لم تترك العاصفة التي طالت عددًا من قرى بريفي جبلة والقرداحة، خلفها سوى الدمار مسببة خسائر بالمحاصيل الزراعية تقدر بنحو 80%، وفق شهادات الأهالي في المناطق المنكوبة.
علي في مطلع عقده الرابع، يمتلك بقالية صغيرة بقرية “نينتي” التابعة لريف القرداحة، أدرك ومنذ حبة البرد الأولى بأن موسم التبغ انتهى ورحل معه كل التعب والجهد هدرًا.
ووصف علي لـ”عنب بلدي”،حبات البرد بأنها كانت كالحجارة، واستمر تساقطها لنحو الساعتين تقريبًا فجر يوم الثلاثاء، 8 من نيسان الحالي، لدرجة أنها غطت الأرض بشكل كامل.
وأضاف أن البرد جاء في وقت حرج بالنسبة لشتول التبغ، إذ كان الأهالي قد قطعوا رأس النباتات قبل عدة أيام، ووضعوا لها المحلول الذي يمنعها من الإنبات مرة أخرى كما درجت العادة بالتعامل مع محصولهم، وبالتالي فإنها لن تنمو مجددًا على الإطلاق.
وزرع علي دونمًا ونصف الدونم بالتبغ، دمرت بالكامل، وكذلك أقاربه في قرية البودي واجهوا المصير ذاته.
وتتراوح ملكيات الأهالي في القرية بين دونم وخمس دونمات، كلها مخصصة لزراعة التبغ، مع وجود مساحات أخرى مزروعة بأشجار الزيتون دمرت بالكامل تقريبًا.
وقدر الشاب حجم الضرر في قريته وباقي القرى القريبة مثل البودي والمتن وبكراما وبشلاما، بأكثر من 80%، بينما لم يبدِ أي تفاؤل بتعويض محتمل، إذ سبق وأن تعرضوا لكارثة مشابهة قبل ثماني سنوات، وحينها لم يتم التعويض عليهم سوى بجزء من حجم الخسارة لم يتجاوز 25%.
“راح الأمل بمحصول الزيتون”
في قرية البودي القريبة، خسر إيهاب (43 عامًا موظف حكومي) محصول التبغ بالكامل، والذي امتد على مساحة دونمين ونصف، غذ أمضى وعائلته أيامًا طويلةً في زراعتها، وبنى على إنتاجها آمالًا كبيرة.
وما ينتجه من محصول أرضه، إضافة إلى محصول الزيتون هو كل ما يملك، وراتب الوظيفة لا يكفي أكثر من أجور مواصلات على حد تعبيره لـ”عنب بلدي”.
قدر إيهاب خسارته بأكثر من 30 مليون ليرة، بحال كان ثمن الزيت مليون ليرة عند الموسم، فالعاصفة أتت في وقت سيء جدًا بالنسبة للأشجار، في مرحلة الانعقاد على حد وصفه.
“كل شي في رزق راح، دخان، بصل، توم، زيتون، عريشة”، قال إيهاب بغصة، منهيًا الحديث عند عبارة “لا حول ولا قوة إلا بالله”.
وشملت آثار العاصفة عدة قرى مثل بطموش ودوير بعبدة والتلازيق والقطيلبية، والعرقوب وحرف المسيترة بريف جبلة.
إضافة إلى قرى بشلاما، بكراما، المتن، نيني، نينتي، وغيرها بريف القرداحة.
وطال الدمار معظم المحاصيل الزراعية، وأبرزها التبغ الذي يزرع على مساحة واسعة في تلك القرى، ويعتمد الأهالي على إيراداتهم منه في معيشتهم.
كما طال الدمار الأشجار المثمرة بمختلف أنواعها، ووقع الضرر الأكبر على أشجار الزيتون كونها الأكثر انتشارًا، أما باقي الأشجار فتزرع للاستهلاك المحلي وليس للبيع غالبًا، باستثناء قرية بكراما التي تضررت فيها كروم الكرز بشكل كبير.
وذكر المكتب الصحفي لمحافظة اللاذقية، أن مدير الزراعة، باسم دوبا، يرافقه رئيس اتحاد الفلاحين، أديب محفوض، زارا بعض القرى المتضررة لمعاينة الأضرار ولقاء المزارعين المتضررين.
وبحسب القوانين المحلية، يشترط لتعويض الفلاحين من صندوق “التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية”، أن تكون الأضرار كارثية يتجاوز نطاق تأثيرها 5 بالمئة من إجمالي المساحة المزروعة، وأن يزيد حجم الضرر عن 50 بالمئة من الإنتاج الزراعي المتوقع.
وغالبًا ما يشتكي المزارعون من عدم عدالة التعويضات، التي تكون قليلة وتحتاج وقتًا طويلًا للحصول عليها، كما حدث إبان التعويض على الحرائق، وما رافقها من إشكاليات ومحسوبيات قبل أربعة أعوام.