هل تحتاج أمريكا إلى الرفيق عمار ساعاتي

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

أمريكا تعاني من أزمة كبيرة مع طلاب جامعاتها في مختلف الولايات، وتحرجها مشكلات تظاهراتهم واعتصاماتهم، لماذا لا تستعين أمريكا بـ”الرفيق عمار ساعاتي” رئيس اتحاد الطلبة السابق، والخبير في فض الاحتجاجات في الجامعات السورية بالهراوات الغليظة وببنادق ميليشيا كتائب البعث!

تحتل أخبار الاعتصامات الطلابية في الجامعات الأمريكية ضد الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة نشرات الأخبار في داخل الولايات المتحدة وخارجها، ومشاهد الطلاب الذين اعتصموا بجامعة “كولومبيا” في كاليفورنيا تعيد الاحتجاجات الطلابية التي قادتها هذه الجامعة ضد الحروب الاستعمارية في الشرق الأقصى وكمبوديا في العام 1964، ولاحقًا قامت بها بقية الجامعات ضد استمرار احتلال فيتنام 1970، وكذلك ضد التمييز العنصري للطلاب من أصول إفريقية، وآخرها احتجاجات الجامعات الأمريكية 1985 ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وأجبرت الجامعات حكومة الولايات المتحدة على قطع كل علاقات التعاون العلمية مع نظام الفصل العنصري، وهو ما يطالب به طلاب هذه الجامعات اليوم، ولكن مع نظام فصل عنصري جديد يقوده نتنياهو في إسرائيل.

أمريكا وكندا سبق وأن استعانتا بخبرات النظام السوري في التعذيب بعد أحداث 11 سبتمبر 2011، ولعل ملف تعذيب المواطن الكندي من أصل سوري ماهر عرار في أقبية المخابرات خير دليل على الثقة بإمكانات النظام ووفائه في المجالات التي تخص انتزاع المعلومات، بالرضا والشبح طبعًا، وكذلك عبر الاستعانة بأهالي المعتقلين وجمعهم في الزنزانات مع ذويهم من أجل إقناعهم بالتوقيع على الإفادات ولو كانت كاذبة، ويتضمن جمع الشمل هذا سنوات طويلة من السجن لكامل العائلة أو لمن يختارونه من عائلة المعتقل.

عمار ساعاتي عضو القيادة القطرية لحزب البعث ومسؤول الشباب فيها، ترأس اتحاد الطلبة، وله باع طويل في قمع الاحتجاجات الطلابية مع بداية الثورة السورية عبر تنظيم ميليشيات الهراوات الغليظة من الشبيحة، والتي تحولت في العام 2012 إلى ميليشيا عسكرية تدعى كتائب البعث، بقيادته، وقد زار نائبه عمر العاروب باريس الصيف الماضي كرئيس فرقة رياضية تشارك في الإعداد لأولمبياد “باريس 24″، وقد جمعت قناة “فرانس 24” معلومات موثقة عن جرائم تلك الكتائب التي قادها عمار ساعاتي.

شارك ساعاتي في قمع الاحتجاجات السلمية منذ العام 2011، وحمل السلاح ضد المحتجين وجند الطلبة في ميليشيا كتائب البعث وفي الميليشيات الأخرى، وصار مقربًا من ماهر الأسد، رجل إيران القوي في نظام الأسد، وتم ترفيعه إلى مناصب كثيرة، منها عضوية مجلس الشعب وعضويته في القيادة القطرية لحزب البعث، هذه القيادة التي خصصها حافظ الأسد لمجرمي القمع منذ أحداث الثمانينيات الدموية، كنوع من المكافأة على الخدمات المخابراتية والولاء المطلق.

عمار ساعاتي راكم خبرة طويلة في التحكم بالطلاب ومنظمة اتحاد الطلبة، التي كان مسؤولًا فيها منذ العام 1992 كرئيس مكتب الاتحاد في جامعة “دمشق” ونائب رئيس الاتحاد منذ العام 1995، ورئيس للاتحاد حتى 2020، ولديه خبرة في الضغط على الأساتذة الذين يطمعون بمنصب إداري أو وزاري، وهذه الخبرات الطويلة جديرة أن تستفيد منها الولايات المتحدة وأجهزة شرطتها التي دخلت الحرم الجامعي في جامعة “كولومبيا” قبل أيام، وأزالت مخيمات الاحتجاج واعتقلت أكثر من 300 طالب، ولو كان عمار ساعاتي وميليشياته موجودين لما استغرق معهم الأمر إلا ساعات معدودة لتشتيت الطلبة واصطحابهم إلى السجون أو إرسالهم إلى الحياة الآخرة، بحسب ما تقع الهراوات على أجسادهم.

قد يعترض البعض ويقول إن عمار ساعاتي مدرج على قائمة العقوبات الأمريكية منذ العام 2020، ومصنف كمجرم حرب، ولكن هذا لا يمنع من الاستفادة من تلامذته ومن شبيحته الذين شهدوا كل مهاراته في فض الاحتجاجات مع الاستعانة به عن بعد، عبر الأقمار الصناعية، فصحيح أن الرفيق عمار غير متفرغ لمثل هذه الأعمال حاليًا، وهو يستثمر مطعمًا فخمًا على أوتوستراد المزة مع زوجته الإعلامية ومستشارة الأسد لونا الشبل، لكنه اكتسب المزيد من المهارة والثقة بسبب نجاحاته العامة والخاصة.

والتعاون غير المعلن مع النظام يتيح الاستفادة من خبرات كهذه، فقد صرح بشار الأسد قبل أيام للقناة الأولى في تلفزيون أبخازيا الروسية، أن نظامه يجري مباحثات سرية مع الولايات المتحدة، ورغم نفي الحكومة الأمريكية لهذه المباحثات، فإن الدلائل تبدو واضحة عبر دفع الإمارات والسعودية لإعادة تدوير النظام والتعاون معه، ويكرر المسؤولون الأمريكيون على حلفائهم في الإدارة الذاتية (شمال شرقي سوريا) بضرورة التفاوض مع النظام، وقد قامت إلهام أحمد وغيرها بزيارات متعددة لدمشق باسم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، المنبثقة من حزب “العمال الكردستاني”.

خبرات الرئيس السابق لاتحاد الطلبة، عمار ساعاتي، لا تعوض في معالجة اعتصامات طلاب الجامعات الأمريكية، لمَ لا وقد اجتذبت أمريكا عبر تاريخها الكثير من الكفاءات الأجنبية، في علوم الكمبيوتر والطاقة، وصولًا إلى علوم الفضاء الخارجي، وقد آن لها أن تنظر بعين العقل إلى استيراد خبرات فض التجمعات الطلابية، وعلاج الاحتجاجات بالهراوات وبالبنادق، كوصفة مجرّبة ومضمونة في سوريا الأسد!

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة