إدلب – أنس الخولي
خوفًا من تضرر أفراد أسرته، اصطحب وسام عائلته للإقامة بشكل مؤقت عند أحد أقربائه بعد أن رش أرجاء منزله بعدة مبيدات حشرية، لكثرة انتشار الحشرات مؤخرًا في مدينة إدلب شمال غربي سوريا.
وقال وسام المصطفى (39 عامًا) لعنب بلدي، إن الحشرات انتشرت بشكل مزعج جدًا وغير معتاد، وبات يخشى على أطفاله أن يتعرضوا لقرصات تسبب لهم الأمراض.
ويعاني أهالي مدن وبلدات إدلب من انتشار الحشرات بشكل كثيف هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، ما شكل مخاوف لديهم من انتقال الأمراض عبر هذه الحشرات، أو حتى تضرر المحاصيل الزراعية.
مواطنون أبدوا انزعاجهم من كثرة الحشرات التي شكلت آفة أرهقتهم، فاقمها تأخر البلديات بإجراء عمليات مكافحة للحشرات، بينما فضّل آخرون عدم انتظار حملات المكافحة وشراء المبيدات من الصيدليات الزراعية، ورش منازلهم بأنفسهم.
في البداية، حاول وسام الوقاية من الحشرات بالطرق البدائية كإطفاء الأنوار في المنازل ليلًا، وإغلاق المنافذ ووضع “الناموسيات” للأطفال عند النوم، لكن ذلك لم يمنع انتشار الحشرات بكثرة.
وقال وسام إنه قدّم شكوى باسم جميع أهالي الحي للبلدية، التي وعدتهم بالقيام بعملية المكافحة في وقت قريب لكنها تأخرت، ما أجبره على الذهاب إلى الصيدلية الزراعية وشراء بعض المبيدات الحشرية لرش المنزل.
جهل وسام بآلية استخدام المبيدات الحشرية شكّل لديه مخاوف منها، لذلك رشها وغادر إلى منزل أحد أقربائه لحين زوال رائحتها.
تقلبات الجو
لعب تغير المناخ دورًا أساسيًا في انتشار وكثرة الحشرات، بالإضافة إلى قدوم فصل الصيف بشكل مفاجئ وتأخر عمليات المكافحة من الجهات المسؤولة.
المهندس الزراعي ماهر قريطبي، أوضح لعنب بلدي أن سبب كثافة الحشرات هذا العام يعود بشكل رئيس إلى عدم انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير خلال فصل الشتاء، ما ساعد الحشرات على التكاثر.
وأضاف المهندس أن طبيعة المناخ في الشمال السوري هذا العام كانت ملائمة ومناسبة للحشرات، ما زاد من هجرتها من المناطق المجاورة.
ولمكافحة الحشرات، يُستخدم عادة نوعان من المبيدات الحشرية، مبيدات الصحة العامة، وهي مبيدات ذات سمية قليلة لا تؤثر على صحة الإنسان، ومبيدات تُعرف بالأدوية الحشرية، وهي خطرة تستخدم عادة لرش المحاصيل الزراعية.
وقال المهندس إن مبيدات “الدلتا مسرين” و”سايبر مسرين” و”الألفا مسرين”، وهي ما يعرف بمركبات “البايو ثريدي”، هي مبيدات ذات سمية قليلة، لا تسبب خطرًا على صحة الإنسان إذا كانت ضمن نسبة التركيز الموصى بها، لذلك يشجع المواطنين على استخدامها، لافتًا إلى أن هذه الأنواع شهدت طلبًا متزايدًا خلال الفترة الماضية.
أما الأدوية الحشرية التي تباع لدى الصيدليات الزراعية أو البيطرية، فهي ذات أثر عالي السمية، ولا يجب استخدامها في المنزل، وتُستخدم لرش المحاصيل الزراعية، لذلك يحذر المهندس الزراعي من استخدام هذه المبيدات من قبل المواطنين.
ونصح المهندس بإغلاق نوافذ المنازل بشبك معدني للمحافظة على التهوية، ومنع دخول الحشرات، والحفاظ على النظافة العامة، وعدم ترك الأطعمة مكشوفة لحين مكافحة الحشرات بشكل كامل.
وطالب عدد من المواطنين ممن قابلتهم عنب بلدي البلديات والجهات المختصة والمنظمات الإنسانية بالإسراع بمكافحة الحشرات، والاهتمام بنظافة الأماكن العامة، لإغلاق البؤر التي قد تسبب كثرة الحشرات التي تهدد صحة المواطنين.
وأجرت شركة “E-Clean” (البيئة النظيفة) العاملة في إدلب عمليات رش بالمبيد “الضبابي” في شوارع وأحياء متفرقة في المنطقة، لكن لم تكن كافية بحسب الأهالي.
وخلال السنوات الماضية، تكرر ظهور الحشرات بكثرة سواء على شكل أسراب أو بشكل متفرق، خاصة عند حدوث تقلبات في الجو، أو لأسباب متعلقة بانتشار النفايات والقمامة.
ونهاية نيسان الماضي ومطلع أيار الحالي، ضربت عاصفة مطرية وسيول مناطق متفرقة شمال غربي سوريا، أسفرت عن أضرار طالت مخيمات النازحين والمزروعات.
وقال “الدفاع المدني السوري“، إن العاصفة المطرية تسببت بأضرار لـ750 عائلة، في أكثر من 15 مخيمًا في ريفي إدلب وحلب، وتضرر فيها أكثر من 716 خيمة ومسكنًا مؤقتًا.
وتوزعت الحصيلة على 216 خيمة متضررة كليًا، و400 خيمة متضررة جزئيًا، وتضرر 100 مسكن مؤقت، كما طال الضرر نحو 200 دونم من المزروعات خاصة الصيفية.
ويسكن شمال غربي سوريا 5.1 مليون شخص، منهم 4.2 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.4 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 3.4 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.