أثار مشروع “نفق المواساة” في العاصمة دمشق، الجدل قبل افتتاحه رسميًا، غدًا الخميس، 25 من نيسان.
النفق الذي تجاوزت تكلفة إنشائه 70 مليار ليرة سورية (حوالي 4.6 مليون دولار أمريكي)، وفق التصريحات الرسمية لمحافظة دمشق، أثار الجدل لارتفاع التكلفة لأكثر من الضعف، وتأخر انتهاء عمليات التنفيذ.
يربط النفق بين عدة مناطق حيوية في دمشق، وتحديدًا بين مناطق كفرسوسة والمزة وكذلك للقادمين من مشروع دمر.
هذه المناطق التي تحتوي على كثافة سكانية عالية، ووزارت وأجهزة للدولة، تحتوي كذلك على أفرع أمنية، بالإضافة لقربها من قصر الضيافة، إحدى قصور الأسد.
وقال محافظ دمشق، محمد طارق كريشاتي في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن” المحلية اليوم، الأربعاء 24 من نيسان، إن النفق سيفتتح بشكل رسمي صباح غد الخميس.
مشروع حيوي “يشوبه الفساد”
يمر النفق من أمام ثلاث مستشفيات حكومية يزورها آلاف المرضى يوميًا، هي مستشفى المواساة، ومستشفى الأطفال، ومستشفى الطب النووي.
وبلغت التكلفة الأولية 26 مليار ليرة سورية (حوالي مليون و44 ألف دولار أمريكي تقريبًا)، قبل أن ترتفع لضعفي المبلغ المرصود.
أثارت المبالغ المعلن عنها جدلًا واسعًا، ما دفع المسؤولين عن المشروع في محافظة دمشق للتوضيح عبر وسائل الإعلام.
كريشاتي برر المبالغ الكبيرة المدفوعة لإنجاز المشروع الذي نفذته مؤسسة الإنشاءات العسكرية، بوجود أعمال لتحديث البنى التحتية، وإنجاز ما أسماه “خط المياه الأضخم بتاريخ دمشق”.
ويغذي خط المياه، “ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي” وداريا وكفرسوسة.
المهندس محمد مظهر شربجي، الذي شغل سابقًا رئيس شعبة المهندسين بريف دمشق، أوضح لعنب بلدي، أن المشروع حيوي ومهم للمنطقة بالفعل، خاصةً وأن المنطقة بحاجة لحركة إسعاف سريعة، لوجود المستشفيات فيها.
لكن تساؤلات عدة تحيط بالمشروع وفق شربجي، الأول بمدة تنفيذ المشروع التي وصلت لـ11 شهرًا، بالإضافة لرفع تكلفته المالية.
وقال كريشاتي في لقاء إذاعته “شام إف إم”، في 7 من نيسان الحالي، إن الكلفة ارتفعت لوجود معوّقات لم تكن موجودة.
وأوضح أن هناك اختلافًا بأسعار المواد الأولية والمحروقات رفعت التكلفة.
وبالنظر لسعر صرف الدولار الأمريكي في أيار 2023، وهي الفترة التي أعلن فيها عن المشروع، كان السعر 8600 ليرة سورية، وفق موقع “الليرة اليوم“،
فيما وصل اليوم إلى 14750 ليرة سورية، وفق الموقع نفسه، أي أن الليرة السورية خسرت ضعف قيمتها تقريبًا خلال عام واحد.
إلا أن شربجي أشار في حديثه لعنب بلدي، إلى أن الشركات الإنشائية ولدى تنفيذها لمشاريع ضخمة، تشتري المواد الأولية بشكل كامل، تحاشيًا لأي خسائر متوقعة، نتيجة اختلاف الأسعار.
وتساءل شربجي حول سبب وراء إسناد المشروع لمؤسسة الإنشاءات العسكرية، لا شركات وطنية أخرى وضخمة، تعمل في نفس المجال.
ووفق الموقع الرسمي لوزارة الدفاع، فإن مؤسسة الإنشاءات العسكرية هي مؤسسة “خدمية ذات طابع اقتصادي، تعمل في مجال الإنشاء والتعمير على الصعيدين المدني والعسكري”.
أسباب أمنية؟
يقع النفق الجديد في منطقة ذات حساسية أمنية، إذ يقع في منطقة وسطى بين كفرسوسة، التي تضم مقرات أمنية وعسكرية، وقصر الضيافة في أبور رمانة.
ومؤخرًا ازدادت الاستهدافات الإسرائيلية لعناصر من “الحرس الثوري” الإيراني، و”حزب الله” في مناطق النظام، وتحديدًا في العاصمة دمشق، كان آخرها استهداف القنصلية الإيرانية، في المزة.
ولا يبعد النفق عن السفارة الإيرانية، المجاورة للقنصلية، سوى 3.4 كيلومتر فقط.
وتساهم الأنفاق في حماية أمنية للوفود، وأوضح مهندس الإنشاءات، عمران الجاسم، لعنب بلدي، أن المشروع وإن كان حيويًا، إلا أنه “قد يحمل طابعًا أمنيًا أيضًا”.
وأضاف أن الأقمار الصناعية يصعب عليها اختراق النفق، وكذلك المستشعرات، فيما تحجب الأنفاق الإشارات الخلوية في بعض الأحيان.
كما قد تلجأ الدول لإنشاء مقرات عسكرية وأمنية سرية، ضمن الأنفاق.
فيما لا يرى شربجي وجود أسباب أمنية بشكل مباشر لإنشاء نفق المواساة، على اعتبار الحاجة الحيوية له.
كيف تحفر الأنفاق؟
تنقسم خطوط النقل في المدن إلى نوعين، طرق سريعة وسكك الحديد، بالإضافة للأنفاق، التي تلجأ إليها المؤسسات المسؤولة عن تخطيط المدن كحل أخير، نظرًا لتكلفتها العالية.
ويتم اللجوء للأنفاق في المدن الضخمة والمزدحمة لإيصال المناطق ببعضها، وفق ما قاله مهندس الإنشاءات، عمران الجاسم، لعنب بلدي.
وتحفر الأنفاق بطريقتين، القديمة تعتمد على حفر قسم ثم تثبيته بالخرسانة والأخشاب، أو عبر تفجيره باستخدام الديناميت.
أما الطريقة الثانية فستستخدم آليات خاصة مرفقة بمثقب ضخم.
وتنشأ الأنفاق وفق جاسم، مع غياب إمكانية تحديث البنية الفوقية للمواصلات، من طريق سريعة وخلافها.