تغلّف الكوميديا الكثير من أحداث الفيلم المصري “سوق الجمعة”، قبل أن يخوض في فكرة غاية في الجدّية، مقدمة بأسلوب يعكس المخاطر ويضخمها نسبيًا.
في “سوق الجمعة”، حيث يتجمع الفقراء لبيع المنتجات البسيطة المتواضعة لفقراء آخرين، تدور أحداث الفيلم لتقدم صورة من زاوية واسعة لعالم كامل يوازي عوالم أخرى موجودة في كثير من البلدان، العربية وغيرها، فالفقراء لهذه الدرجة وبالصورة التي يقدمها السوق لا يلتقون بالأغنياء أبدًا، ولا تقاطع في حياة الفئتين، أو الشعبين، دون مصلحة لدى الغني يرجو من الفقير تحقيقها، أو يسعى لاستعمال الفقير كأداة لتحقيقها.
المدلول الطبقي للعمل لا يبدأ من الاسم، ولا يتوقف عند الفكرة فقط، كون إقامة هذه الأسواق الشعبية في جوهرها قائمة على اقتصاد الفقراء، فرغم انخفاض جودة البضائع وتواضعها، لا يعني ذلك قدرة من يرتادون هذا السوق على الشراء بالضرورة.
وهنا، حيث يتداخل البيع والشراء بالعلاقات الشخصية، والمحيط الاجتماعي، والحاجة والمصلحة، الجميع يحني رقبته في حضرة الفقر، ما يكوّن بيئة مناسبة لاستغلال يرصد حاجات الناس وهواجسهم، ويساوم عليها ويبتزهم بها، ويفتح أبواب المأساة على مصراعيها.
والقضية التي لا يتسرع العمل في كشفها، تتجلى بمحاولة شخص يقدّم نفسه كتاجر تحف ومقتنيات عتيقة، تفجير السوق بمن فيه، مستغلًا بذلك جهل وجشع أحد العاملين في هذا المكان.
يتخذ العمل من “الكرامة أحلى” شعارًا له، كون البوابة التي أفضت إلى مأساة أهل السوق من باعة ومشترين ومتفرجين ترتبط إلى حد بعيد بالحاجة، واستغلال نقاط ضعف البشر، وامتهان كرامتهم بالمال، ليؤيد الشعار فكرة أن الإنسان ليس سلعة للبيع والمتاجرة، وأن امتلاك المال لا يعني تفوقًا فطريًا على المحتاج، وأن التعفف والترفع عن كل ما يقدّم للشخص، وسيلة من شأنها حمايته على جميع الأبعاد.
“سوق الجمعة” صدر في 2018، من تأليف محمد الطحاوي، وسيناريو وحوار أحمد عادل سلطان، وإخراج سامح عبد العزيز.
وشارك في البطولة كل من عمرو عبد الجليل، الذي حقق حضورًا مكثفًا في العمل، وسلب جزئيًا الأضواء، بالإضافة إلى ريهام عبد الغفور، وأحمد فتحي، ودلال عبد العزيز، ومحمد لطفي، وصبري فواز، ليجمع بذلك أسماء ونجومًا قلّما يجمعهم عمل واحد، سينمائيًا كان أم تلفزيونيًا.