قائد “الحشد الشعبي” في سوريا.. تمهيد لمرحلة جديدة
استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد في دمشق، قائد “قوات الحشد الشعبي” العراقي الموالية لإيران، فالح الفياض، على وقع اقتراب العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة من نهايتها، والمناوشات التي شهدتها سوريا في إطار مواجهات “محور المقاومة” مع أمريكا وإسرائيل.
وقالت وزارة الدفاع السورية، الاثنين 6 من أيار، إن الأسد التقى برئيس “الحشد” فالح الفياض، وبحث معه تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات “مكافحة الإرهاب” والتنسيق الفعال لضبط الحدود وملاحقة “التنظيمات المتطرفة” التي تسعى لاستهداف أمن سوريا والعراق.
ويعتبر الفياض من الشخصيات البارزة في العراق، وتربطه علاقة جيدة مع إيران، وشغل مناصب أخرى في الحكومة العراقية، وسبق أن زار سوريا حاملًا معه منصب مستشار الأمن القومي العراقي عام 2015.
ووفق تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية عام 2015، يعتبر الفياض من “اللاعبين الأمنيين الأقوياء” في العراق ولكنه يبقى عادة خلف الكواليس، ويحتفظ بعلاقات جيدة مع طهران وواشنطن.
وكان الفياض عضوًا في خلية الأزمة المدعومة من قبل “فيلق القدس” (الاستخبارات الخارجية الإيرانية)، رفقة قادة آخرين في “الحشد الشعبي”، خضعوا لعقوبات أمريكية سابقًا، مثل قيس الخزعلي، وحسين فلاح اللامي، بجانب قاسم سليماني ومهدي المهندس، اللذين قتلا في غارة أمريكية مطلع 2020.
ما الهدف من اللقاء
اللقاء الذي جمع زعيم “الحشد الشعبي” بالأسد ليس حدثًا ثانويًا، وفق ما يراه المحلل المتخصص بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، إذ قال لعنب بلدي إن الفياض يعتبر من أبرز الشخصيات المقربة من إيران في المنطقة، وأكثرهم أهمية، ويمكن رصد ذلك من خلال زياراته لإيران، وإقامة مراسم استقبال رسمية له، وهو ما لم يحدث عن زيارة رؤساء دول إلى طهران، ومنهم الأسد، وفق النعيمي.
وربط المحلل توقيت الزيارة مع التصعيد الذي تشهده المنطقة، واقتراب نهاية العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، إذ اعتبر أن إيران تمهّد لمرحلة ما بعد “طوفان الأقصى”.
ويرى النعيمي أن إسرائيل تستعد لتحويل قواتها العسكرية نحو لبنان بعد التعافي من “طوفان الأقصى” مستغلة الوجود الأمريكي الكثيف في المنطقة، وبالتالي فإن سوريا ستكون جزءًا من هذا التصعيد المقبل.
وفي الوقت الذي يحاول فيه الأسد النأي بنفسه عن الأحداث التي تشهدها المنطقة، تحاول إيران إشغال إسرائيل عبر الجبهة السورية، لتخفيف الضغط عن جبهة لبنان، وهو ما سيحدث بشكل أكثف إن اشتعلت مواجهات مفتوحة بين إسرائيل و”حزب الله” اللبناني مستقبلًا.
وجاءت زيارة فياض إلى سوريا عقب أسبوع على زيارة قائد “فيلق القدس” الإيراني إسماعيل قاآني للبنان، واجتماعه مع زعيم “حزب الله” حسن نصرالله وفق ما نقلته قناة “العربية الحدث” سابقًا، وهو ما اعتبره النعيمي إعدادًا لتصعيد مقبل، بأكثر من اتجاه.
وكانت “المقاومة الإسلامية في العراق” (تحالف لفصائل موالية لإيران) قالت إنها أطلقت سبع هجمات نحو مواقع عسكرية إسرائيلية خلال الـ24 ساعة الماضية، ردت إسرائيل على إحداها بقصف مدفعي استهدف الجنوب السوري.
وأضافت عبر سلسلة من البيانات أحدثها اليوم، الثلاثاء 7 من أيار، أنها قصفت مواقع عسكرية متفرقة في العمق الإسرائيلي، ونشرت تسجيلات مصورة توثق إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة، دون الإشارة إلى موقع الإطلاق.
وخلال الاثنين، هاجمت “المقاومة الإسلامية” منشأة عسكرية لم تحددها في إسرائيل، وردّت الأخيرة باستهداف مواقع جنوبي سوريا بقذائف المدفعية دون أضرار.
جدار بين بغداد ودمشق
لا تزال أعمال قيادة قوات حرس الحدود العراقية في بناء جدار أسمنتي يفصل أراضيها الغربية عن الأراضي السورية مستمرة، إذ سبق ونشرت “القيادة” صورًا لأعمال بناء الجدار الذي دخل مرحلته الثانية في 2 من تشرين الأول 2023.
وقالت قيادة قوات حرس الحدود عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك” حينها، إنها تواصل أعمال نصب “جدار كونكريتي” يفصل بين قضاء القائم وبلدة الباغوز على الشريط الحدودي العراقي- السوري.
وأضافت أن مراحل الإنجاز وصلت إلى نسب متقدمة في قاطع لواء الحدود “التاسع” ولواء “المغاوير”، مشيرة إلى أن نصب الجدار يسهم في إحكام السيطرة على الحدود ومنع أي محاولة لاختراقها.
وتربط سوريا والعراق حدود بطول 610 كيلومترات، وفي المناطق الشمالية من الحدود على الجانب السوري تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وذلك من شمال مدينة البوكمال وصولًا للحدود التركية شمالًا.
وبدأت محاولات السلطات العراقية لضبط حدودها مع سوريا بعد إعلان العراق القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” في أراضيه أواخر 2017، وكثّفت السلطات هذه المحاولات بداية 2021.
ويغيب دور حرس الحدود في قوات النظام السوري في عملية ضبط الحدود، إذ تسيطر “قسد” على المناطق الشمالية من الحدود (محافظة الحسكة وجزء من دير الزور)، والميليشيات الإيرانية في البوكمال، والقوات الأمريكية مع فصائل من “الجيش الحر” في منطقة التنف الحدودية مع العراق والأردن.
توتر معلّق
الحديث عن تصعيد مقبل في سوريا يأتي بعد هدوء نسبي شهده الشرق السوري منذ مطلع شباط الماضي، إذ توقفت الفصائل العسكرية العراقية والسورية عن استهداف مواقع أمريكية في المنطقة بعد حملة قصف واسعة شنتها واشنطن في البلدين ردًا على مقتل جنود لها على الحدود الأردنية- السورية، بإحدى هذه الهجمات.
الهدوء كُسرت حدته بعد أن استهدفت مجموعة عسكرية من داخل الأراضي العراقية قاعدة عسكرية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية شمال شرقي سوريا، في 22 من نيسان الماضي.
وقالت خلية الإعلام الأمني العراقي حينها، إن قوات الأمن العراقية عثرت غرب محافظة نينوى قرب الحدود العراقية- السورية، على آلية أطلقت منها صواريخ من العراق نحو قاعدة للتحالف الدولي في عمق الأراضي السورية.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدرين أمنيين عراقيين ومسؤول أمريكي (لم تسمّهم)، أن خمسة صواريخ على الأقل انطلقت من بلدة زمار العراقية باتجاه قاعدة عسكرية أمريكية في شمال شرقي سوريا، ردت أمريكا باستهداف منصة إطلاق الصواريخ.
وفي 28 من كانون الثاني الماضي، قبيل توقف الهجمات على القواعد الأمريكية، أصدرت “المقاومة الإسلامية في العراق” بيانًا، قالت فيه إنها منحت فرصة لـ”قوات الاحتلال” للانسحاب، في إشارة إلى الجيش الأمريكي.
و”المقاومة الإسلامية في العراق” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :