عندما انطلقت الثورة من درعا في آذار 2011 شعر الفنان قاسم جاموس الملقب (صدى حوران) أن الفرصة التي كان يحلم بها قد أزفت، فبدأ صوته يعلو في المظاهرات المطالبة بالحرية، غناء القصائد الثورية التي استمدت كلماتها من الثورة ومعانيها “السامية”، بمساعدة عدد من الشعراء الذين يحيطون به في بلدته “داعل”، وعدد من القرى المحيطة.
يقول جاموس “هناك مواهب كثيرة في مدينتي، لكن استثمارها وتطويرها لم يتوفر والأسباب كثيرة، منها عدم توفر مناخٍ يساعد هذه المواهب، وعدم وجود مقرٍ مخصصٍ لدعم هذه المواهب تتلقى فيه دروسًا حول كيفية الغناء وتعلم “النوتات” واستثمار الخامة الصوتية بالشكل الأمثل”.
وأضاف “أصوات الكثيرين رنانة ولهم شعبية عارمة وخامة أصواتهم تحكي ألمًا ووجعًا نعيشه كل يوم ولكن يؤسفني عدم اختيار الكلمة … الغناء لا تكتمل رسالته إلا عند اختيار الكلمة فهي الأساس للفنان”.
وبرأي جاموس، سوف يتطور الفن الثوري في الداخل وسيصبح في وضع “جيد جدًا”، لكن الفنان السوري في المناطق المحررة يحتاج إلى الدعم، وليس المقصود هنا المادة فحسب، بل تهيئة مناخ يطور نفسه، معاهد واستديوهات تسجيل، للاستفادة من الخامات الموجودة في عموم حوران.
وبحسب جاموس يعد تحرر الأغنية وكلماتها الثورية من سلطة النظام وأجهزته الأمنية من أهم إنجازات الثورة، ويقول “خلال الثورة نضج الفنان، وأصبح قادرًا على التعبير دون إرسال الأغنية للمخابرات لتزكيتها”.
قصيدة في خمس دقائق
يعتقد جاموس أن الفنان في المناطق المحررة يتمتع بالديناميكية كونه يعايش الحدث ومطلوب منه تقديم شيء فور تشكل المظاهرة أو غيرها من الفعاليات التي يراد فيها التعبير عن الرأي بطريقة فنية، فقبل مظاهرة بصرى الشام الأخيرة التي انطلقت خلال الهدنة منذ أيام، وتم دعوة كل النشطاء والإعلاميين والقادة العسكريين والمؤسسات والهيئات، لم يجهز الجاموس نفسه لمثل هذا الحدث، كما قال، وفي البداية رفض الغناء تخوفًا من عدم قبول الجماهير لما سيقدمه.
لكن “خلال خمسة دقائق كتب لي أحد الشعراء قصيدة تحكي الحدث، وكانت تشرح الموقف، ومن أبياتها (هدنة هدنة هدنة … الأسد دمر بلدنا) … (نحنا ارجعنا نتظاهر … بقلعة بصرى وعدنا)”.
فن يقهر الفقر
لا يعتبر جاموس ضيق الحال، والفقر الشديد الذي يقع فيه المواطنون في المناطق المحررة مبررًا لمنع أبنائهم من تعلم الفنون على اختلاف أنواعها، من غناء إلى المسرح والرسم، فهو يعتقد أن “الفن يتغلب على الفقر، والأهالي يشجعون أولادهم على فنون عديدة مثل الرسم والغناء، لأنه لا يكلف الفقير شيء سوى الاجتهاد، وهناك الكثيرون من الطبقة الفقيرة أولادهم مصانع للشعر، لما يمتازون به من بلاغة وسلاسة في نطق اللغة”.
تابع قراءة ملف: الفن السوري في المناطق المحررة… أوركسترا بلا قائد.
– “الغناء للوطن” مع شرارة الثورة الأولى.
– فن الثورة السورية وموت “حارس البوابة”.
– حركات فنية وأهازيج توحّد خطاب السوريين السياسي.
– أغان ثورية وصلت شهرتها إلى العالمية.
– تحرر الأغنية الثورية من تزكية مخابرات النظام.
– تطور فن الغناء من الفردي إلى الجماعي في المناطق المحررة.
– بناء مسرح للأطفال في إدلب وتعليم الخط العربي.
– دخول العسكرة والتشدد قيّدا فكر الثورة.. لكن لرسامي الكايكتير كلمة!
– رسام حوران: الألم يولد فنًا وإبداعًا.
– مجلة أكرم رسلان.. تغطية أحداث الثورة برسوم الكاريكاتير.
– فنانوا الغوطة يحوّلون أدوات الموت إلى تحفٍ فنيةٍ.
– رسائل “ثورية” على جدران بنش.
– غياب النخب والكوادر الفنية وشركات الإنتاج قيّد العمل الدرامي لصالح النظام.
– محاولات فنية من لا شيء.. فرقة طريق الخبز.
– “بقعة ضوء” الثوار.. كوميديا سوداء.
– راديو فريش في إدلب تدخل تجربة الإنتاج المرئي.
– وزارة الثقافة المؤقتة.. دور “معدوم” في تطوير الفن الثوري.
– الفن وعلاج الأطفال.. حكايا من الداخل السوري.
– يارا صبري: نحن بحاجة لمؤسسات وطنية تجمع الكوادر الفنية.
– الفن السوري الكردي يرسخ هوية سوريا الجامعة.
– الفن السوري والنزع الأخير.. صراع من أجل البقاء.