يروي مسلسل “ع أمل” قصة اجتماعية لا تتوقف عند حدود موقع التصوير، ويمكن تعميمها على مناطق وأماكن مختلفة، لبنانية وعربية.
والقضية أن يسار، المذيعة الشهيرة، كانت ضحية لأعراف وتقاليد بيئتها وعائلتها، إذ نشأت في إحدى المناطق اللبنانية التي تشير إليها اللهجة بوضوح، فتعرضت لاضطهاد طويل من عائلتها، وتحديدًا من ذكور العائلة، بدءًا من التعنيف الجسدي، وصولًا إلى تزويجها مجبرة من أحد أقاربها، دون رغبة أو قرار منها.
وإذا كانت الأعمال المشتركة (سورية- لبنانية) تميل عادة إلى تجسيد قصص نادرة الحدوث لدى عامة الناس، وتقتصر على فئة ضيقة، في حال كانت ممكنة الحدوث، وتسعى لمعالجة قضية ما، فإن “ع أمل” ينشد في جزء من حكايته الواقعية قدر الإمكان، ويضيء على غياب حقوق المرأة، وازدواجية التعامل بين الذكر والأنثى، في مجتمعات تختصر المرأة بأعمال المنزل وتربية الأطفال، وتسحب منها كل حقوقها.
تدخينها لسيجارة يجعلها مهددة بالضرب والإهانة، كما أن البنت الصغرى في العائلة محرومة من الزواج، ويقع على عاتقها إعالة والديها، بالإضافة إلى مشكلات التوريث، وجرائم الشرف، وتجريد المرأة من حق التعليم، كلها تفاصيل يضيء عليها العمل في بلد صغير ينقسم إلى أكثر من بيئة، إحداها شديدة الانفتاح، مع وجود فئات أكثر انغلاقًا إلى حد التضييق على المرأة.
وتدور القصة حول نجاة يسار من محاولة أخيها قتلها، لتنقذها إحدى العائلات وتتولى رعايتها، وتساعدها على إجراء عمليات تجميل كثيرة طمست ملامحها القديمة التي شوهها اعتداء أخيها عليها حين كان يهم بقتلها.
تابعت يسار تعليمها وترقت في العمل والطموح، لتتحول إلى مذيعة لم تنزع عنها أوجاع الماضي، فبدا خطابها الإعلامي هجوميًا ضد الرجال، مع خوفها من أي ارتباط عاطفي قد يصل في إحدى مراحله لتعرضها للضرب والإذلال، وهو ما بدا في أحد المشاهد حين ضربها جلال، الرجل الذي تحب، لتعود مشاعر الاستضعاف والأذى مجددًا من ماضيها إلى حاضرها.
“ع أمل” معالج إخراجيًا بطريقة تقربه من المشاهد، وتمنحه جاذبيته الواضحة، كما أن الحوارات رشيقة سلسة، مع قدرة على منح كل شخصية صوتها الحقيقي، فأبناء المدن، ومن يعيشون حياة سعيدة نوعًا ما، لا يتحدثون بأسلوب ولهجة ابن الريف المغلوب على أمره.
عرض المسلسل لأول مرة في رمضان 2024، وهو من تأليف ندين جابر، وإخراج رامي حنا، وبطولة كل من ماغي بو غصن، وبديع أبو شقرا، وعمار شلق، ومهيار خضور، وكارول عبود، ورنين مطر، وجوي حلاق، ومارلين نعمان، وريان حركة.