يواصل سكان في مخيم “الركبان” على الحدود السورية- الأردنية اعتصامهم منذ نحو شهر احتجاجًا على الأوضاع التي يعيشها سكان المخيم، في الوقت الذي قطعت فيه قوات النظام الطرق المؤدية للمخيم مجددًا، ما تسبب بأزمة معيشية داخله.
ومنعت قوات النظام دخول المواد الغذائية والأدوية والطحين للمخيم منذ أكثر من 20 يومًا، ما أعاد الأوضاع المعيشية المتردية إلى خيام النازحين فيه.
محمد الفضل هو ناشط إعلامي مقيم في المخيم قال لعنب بلدي، إن السكان أطلقوا، مطلع نيسان الحالي، اعتصامًا مفتوحًا للمطالبة بفتح طريق آمن باتجاه الشمال السوري أو شمال شرقي سوريا أو الأردن، كحل جذري للأزمة التي تخلقها قوات النظام بقطع الطرقات بين الحين والآخر.
قابلت عنب بلدي معتصمين اثنين من داخل خيمة الاعتصام في المخيم، قالا إن السكان يطالبون بإتاحة مغادرتهم “الركبان” نحو أي منطقة باستثناء تلك التي تسيطر عليها قوات النظام.
وأضافا أن المعتصمين طالبوا الأمم المتحدة، والأردن، وقوات التحالف، بتأمين طريق لمغادرتهم المخيم، لكن لم تلقَ مطالبهم أي تجاوب حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وتتضارب أرقام قاطني المخيم، لتبدأ من ثمانية آلاف نسمة، وفق “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في سوريا“، وتتوافق مع الإحصائية التي نشرها حساب “صوت الركبان” عبر منصة “إكس“، وهو منصة تنقل الأخبار من داخل المخيم.
وفي الإطار نفسه، تحدث وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، عن حوالي 12 ألف نسمة لا يزالون في المخيم، “أغلبيتهم من الداعشيين والجماعات الإرهابية المسلحة”، وفق تعبيره.
وفي حديث إلى وكالة “الأناضول” التركية، في نيسان 2022، قال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الأممي، ينس لارك، “نشعر بالقلق حيال الأوضاع الإنسانية والظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها سكان المخيم البالغ عددهم نحو عشرة آلاف و500 شخص”.
حصار مطبق
منذ نحو شهر، منعت حواجز النظام العسكرية دخول المواد الغذائية والأدوية والطحين للمخيم، ما ترك السكان أمام ارتفاع بأسعار المواد الأساسية، وغياب بعضها عن البقاليات.
رئيس المجلس المحلي في المخيم، محمد درباس الخالدي، قال لعنب بلدي، إن المواد الغذائية بدأت بالنفاد من سوق المخيم، على خلفية الحصار المفروض عليه.
الخالدي أضاف أن المنطقة بدأت تشهد نقصًا بتوفر الأدوية، وارتفاع أسعار بعضها، إذ وصل سعر الحبة الواحدة من مسكن “سيتامول” إلى 15000 ليرة سورية، والإبرة المضادة للالتهاب 50000 ليرة.
وامتدت آثار الحصار لتشمل المواد الغذائية الأساسية، إذ وصل سعر كيلو السكر إلى دولارين اثنين، في الوقت الذي لا يتوفر فيه أي نوع من أنواع الخضراوات في مخيم “الركبان”.
وقبل نحو أسبوع، نشر المركز الإعلامي لمخيم “الركبان” عبر “فيس بوك” منشورًا قال فيه إن قوات النظام منعت دخول الشاحنات من الطريق المؤدي للمخيم وهو الطريق الوحيد لدخول المواد الغذائية للمخيم.
وأضاف أن معضم المحال التجارية في “الركبان” صارت شبه فارغه مع فقدان أغلب المواد وارتفاع أسعار المواد المتبقيه بشكل مضاعف.
ووفق المركز الإعلامي، وصل سعر ليتر المازوت الواحد إلى 20000 ليرة سورية، بينما فُقدت مادتا الغاز والبنزين من السوق بشكل كامل، وفُقدت أيضًا مواد السكر والخضار والفروج، في الوقت الذي وصل فيه سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم إلى 200000 ليرة سورية.
وكان المخيم قبل عام 2018 يضم حوالي 70 ألف نسمة، لكن عددًا كبيرًا من سكانه خرجوا باتجاه مناطق سيطرة النظام السوري عام 2018.
وفي آذار 2020، أغلق الأردن الحدود مع مخيم “الركبان” بما فيها النقطة الطبية، وأرجعت الحكومة الأردنية سبب الإغلاق لإجراءات الحد من انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، ولم تعد فتحه بعد السيطرة على الوباء ما جعل المنفذ الوحيد لسكان المخيم باتجاه مناطق سيطرة النظام.
وقال سكان في المخيم لعنب بلدي، إن المساعدات الإنسانية لم تدخل المخيم منذ عام 2019، في الوقت الذي تحصر فيه قوات التحالف، بقيادة أمريكا المسيطرة على المنطقة، مهمتها في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” وليس لها أي علاقة بالمدنيين.
ويتبع المخيم إداريًا لمناطق نفوذ ما يُعرف بمنطقة “55 كيلومترًا” التي تتمركز فيها قوات التحالف الدولي جنوب شرقي سوريا، إلى جانب فصيل “جيش سوريا الحرة” المحلي.
قاعدة “التنف” الأمريكية في منطقة “55 كيلومترًا” تمثّل مصدر قلق للنظام السوري من جهة، وروسيا من جهة أخرى مؤخرًا.
قضية طُرحت أمام الغرب
في حديث سابق لعنب بلدي قال المعارض السوري، والرئيس الحالي لـ”الائتلاف”، هادي البحرة، إن ملف “الركبان” قُدم لدول الاتحاد الأوروبي وأمريكا.
ولإدخال المساعدات إلى المخيم هنالك خطان تعمل عليهما المعارضة السورية، بحسب البحرة، الأول عبر تقديمه من قبل الدول الفاعلة إلى مجلس الأمن، والذي يقابل بعقبة كبيرة هي “الفيتو” الروسي أو الصيني.
أما الخط الثاني فهو محاولة لإقناع الأمريكيين بتقديم بعض الخدمات عبر القاعدة الأمريكية، فمنذ فترة بدأ السكان المرضى في المخيم بالطبابة عند الأطباء الأمريكيين الموجودين في القاعدة عبر فصيل “جيش سوريا الحرة” (مغاوير الثورة سابقًا).
وتتطلّب هذه الخطوة تعاونًا أمريكيًا أكبر على الأرض، بإيصال مساعدات منظمات المجتمع المدني عبر القاعدة الأمريكية، وهو الحل الذي يُرجّح أن تصل المعارضة إلى تفاهمات لتطبيقه.
وسبق أن أعلن فريق عمل “المنظمة السورية للطوارئ” (SETF) عن إيصال مساعدات إلى مخيم “الركبان”، كجزء من عملية أطلق عليها “الواحة السورية”.