عنب بلدي تسأل فتيات ونساء ومتخصصين

“كل الرجال خائنون”.. حقيقة أم تهمة 

طرحت العديد من الدراسات الاجتماعية سؤاالًا متكرًرًا هو، هل الرجل خائن بطبعه؟ (تعبيرية)

camera iconطرحت العديد من الدراسات الاجتماعية سؤاالًا متكرًرًا هو، هل الرجل خائن بطبعه؟ (تعبيرية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – هاني كرزي

“كل الرجال خائنون”، عبارة ترددها أغلب النساء، لدرجة أن بعضهن يعتبرن الذكر خائنًا بالفطرة، ما يجعلهن في حالة شك دائم بالزوج، بينما عزفت أخريات عن الزواج خوفًا من تعرضهن للخيانة، بسبب قناعتهن أن حدوث هذا الفعل أمر محتوم.

يتوقف استقرار العلاقات العاطفية على مدى إخلاص الطرفين، وعدم السماح لأحدهما بخيانة الطرف الآخر، لكن الصدمة حين تكتشف الزوجة لأول مرة أن شريك حياتها يخونها، بل وقد تصل بعض الحالات إلى الخيانة المتكررة.

يختلف مفهوم الخيانة الزوجية من شخص لآخر، ففي الوقت الذي تعتبر فيه الزوجة أن زواج رجلها بأخرى من دون علمها هي الخيانة في أبشع صورها، ترى زوجات أن دخول الرجل في علاقة جنسية مع امرأة ثانية أشد وجعًا بالنسبة لأي أنثى، وهناك من يعتبرن حديث الذكر مع أي امرأة عبر الإنترنت أو الهاتف، أو مجرد النظر إلى بقية النساء هو من أنواع الخيانة.

هل الرجل خائن بطبعه؟

طرحت العديد من الدراسات الاجتماعية سؤالًا متكررًا هو، هل الرجل خائن بطبعه؟ ومنها الدراسة التي أجراها مركز الدراسات الأسرية في مدينة دوسلدورف الألمانية، وانتهت إلى أن المرأة تستحوذ على تفكير 95% من الرجال، خاصة في مرحلة العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات، بمعدل 6 ثوانٍ في الدقيقة الواحدة.

وكشفت الدراسة أيضًا أن بعض الرجال لا يتوقفون عن مطاردة المرأة مهما تلقوا لدغات منها، إذ تحولت المرأة بالنسبة إلى 66% من الرجال إلى ما يشبه الإدمان.

المستشارة الأسرية والتربوية إيمان القناص، تؤيد فكرة أن الرجل فعلًا خائن بطبعه، وبررت ذلك بالقول، إن “الرجل يحب دومًا التغيير والتجديد، وتكون الخيانة في داخله ولكن لا تخرج إلا لدافع، مثلًا للبحث عن الاهتمام أو الحب أو لأمور أخرى، فالله خلق الرجل بطبيعة مختلفة عن النساء وشرّع له التعدد (عند بعض الديانات أو الجماعات)، لذا هناك رجال تجدهم تزوجوا أول مرة، ثم أصبحت لديهم احتياجات أخرى زائدة، كأن يعيشوا مراهقة الأربعين مثلًا، بعدما شعروا بهاجس التقدم في العمر، لذا يميلون إلى الخيانة لإثبات أنهم ما زالوا في رونقهم”.

وأضافت إيمان لعنب بلدي، أن “هناك رجالًا لا يستسيغون الخيانة ويخلصون لزوجاتهم، وفي المقابل، هناك من يستمتع بأن هناك أنثى أو إناثًا أخريات يحببنه ويهتممن به، وهذا يلبي شعور الأنا لديه بأنه مرغوب ومحبوب من الجنس الآخر، على عكس شخصية المرأة التي تميل أكثر إلى الوفاء، إذا وجدت الرعاية والاهتمام من زوجها”.

في هذا السياق، أجرى ثلاثة باحثين أمريكيين من جامعات “ميريلاند” و”إنديانا” و”ستوني بروك” دراسة نشرتها مجلة “ستيرن” الألمانية، حول أسباب الخيانة، وتوصلت إلى أن هناك 8 أسباب تدفع الرجال إلى الخيانة.

ومن أسباب الخيانة بحسب الدراسة، أولًا الرغبة الجنسية، ثانيًا الرغبة في التنوع وجمع أكبر عدد ممكن من النساء، ثالثًا الشعور بالإهمال، رابعًا قلة الحب، أي أنهم كانوا غير متأكدين إذا كانوا يحبون شريكهم أو ما إذا كان مناسبًا لهم.

السبب الخامس كان الرغبة في الانتقام، إذ إن البعض تعرض لخيانة سابقًا، وبالتالي أصبح لديه رد فعل غاضب جعله يخون زوجته بدافع الانتقام، سادسًا لجأ البعض إلى الخيانة لزيادة احترامهم لذاتهم أو استعادة الشعور بتقرير المصير، سابعًا أنهم لم يكونوا في كامل قواهم العقلية عند قيامهم بالخيانة، ثامنًا انخفاض الولاء بحيث كانوا يشعرون كأنه ليس هناك شريكة في حياتهم ما يدفعهم لخيانتها.

نظرة سوداوية تلاحق الرجال

هناك اعتقاد سائد لدى كثير من النساء أن الرجال كلهم خائنون، ومنهن ميس، وهي فتاة من محافظة إدلب، وتعيش نازحة في مدينة حماة، إذ تعرضت للخيانة من خطيبها، ما سبب لها صدمة كبيرة جعلتها تعزف عن الزواج.

قالت ميس (31 عامًا) لعنب بلدي، إنها في إحدى المرات، حيث كانت مع خطيبها في المطعم، لاحظت وصول رسالة “واتساب” على هاتفه، مكتوب فيها “وأنا بحبك كتير ومو مصدقة يجي بكرا لحتى شوفك”، إذ شعرت بصدمة حينها، وفتحت هاتفه فورًا لتقرأ المحادثات السابقة بينهما، فاكتشفت أنه حذفها مسبقًا قبل ذهابه إلى الحمام، لكنه لم يتوقع أن يصله الرد وهاتفه بعيد عنه، وفق ما قالته ميس.

أضافت ميس التي تعمل معلمة رياضيات، أنها عندما عاد من الحمام سألته بغضب عن تلك الرسالة، فأصيب بارتباك ولم يعرف ماذا يرد وحاول تهدئتها.

قالت الفتاة، “كان الموقف مؤلمًا جدًا بالنسبة لي، ولا سيما أنه قام بخيانتي خلال الخطبة التي يفترض أنها فترة يعيش فيها الشريكان أجمل لحظات حياتهما”.

وتابعت ميس، “رميت خاتم الخطبة في وجهه وغادرت المطعم وأنا منهارة”، مضيفة أنها أصبحت على قناعة بأن الرجال كلهم خائنون، وقررت منذ ذلك الوقت عدم الزواج أبدًا، “فلم تعد لدي ثقة بأي رجل”.

لكن لماذا أغلب النساء لديهن انطباع أن الرجال كلهم خائنون؟ المستشار النفسي باسل نمرة أرجع الأمر إلى عدة أسباب، أهمها الموروث الاجتماعي السائد لدى أغلب الإناث، بأن الرجل ذو طبيعة شهوانية لا يكتفي بامرأة واحدة.

وأضاف نمرة لعنب بلدي، أن وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات الدرامية، وظهور الحركات النسوية بشكلها غير السوي وانحرافها عن مفهوم النسوية الأساسي، عزز فكرة الرجل الخائن لدى المرأة، وسادت لديها قناعة أنها مهما كانت جيدة، فإن الرجل سيخونها، وحتى لو كان الرجل ملاكًا ويتعامل معها بصدق، ستشك به وتظن في داخلها بأنه سيخونها في أي لحظة غفلة عنه.

لكن المستشارة إيمان القناص ترى أن من الخاطئ جدًا أن تصدر المرأة حكمًا مسبقًا أن كل الرجال خائنون، فقط لأن زوجها كان خائنًا، فهناك في المقابل رجال أوفياء ومخلصون لزوجاتهم، لذا على المرأة أن تعطي نفسها فرصة للبداية من جديد مع إنسان آخر يحترمها أكثر من زوجها الخائن، وألا تبقى أسيرة شعور أن الرجال كلهم خائنون، لأن هذا سيدمر شخصيتها وحياتها”.

الخيانة وجع كبير يستوجب العلاج

“الخيانة أكثر شيء يؤلم المرأة”، قالت رغد شيخ تلت (26 عامًا) هذه الكلمات وهي تستذكر بحرقة لحظة اكتشافها خيانة زوجها لها، حين سمعته بالمصادفة وهو يتحدث مع امرأة أخرى ويقوم بمغازلتها، لتكون واحدة من بين نساء كثيرات تعرضن للخيانة لكن ردود فعلهن ودوافع قيام أزواجهن بالخيانة كانت مختلفة.

قالت رغد، وهي من سكان مدينة إدلب، إن الرجل مهما أخفى الخيانة، فإن “نظرات عيونه أو بعض تصرفاته سوف تكشفه”، وأضافت، “لاحظت تغيّرًا في بعض تصرفات زوجي”، حيث أصبح يهتم بلباسه أكثر ويتأخر في العودة من العمل، ويخرج إلى شرفة المنزل كثيرًا بحجة التدخين.

وكالة “رويترز” ذكرت أن دراسة في جامعة “وسترن” الأسترالية، توصلت إلى أن بوسع النساء أن يعرفن بقدر من الدقة ما إذا كان الرجل خائنًا، بمجرد النظر في وجهه، وأنه تم تصنيف الرجال ذوي الملامح الأكثر رجولة على أن ارتكابهم فعل الخيانة أمر أكثر ترجيحًا.

تابعت رغد التي تعمل ربة منزل قائلة، “حاولت مراقبة زوجي دون أن يشعر، وفي إحدى المرات سمعته يتحدث على الهاتف مع فتاة ويتغزل بجسدها، شعرت بغصة كبيرة، وصرخت عليه وهو يتحدث، فرمى الهاتف واتجه نحوي طالبًا السماح، فكرت بطلب الطلاق لكن خوفي على مستقبل أطفالي الثلاثة، وعدم امتلاكي مصدر دخل، جعلني أتغاضى عن فعلته وأسامحه وفي داخلي وجع كبير”.

ديانا (25 عامًا)، لاجئة سورية مقيمة في إسكندرون، لا تتفق مع رغد في أن المرأة عليها أن تسامح زوجها على خيانته حفاظًا على الأولاد، وقالت، “إذا اكتشفت خيانة زوجي لا قدر الله، فإني سأنفصل عنه فورًا، ولن أسمح لابنتي الوحيدة أن تعيش معه، كي لا تأخذ الطباع السيئة من والدها”، مضيفة، “لا يوجد مكان للمسامحة في قاموس حياتي مع هذا الفعل القبيح”.

الخيانة تؤثر بشكل كبير على المرأة، إذ قال المستشار النفسي باسل نمرة، إن أول تأثيرات الخيانة هو الصدمة، أي أن المرأة تتعرض لإهانة لشخصيتها وجرح ذاتي، بأن الرجل لم يخنها مع غيرها إلا لأنه وجد امرأة أخرى أفضل منها، وتشعر أنها إنسانة غير جيدة في نظر زوجها، لذا تدخل في مرحلة الاكتئاب، وفي بعض المراحل يسبب لها الأمر أمراضًا عضوية، وتلك الآثار النفسية يمكن أن تؤدي إلى ردود فعل عنيفة لدى المرأة، لدرجة أنها قد تؤذي نفسها أو تؤذي زوجها أو المرأة التي خانها معها.

وأضاف نمرة أنه بسبب الآثار العميقة للخيانة، يجب أن تبدأ المرأة بعلاج نفسي مدروس، يساعد على استيعاب الصدمة التي تعرضت لها وإزالة الآثار النفسية للصدمة، وإعادة بناء شخصية المرأة التي تحطمت بسبب الخيانة التي تعرضت لها.

وأكد نمرة أنه لا يمكن اتباع الطرق التقليدية المجتمعية القديمة للعلاج من آثار الخيانة، على مبدأ “حطي على الجرح ملح وانسي”، بل يجب أن تخضع لعلاج نفسي كامل وغير منقوص، لأن عدم إكمال العلاج من آثار الخيانة، قد يسبب زيادة في الجرح النفسي للمرأة.

هل يتحول الخائن إلى شخص وفي؟

بعد اكتشاف المرأة خيانة زوجها، يسارع الأخير لطلب السماح منها والاعتذار عن فعلته، ويعدها بعدم تكرار هذا الأمر، وهنا تسامح بعض النساء أزواجهن، ويحرصن على الاهتمام بهم وعدم إفساح المجال لهم لتكرار الخيانة، بينما تجد نساء كثيرات أن الرجل الخائن من المستحيل أن يتحول إلى شخص وفي طوال حياته.

تعتقد المستشارة الأسرية إيمان القناص أن الرجل الخائن لا يمكن أن يتحول إلى وفي، لأن الخيانة أصبحت سمة لديه، ودخل في الحلقة المفرغة، و”سيبقى دائمًا يبحث عن امرأة أمتع وأجمل تلبي الاحتياجات الكاذبة لديه”.

وأضافت إيمان أن الرجل يعلم في داخله أن “الشيء الذي يبحث عنه في نساء أخريات موجود في زوجته الأولى، أو حتى في الثانية والثالثة لو تزوج”، لكن غريزيًا يبقى شعور التغيير والتجدد قائمًا لديه، ويكون مستمتعًا باهتمام الجنس الآخر به، وبالتالي يستحيل أن يتحول إلى شخص وفي، لأنه “لو لم يكن لديه استعداد للخيانة لما دخل منذ البداية في هذه الدوامة”.

في المقابل، لا يؤيد يحيى أبو زكريا (35 عامًا)، سوري مقيم في ولاية قونيا التركية، مقولة أن الخائن لا يتحول إلى شخص وفي، “لأن الرجال حينها سيستخدمون هذه المقولة ليبرروا لأنفسهم خياناتهم المتعددة، وبنفس الوقت ستبرر المرأة لنفسها شكها في زوجها وتجسسها عليه، وكلا الطرفين مخطئ لأنه من الممكن فعلًا ألا يكرر الرجل خيانته إذا أزيلت الأسباب التي دفعته لذلك”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة