فنان سوري كردي: نحن بحاجة إلى شركات إنتاج لدعم الفنانين والموسيقيين
تكاد معاناة السوريين تتشابه في مختلف البلاد بعدما عم العنف بسبب الأعمال العسكرية والفوضى، ويكاد يكون الحديث عن الفن بمختلف أنواعه نوع من الترف ويخالف مقولة “لكل مقام مقال”. لكن مناطق الإدارة الذاتية بقيت محافظة على لونها الثقافي واستمرار الحركة الفنية فيها، ولو بوتيرة أخف مقارنة ببقية المناطق كحلب وإدلب وريف دمشق ودرعا وغيرها، بعدما انعكست الأعمال العسكرية على أوضاع المواطنين ماديًا واجتماعيًا.
وفي لقاء لعنب بلدي مع عدد من الكوادر الفنية والثقافية في مناطق الحسكة وعامودا، لاستطلاع آرائهم حول الواقع الفني خلال الثورة وهل تتشابه معاناة الفنانين في تلك المنطقة مع نظرائهم في المناطق السورية المحررة، وإلى أي مدى تم تسخير الفن لخدمة قضية السوريين على اختلاف أولويات اهتماماتهم، قال الفنان جوان جميل محمد، “كأكاديمي متخرج في كلية التربية الموسيقية، أملك معهدًا موسيقيًا باسم (ساز ميوزيك)، وهدفي تعليم سكان المنطقة الصغار منهم والكبار الموسيقى بشكلل أكاديمي ونشر ثقافة الموسيقى الأكاديمية في المجتمع، وأحاول تحفيز الأهالي من أجل تعليم أولادهم الموسيقى الأكاديمية لإبعادهم عن الظروف التي يعيشونها وتأهيلهم نفسيا ولتفادي العشوائية في تعلم الموسيقى”.
لكن الأمور المادية وعدم امتلاك الأهالي القدرة على تعليم أولادهم الموسيقى بسبب الأزمة التي تمر بها المنطقة، كان السبب الأساسي في تراجع الفن وثقافته في المجتمع.
الفنان مرآة المجتمع..
انعكست الأزمة التي تمر بها سوريا على الحالة الفنية، وأصبح الفنان مرآة لما يحدث، فتأثر الفن بالظروف التي تمر بها المنطقة “ولا يخفى على أحد أن الفنان بطبيعته يكون مرآة للمحيط الذي يعيشه، فمثلًا أصبحت غالبية الإهتامات الفنية تتناول مواضيع الأزمة وما يندرج تحت سقفها من لجوء ونزوح وتشرد وغربة”.
وفي معرض توضيحه لأبرز الصعوبات التي يعاني منها الفنانون في مناطق الإدارة الذاتية، يقول جوان إنها تبرز في ضعف الثقافة الفنية لدى غالبية سكان المنطقة وانحسار اهتماماتهم الفنية بالأغنية الشعبية وعدم انتشار الفن الأكاديمي كثقافة، “وكذلك عدم توفر الآلات الموسيقية بشكل جيد كالبيانو والتشيلو والآلات النحاسية والنفخية”، وعدم وجود صالات مناسبة لتقديم الأعمال والحفلات الفنية، “نحن بحاجة إلى شركات إنتاج فنية لدعم أعمال الفنانين والموسيقيين”.
وبحسب رأيه “أصبح الفن مستهلكًا بشكل أكبر، لمواكبة الظروف المتسارعة التي تمر بها المنطقة، كما أن الهجرة أثرت سلبًا على المستوى الفني وطول أمد الأزمة التي نعيشها في المنطقة”.
يوم الزي الكردي
لا يزال المواطنون الكرد السوريون يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم التي ترسخ هويتهم، وتدل على ارتباطهم ببلدهم وبثقافتهم وتراثهم، ويتمثل ذلك بالمحافظة على تأدية الطقوس الاجتماعية والتي يتخللها أعمال فنية وثقافية لا تخلو من الإبداع، وبالتزامن مع إعداد هذا التحقيق صادف العاشر من آذار الجاري ذكرى “يوم الزي الكردي” أو اللباس الكردي، وهو مناسبة يحتفل فيها الكرد في سوريا، وذلك للحفاظ على التراث والفلكلور والتاريخ الكردي، ويتم إحياء هذا اليوم من خلال ارتداء الشباب والشابات للزي الكردي الفلكوري، إذ حافظ الشعب الكردي على تراثه منذ آلالاف السنين.
تغيّر ديموغرافية الفن
يجمع عدد من الفنانين، أن الأداء الفني في مناطق الإدارة الذاتية تراجع كثيرًا وذلك لأسباب عدة، منها “تغير ديموغرافية العطاء الفني”، والمقصود به تغير الشخص المبدع مكانه ومكان عمله.
وكذلك تعد الأوضاع المادية، والبيئة المحيطة بالفن من أهم الصعوبات التي تواجه الفنانين على اختلاف تخصصاتهم في مناطق الإدارة الذاتية، ويعتبر الفنان الكردي السوري سربست جان، الحاصل على إجازة تعليمية في الأدب الفرنسي، أن الإبداع دائمًا بحاجة إلى دعم مادي وبيئة فنية ذات انفتاح اجتماعي قادر على استيعاب ما يقدمه الفنان أو المبدع.
وحسب جان فإنه “في زمن الحروب تتقلب موازين الحياة، وينقلب الإبداع إلى إبداع ثوري، ويصبح كأي محارب يدافع عن قضيته لكن بأسلوبه الخاص”، وعلى المبدع ألا ييأس وأن يتابع مهما قذفته أمواج الحياة “فالفن رسالة سامية لكل أمة”، وعلى حاملي هذه الرسالة أن يتحملوا مشقة حملها، “لأنك في النهاية من اخترت هذا الطريق”.
ويبقى للأهل الدور الأبرز في تعليم الأطفال وتعوديهم على الفنون، والسعي لتنمية مواهبهم ومهاراتهم، لأن تشجيع الأطفال منذ الصغر على الإبداع “هو بمثابة حجر أساس لبناء فن متكامل، فالكثير من الإبداعات والمواهب تناثرت بسبب عادات وتقاليد ورثناها”، بحسب قول جان.
تابع قراءة ملف: الفن السوري في المناطق المحررة… أوركسترا بلا قائد.
– “الغناء للوطن” مع شرارة الثورة الأولى.
– فن الثورة السورية وموت “حارس البوابة”.
– حركات فنية وأهازيج توحّد خطاب السوريين السياسي.
– أغان ثورية وصلت شهرتها إلى العالمية.
– تحرر الأغنية الثورية من تزكية مخابرات النظام.
– تطور فن الغناء من الفردي إلى الجماعي في المناطق المحررة.
– بناء مسرح للأطفال في إدلب وتعليم الخط العربي.
– دخول العسكرة والتشدد قيّدا فكر الثورة.. لكن لرسامي الكايكتير كلمة!
– رسام حوران: الألم يولد فنًا وإبداعًا.
– مجلة أكرم رسلان.. تغطية أحداث الثورة برسوم الكاريكاتير.
– فنانوا الغوطة يحوّلون أدوات الموت إلى تحفٍ فنيةٍ.
– رسائل “ثورية” على جدران بنش.
– غياب النخب والكوادر الفنية وشركات الإنتاج قيّد العمل الدرامي لصالح النظام.
– محاولات فنية من لا شيء.. فرقة طريق الخبز.
– “بقعة ضوء” الثوار.. كوميديا سوداء.
– راديو فريش في إدلب تدخل تجربة الإنتاج المرئي.
– وزارة الثقافة المؤقتة.. دور “معدوم” في تطوير الفن الثوري.
– الفن وعلاج الأطفال.. حكايا من الداخل السوري.
– يارا صبري: نحن بحاجة لمؤسسات وطنية تجمع الكوادر الفنية.
– الفن السوري الكردي يرسخ هوية سوريا الجامعة.
– الفن السوري والنزع الأخير.. صراع من أجل البقاء.