قاله مؤسسه ناصر منذر لعنب بلدي، ضمن قناعة بأن الثقافة ليست رفاهية، بل ضرورة للحياة.
يعرض النادي، بالإضافة للتظاهرات، الأفلام التي تتحدث عن القضية السورية، منها أفلام “الحدود الخضراء” الذي يتحدث عن اللاجئين بين روسيا وبولندا، و”أولد أوك” الإنجليزي، الذي يتحدث عن اندماج اللاجئين السوريين في بريطانيا، وفيلمين من الجولان السوري المحتل (غريب وطعم التفاح أحمر).
حكاية بدأت في 2018
في 2018، التقى ناصر منذر بمجموعة من الشباب السوريين، واتفقوا على إنشاء “مجموعة آفاق”، ومنها أنشأ ناديًا للسينما، وبدأت عروض الأفلام في ملتقى “حكايا” في جرمانا.
وسط غياب الإمكانيات، عمل ناصر وأصدقاؤه بجهود فردية، عبر تفصيل قماش أبيض كشاشة، وشراء مكبرات الصور وآلة عرض الأفلام.
أراد ناصر أن يكون عملًا جماعيًا لا فرديًا، يجمع الشباب حول أمر مهم كالسينما، خاصةً أن الظروف الحالية في سوريا، تمنع أن تكون زيارة السينما أمرًا اعتياديًا، سواء للظروف المعيشية والاقتصادية، أو لغياب دور السينما الجيدة، والموجودة اليوم أسعار تذاكرها أصبحت خارج قدرة الناس.
كانت الفكرة أن يكون نشاط النادي دائمًا ومجانيًا، وأن ويقدم خدماته للجميع ويقدم محتوى ثقافيًا مختلفًا، قال مؤسس النادي، ناصر منذر لعنب بلدي.
وحول عملية انتقاء الأفلام، أوضح ناصر منذر أنها تتبع لتقييم النقاد والمواقع المختصة.
ونظم النادي عددًا من التظاهرات السينمائية، للأفلام العربية واللاتينية والأفريقية، وسينما الأنثروبولوجيا، بالإضافة لسينما الخيال العلمي وسينما الفن التشكيلي.
المشكلة الأكبر التي يواجهها النادي، هي أن الكثير من الأفلام لا ترجمة لها، وللتغلب على هذه المشكلة، يلجأ ناصر للحصول على الترجمات المجانية المتوفرة عبر الإنترنت.
وفي حال غيابها، يحاول الحصول على السيناريو المنشور وترجمته، وهو ما يعني جهدًا مضاعفًا يستغرق عدة أيام بين الترجمة وعملية ضبط التوقيت.
صناع السينما حاضرون
استمر النادي بعرض الأفلام ضمن ملتقى “حكايا”، لكن القائمين عليه اضطروا للانتقال لمكان آخر بعد إغلاق الأخير، وذلك عبر عرض الأفلام حاليًا في إحدى المقاهي الثقافية في جرمانا.
ولا يتلقى النادي أي دعم مادي من أي جهة، وفق ناصر، الذي أوضح أن كل الأمر ينبع من محبة للسينما وبجهود شخصية بحتة.
مع انطلاقة النادي كان عدد الحضور يتجاوز 100 شخص في بعض الأحيان، لكن الظروف المعيشية الحالية جعلت الأعداد تنخفض إلى أكثر من النصف في الوقت الحالي.
وخلال سنوات، استضاف النادي صناع أفلام سوريين ممن عرضت أفلامهم، منهم المخرج محمد ملص، والممثلة سمر سامي، والكاتب الراحل خالد خليفة.
ويأتي حضور صناع الأفلام في سياق خلق حوار بين الجمهور والمشاركين في صناعة العمل.
للوهلة الأولى، يبدو نادي السينما في دمشق رفاهيةً في ظلّ الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لناصر على الأقل.
وقال إن الأمر ليس رفاهية، والقائمون على النادي ليسوا من طبقة اقتصادية برجوازية، “كلنا نعيش نفس المعاناة، نحن معنيون بالظروف الاقتصادية أيضًا”.
وتسبب ظروف الحرب وتدهور الاقتصاد المستمرة منذ عام 2011 في توقف معظم صالات السينما في سوريا.
وذكر ناصر أن الثقافة لا يجب أن تكون رفاهية، وأن الثقافة من ضرورات الحياة، معتبرًا أن النادي يشكل فسحةً لعشرات الأشخاص لتحقيق ذاتهم والتواصل والحوار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :