لا يكاد يوجد فنان سوري أو فرقة فنية سورية في الداخل، لم تلتفت لتدريب الأطفال على كل أنواع الفنون، لما لمسوه جميعًا من الأثر النفسي لهذه الفنون على الأطفال، وكيف نجحت مزاولة الفن بإخراج هؤلاء الأطفال من جحيم الحرب، ولو لساعات قليلة يختلون بها مع مسرحياتهم أو رسوماتهم أو رقصاتهم.
وفيما يلي سنستعرض قصصًا حكاها لنا فنانون من تجاربهم مع الأطفال، وكيف نجح الفنان بتغيير نظرة هؤلاء الأطفال للحياة.
رسام حوران وشغفه بالأطفال
يعتبر “رسام حوران” أن أحلى لحظات حياته تلك التي يقضيها بتدريب الأطفال على الرسم، فهو مدرس لغة عربية في روضةٍ للأطفال، ويرى أن الرسم نشاطًا يجب أن يمارسه الأطفال وليس مادةً للتدريس.
يحكي لعنب بلدي بداية تجربته مع الأطفال وكيف تطورت. “كنت أجلس مع الأطفال وأطلب منهم رسم ما يخطر لهم … فيرسمون الدبابة والطيارة والصاروخ”.
وأردف “هنا شعرت بدوري في تغيير نظرتهم إلى الحياة ورؤية الجانب المشرق منها، وصرت أخبرهم بأن هناك أمورًا أخرى في الحياة … هناك الطائر والأزهار … هناك الألوان وليس السواد فقط”، وأضاف “من يرى رسمات طلابي بعد شهرين من التدريب، يدرك الفرق الواضح في الزاوية التي صاروا ينظرون من خلالها إلى الحياة”.
من حوران إلى الغوطة الشرقية، حيث تفوح رائحة الموت من كل شبرٍ فيها، هل كان من الممكن إخراج الأطفال من جو الحصار والقصف والدمار؟
التفت فريق “صيحة حرية” إلى تنظيم حفلات الدعم النفسي للأطفال، بالرغم من كل الأعباء التي يتحملها من ضغوطات العمل في دوما، إلا أنه يرى، وعلى لسان مديره شادي الحسن، أن دعم الأطفال والتمكن من إفراحهم أولوية اساسية لدى الفريق.
منذ عامين بدأ يلتفت الفريق إلى العمل لأجل الأطفال المتضررين من الحرب والأيتام، فكان يتفق، وبحسب رواية الحسن، مع جمعيات مختصة بموضوع برامج الدعم النفسي للأطفال، ويقيمون لهم الحفلات، فيتولى فريق صيحة حرية الإشراف الصوتي للحفل، وروى الحسن “كنا نقدم لهم الأناشيد والمسرحيات، وكانت هذه الساعة والنصف التي يقتطعها الطفل من الثورة والخوف والحصار والحزن كفيلة بأن تشعرنا بلذة لا نتذوقها بأي فعالية أخرى من حفلات أو أعراس أو مهرجانات”.
وقال الحسن “عندما تشعر أنك رسمت بسمة على وجه طفل في هذا الوقت وفي هذا الظرف، فهو أكبر إنجاز ممكن أن يكون لفريقنا”. وأضاف ” لو لم يكن لـ (صيحة حرية) إلا هذه البسمة التي رسمتها على وجه الطفل لكفتها عن الثورة كلها”.
فرقة بسمة نور: الضحك للهروب من الذعر
وفي حمص “بسمة الطفل” كانت مفتاحًا لانطلاقة عمل فني جديد، أنتج “فرقة بسمة نور”.
كانت انطلاقة هذه الفرقة نتيجة الضغط الذي عاشه أطفال حمص من الجوع والحصار والدمار والقتل، فبدأت الفكرة لدى الشابة “مايا” باختيار أطفال من الفتيات تمتلكن الموهبة.
تقول مايا لعنب بلدي “جمعتهن كفرقة صغيرة، وبدأت معهن بإمكانيات بسيطة جدًا، وكنا نقدم حفلات بأماكن عامة أيام عطل المدارس”.
فيما بعد تطور عمل الفرقة، وصارت تقدم مسرحيات دينية وثورية، “كان كثيرًا ما يباغتنا القصف أثناء التدريب، وهنا كان التحدي الأكبر أمامي، أن أستطيع تهدئة روعهن وإعطائهن شعور الأمان، فكنت أحاول إضحاكهن حتى يخرجن من حالة الذعر”.
بدأت الفرقة بإمكانيات بسيطة جدًا فكانوا يتدربون في”مدخل بناية، وعلى صوت الموبايل” كما روت مايا، حتى تمكنت أخيرًا من تأمين صالة كمقر للتدريب.
وسرعان ما انتشرت الفرة في حي الوعر، وتطور أداء أعضائها وتتوقع مايا “أن يكون لهن بصمة في المجتمع في المستقبل” مؤكدةً أن هدفهن الأول هو زرع البسمة.
تابع قراءة ملف: الفن السوري في المناطق المحررة… أوركسترا بلا قائد.
– “الغناء للوطن” مع شرارة الثورة الأولى.
– فن الثورة السورية وموت “حارس البوابة”.
– حركات فنية وأهازيج توحّد خطاب السوريين السياسي.
– أغان ثورية وصلت شهرتها إلى العالمية.
– تحرر الأغنية الثورية من تزكية مخابرات النظام.
– تطور فن الغناء من الفردي إلى الجماعي في المناطق المحررة.
– بناء مسرح للأطفال في إدلب وتعليم الخط العربي.
– دخول العسكرة والتشدد قيّدا فكر الثورة.. لكن لرسامي الكايكتير كلمة!
– رسام حوران: الألم يولد فنًا وإبداعًا.
– مجلة أكرم رسلان.. تغطية أحداث الثورة برسوم الكاريكاتير.
– فنانوا الغوطة يحوّلون أدوات الموت إلى تحفٍ فنيةٍ.
– رسائل “ثورية” على جدران بنش.
– غياب النخب والكوادر الفنية وشركات الإنتاج قيّد العمل الدرامي لصالح النظام.
– محاولات فنية من لا شيء.. فرقة طريق الخبز.
– “بقعة ضوء” الثوار.. كوميديا سوداء.
– راديو فريش في إدلب تدخل تجربة الإنتاج المرئي.
– وزارة الثقافة المؤقتة.. دور “معدوم” في تطوير الفن الثوري.
– الفن وعلاج الأطفال.. حكايا من الداخل السوري.
– يارا صبري: نحن بحاجة لمؤسسات وطنية تجمع الكوادر الفنية.
– الفن السوري الكردي يرسخ هوية سوريا الجامعة.
– الفن السوري والنزع الأخير.. صراع من أجل البقاء.