تأثرت بضعف الرواتب وقيمة الليرة
سوريون يحافظون على تقليد “الجمعيات” لادخار المال
اللاذقية – ليندا علي
لسنوات طويلة، كانت “الجمعية” خيار الكثير من الموظفين، لتجهيز منزل أو شراء مقتنيات مرتفعة الثمن، أو حتى لشراء ذهب الادخار، بينما تحولت اليوم إلى وسيلة لشراء الملابس أو المؤونة أو مستلزمات الأعياد.
“الجمعية” شبيهة بالقرض لكن دون فوائد، إذ يجتمع عدد من الأشخاص ويتفقون على دفع مبلغ معين من الراتب شهريًا، على أن يحصل عليها كل واحد فيهم شهريًا ريثما تنتهي الأدوار.
مانيا (39) عامًا موظفة حكومية، قالت إنها ومنذ تعيينها قبل سنوات عديدة، لا تذكر مرة أنها قبضت راتبها كاملًا، فهي تحرص على الدخول بـ”جمعيات” لأغراض مختلفة، إذ إن كل ما تمتلكه من ذهب اليوم اشترته من “الجمعيات” السابقة حين كانت قيمة الليرة مستقرة أمام العملات الأجنبية.
اليوم تختار مانيا موعدًا معينًا لقبض الجمعية، إما بداية المدرسة لشراء لوازم أطفالها، وإما في آذار لشراء هدايا عيد الأم لوالدتها ووالدة زوجها.
وأضافت أن الجمعية في السابق كانت عبارة عن 500 أو 1000 ليرة تدفع شهريًا، ودائمًا كانت مدتها عامًا واحدًا، أي تصل قيمتها إلى 6 آلاف أو 12 ألف ليرة، بحسب المبلغ الشهري المدفوع، أما اليوم فإن المبلغ الشهري المدفوع يتراوح بين 25 ألفًا و50 ألف ليرة من قيمة الراتب الذي يبلغ متوسطه نحو 290 ألف ليرة سورية.
ويفرض الحد الأدنى للأجور بمختلف مناطق السيطرة في سوريا البحث عن مصادر إضافية للدخل، إما عبر الحصول على عمل ثانٍ، وإما بالاعتماد على الحوالات المالية من خارج سوريا، الأمر الذي ليس متاحًا للجميع.
ويبلغ سعر مبيع الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية 14900 ليرة وسعر شرائه 14750 ليرة، وفق موقع “الليرة اليوم“.
أثر تراجع قيمة الرواتب
دخلت عبير (45 عامًا) في “جمعية” مطلع العام الحالي، وطلبت أن تحصل عليها بداية نيسان لشراء الملابس لابنتها قبل بدء امتحانات الإعدادية، فمصروف الدروس الخصوصية استنزف كل راتبها الشهري، إضافة إلى راتب العمل الخاص من المنزل في أيام العطل.
لسوء الحظ، لم يوافق زملاؤها على منحها إياها في شهر نيسان، وقرروا إجراء قرعة على أساسها يتم تحديد دور كل واحد فيهم، لا سيما بعد خلافهم على من سيحصل عليها أولًا، ليأتي دورها في آذار، فبادلته مع إحدى زميلاتها.
وبلغت قيمة “الجمعية” 600 ألف ليرة، وهو مبلغ بالكاد استطاعت فيه شراء بنطال “جينز” وقميص (تيشرت) وحذاء رياضي لابنتها من أحد الأسواق الشعبية بمدينة اللاذقية، بينما كانت عبير في السابق قد اشترت جميع لوازم منزلها من أثاث وأدوات مطبخ بـ”جمعية” منها بقيمة 20 ألف ليرة وبمعدل 2000 ليرة لمدة عشرة أشهر، إضافة إلى واحدة مشابهة من زوجها حين كانا خاطبين عام 2004.
وقالت عبير، إن غالبية زملائها وزميلاتها لم يعودوا يشتركون بالجمعيات، وفي كثير من الأحيان يجدون صعوبة في تجميع العدد الكافي من الراغبين بالاشتراك في الجمعية، ويضطرون لإشراك أقاربهم من خارج العمل فيها للوصول إلى العدد المطلوب، والسبب في ذلك سوء أحوال معظم الموظفين الذين يذهب راتبهم لإيفاء الديون منذ لحظة الحصول عليه مطلع كل شهر.
“جمعية الباعة”
تختلف “جمعية” باعة المفرق بشكل كبير عن “جمعية” الموظفين الحكوميين، حيث تتراوح بين ستة ملايين و12 مليون ليرة، بمبلغ شهري بين نصف مليون ومليون كامل.
وقال عيسى (37 عامًا) الذي يمتلك محل جملة لبيع المواد التموينية في إحدى القرى التابعة لناحية صلنفة، إنه اشترك مع باعة آخرين بالقرب منه في جمعية بقيمة 12 مليون ليرة، حيث يدفع كل واحد فيهم مليون ليرة شهريًا.
وكانت المشكلة، حسب قوله، فيمن سيحصل عليها أولًا، لعدم استقرار سعر الصرف واستمرار تدهور الليرة السورية، إلا أنهم يجدون في النهاية طريقة للاقتناع عبر إجراء قرعة.
وتُكتب الأرقام على أوراق منفصلة، وكل واحد فيهم يسحب ورقة، فمن يحصل على الرقم “1” يحصل على مبلغ الجمعية أولًا وهكذا، وعلى الجميع القبول بالقرعة.
ويحتاج في سوريا 16.7 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، وفق تقديرات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
ويحتاج 80% من السكان السوريين إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية في عام 2024، وفقًا لنظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024 (HNO).
كما يعاني نحو 55% من السكان في سوريا أو 12.9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، منهم 3.1 مليون يعانون بشدة من انعدام الأمن الغذائي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :