تعا تفرج

حكومة الجولاني تحارب الجامعيين

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

مؤخرًا، قام طلاب جامعات إدلب بإضراب، احتجاجًا على توظيف خريجي الجامعات السورية (دمشق وحلب وحمص واللاذقية)، وكانت حكومة الأمر الواقع، التي تسمي نفسها “الإنقاذ”، قد سبقتهم لإصدار قانون يمنع توظيف خريجي الجامعات السورية، دورة 2019، وهناك مطالبة بالعودة إلى الخلف، وحرمان خريجي دورة 2017 من التوظيف.

يمكننا استخلاص نتائج خطيرة جدًا من هذه الأخبار، أولاها كمية الانغلاق، والتعصب، وانتفاء القيم الإنسانية والشعور بالمواطنة لدى الطلاب الذين أقدموا على هذا التظاهر الاحتجاجي، ولعلها مصادفة غير سعيدة، أن يقوم طلاب الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية، وبينهم طلاب يهود، بمظاهرات احتجاج على حرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون، بينما طلاب جامعة “إدلب” يريدون منع أبناء بلدهم من العمل، وكسب العيش، لسبب هزيل، أناني، انطوائي، هو أنهم متخرجون من الجامعات السورية، مع التذكير بأن هؤلاء الطلبة أنفسهم، لولا ما حصل وما أدى إلى استيلاء تنظيم “القاعدة” على هذه المناطق، لكان حلم الواحد منهم أن يحظى بالقبول في جامعة “حلب” أو “دمشق” أو غيرهما.

ولم يقتصر هذا الأمر البائس على حرمان أبناء البلد من التوظيف، بل تجاوزه إلى إغلاق 13 صيدلية موجودة من قبل، بذريعة أن أصحابها متخرجون من جامعات “النظام”. نظام أيش يا أولاد الأوادم؟ هل تعلمون؟ لا، أنا أجزم بأنكم لا تعلمون، أن كلية الطب والصيدلة تأسست في دمشق سنة 1903، أي قبل أن تتشرف هذه البلاد برؤية البعثيين، والناصريين، والإخوان المسلمين، والسلفيين، والوهابيين، والليبراليين، والشيوعيين؟ من أين تريدون أن يتخرج طلابُنا الغلبانين؟ من كلية العلوم السياسية التي اقترح نصير تنظيم “القاعدة” أحمد موفق زيدان إطلاق اسم الجولاني عليها؟ أم من جامعات أفغانستان؟

أقول، وأعيد، إن هذه الجماعات الجهادية التي تحكم منطقة إدلب، طاردة لمكونات الشعب السوري الأخرى كلها، فضمن حدودهم، اليوم، لا يوجد مسيحي، ولا علوي، ولا شيعي، وأما القرى الدرزية الواقعة إلى الشمال الغربي لمدينة معرة مصرين، فقد اضطروا لترك أهلها فيها لعدة أسباب، أولها، أن السكان الدروز تمسكوا بأرضهم، وحَيَّدُوا أنفسهم عن جماعتي النظام والثوار، وثانيها، أنهم كانوا يختبئون فيها عندما يشتد عليهم القصف، وثالثها، أنهم قرروا تسنينهم، أي تحويلهم إلى سنة.. وأضيف، الآن، أنهم جماعة طاردة لفئات من السنة أنفسهم، بدليل منعهم هؤلاء الخريجين الجامعيين من العمل وكسب العيش.

أخيرًا، ثمة تكهنات لدى بعض السياسيين المتشائمين، بأن مصير منطقة إدلب سيكون تكرارًا لتجربة “الباغوز”. وإذا كنت لا تعرف، عزيزي القارئ، ماذا يعني “الباغوز”، أذكرك بأن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مسنودة بطيران التحالف الدولي، حاصرت آخر معقل لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في منطقة الباغوز، سنة 2019، وحددت مهلة لمن يريد الخروج آمنًا، ومع انتهاء المهلة أبيد الباقون فيها عن بكرة أبيهم.

في إدلب اليوم، ثلاثة ملايين إنسان، تقريبًا، بينهم قلة من الجماعات الجهادية المتطرفة، وأكثريتهم أناس طيبون، محترمون، من أبناء الشعب السوري الغلبان.. أنا، شخصيًا، أتمنى لهؤلاء الناس السلامة، وأن يتخلصوا من هذه الجماعات المتخلفة بأي شكل من الأشكال.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة