شهد ملف اللاجئين السوريين في لبنان تطورات متسارعة خلال أسبوع واحد، بعد الإعلان عن منحة مالية أوروبية، وتصريحات متبادلة بين الأطراف السياسية اللبنانية.
وصدرت تصريحات متتالية من نواب في البرلمان اللبناني، وسياسيين آخرين، حول الأمر نفسه، هاجموا خلالها الحكومة اللبنانية واللاجئين السوريين في البلاد.
ودفعت الاتهامات المتتالية رئيس الوزراء، نجيب ميقاتي، لإصدار بيان يفنّد الاتهامات، السبت.
الاتهامات تحاصر ميقاتي
رئيس “التيار الوطني الحر”، جبران باسيل، هاجم خلال مؤتمر صحفي، السبت، ميقاتي والاتحاد الأوروبي، معتبرًا أن أوروبا تساعد قبرص كيلا تخسر أحد دولها في الاتحاد.
وتساءل باسيل حول آلية توزيع الأموال، وإن كانت ستوزع على سوريين وفلسطينيين قادمين من سوريا لاحقًا.
ولم يتوقف الهجوم على ميقاتي على باسيل، وانتقدت النائبة ستريدا جعجع، الاتفاقية، وهاجمت اللاجئين السوريين، معتبرة أنه لا يمكن استخدام مصطلح “لاجئين”، مستدلةً بذلك على اتفاقية تعود لعام 2003.
وتنص الاتفاقية التي وقعها لبنان في ذلك العام مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على أن لبنان “بلد عبور لا بلد لجوء”.
ويعاني لبنان من أزمات سياسية واقتصادية ومجتمعية، وعادة ما يعلق الساسة اللبنانيون مشاكل البلاد على اللاجئين السوريين والفلسطينيين، دون أن يكون هناك تحركات جدّية لإنهاء المشاكل وإيجاد الحلول.
من جهته قال رئيس حزب “الوطنيين الأحرار”، كميل شمعون، أن المبلغ “بائس” مقارنة بأربعة مليارات يورو تحصل عليها تركيا سنويًا للغرض ذاته، على حد قوله.
وطالب ببناء مخيم حدود كبير مسيّج ومجهز بالخدمات، ووضع اللاجئين أمام خيارين، العودة، أو العيش بالحد الأدنى من الحياة الكريمة داخل مخيم لمعارضي النظام السوري.
ميقاتي يرد
ردًا على الاتهامات، أصدر نجيب ميقاتي بيانًا السبت، اعتبر خلاله أن هناك حملة لـ”استثارة الغرائز والنعرات” عبر حملة ممنهجة من قبل سياسيين لبنانيين.
وقال إن حكومته قررت معالجة ملف اللاجئين السوريين بشكل جذري وبعيدًا عن الصخب الإعلامي، وبالتوازي مع حركة دبلوماسية وسياسية مكثفة.
فيما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، عن ممثل “المفوضية السامية لشؤون اللاجئين” في لبنان، إيفو فرايسن، نفيه وجود مؤامرة لإبقاء اللاجئين في لبنان.
وأضاف أن المعارضة اللبنانية تسوّق المنحة الأوروبية على أنها رشوة وهو أمر غير صحيح، مشيرًا إلى أن المفوضية ستطالب في مؤتمر “بروكسل” للمانحين في 27 من أيار الحالي بزيادة الدعم.
ويكمن حل أزمة اللاجئين السوريين في سوريا، وإذا أرادت الأخيرة عودتهم فعليها تهيئة ظروف العودة، بحسب فرايسن.
مبلغ على ثلاثة أعوام
تشمل الحزمة المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبي:
1.تعزيز الخدمات الأساسية والاستثمارات في مجالات مثل التعليم والحماية الاجتماعية والصحة لشعب لبنان.
2.إصلاحات اقتصادية ومالية ومصرفية، إذ تعتبر هذه الإصلاحات أساسية لتحسين الوضع الاقتصادي العام للبلاد على المدى الطويل. وهذا من شأنه أن يسمح لبيئة الأعمال والقطاع المصرفي باستعادة ثقة المجتمع الدولي وبالتالي تمكين القطاع الخاص من الاستثمار. يحتاج لبنان ويستحق زخماً اقتصادياً إيجابياً لإعطاء الفرص لأعماله ومواطنيه.
3.دعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن العام والداخلي، ويركز ذلك بشكل أساسي على توفير المعدات والتدريب والبنية التحتية اللازمة لإدارة الحدود. وبالإضافة إلى ذلك، سيكون من المفيد جدًا للبنان أن يبرم ترتيبات عمل مع وكالة “فرونتكس”، وخاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات والوعي بالوضع.
ومنذ عام 2011، دعم الاتحاد الأوروبي لبنان بمبلغ 2.6 مليار يورو، ليس فقط للاجئين السوريين، إنما للمجتمعات المضيفة أيضًا.
وعن المعايير أو الآلية المتبعة لمتابعة صرف الأموال على القطاعات التي حددتها المفوضية الأوروبية قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو لعنب بلدي “سيتم تنفيذ الأموال من خلال عقود مع أطراف ثالثة، بما يتماشى مع إجراءات الاتحاد الأوروبي (الدعوة لتقديم العروض، والمناقصات، والإدارة غير المباشرة مع الكيانات التي تم تقييمها في الركائز). ولا يتوقع دعم الميزانية.
وفي هذا السياق، أوضح ستانو أنه سيتم مراقبة تنفيذ أموال الاتحاد الأوروبي وفقًا للقواعد والإجراءات الحالية.
تضييق على السوريين
يتعرض السوريون في لبنان إلى تضييق مستمر، وتفاقم بعد مقتل منسق لدى حزب “القوات اللبنانية”، يدعى باسكال سليمان، اتهمت السلطان اللبنانية سوريين بقتله، في 9 من نيسان الماضي.
وفي 25 من نيسان، أصدرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بيانًا قالت فيه إن السلطات اللبنانية احتجزت في الأشهر الماضية سوريين، وعذبتهم وأعادتهم قسرًا إلى سوريا.
ووثقت المنظمة إقدام الجيش اللبناني والمديرية العامة للأمن اللبناني إعادة سوريين وتسليمهم للنظام قسرًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، بينهم عسكري منشق ومعارض سوري، بالإضافة لاحتجاز سوري لفترة وجيزة بتهمة المشاركة في مظاهرات داعمة لغزة.
وبحسب بيان للأمم المتحدة، يقيم في لبنان 785 ألف لاجئ سوري تسميهم السلطات اللبنانية “نازحين”، بينما تقدم السلطات اللبنانية أرقامًا مختلفة، وصل أعلاها إلى مليوني سوري.