“الإدارة الذاتية” تبحث عن دعم دولي عبر ملف اللاجئين

  • 2024/04/24
  • 10:44 ص
تجمع الأهالي في أحد أحياء مدينة القامشلي قرب إحدى محطات الوقود للحصول على مادة الكاز بدل الغاز- 17 من أيار 2023 (عنب بلدي/ مجد السالم)

تجمع الأهالي في أحد أحياء مدينة القامشلي قرب إحدى محطات الوقود للحصول على مادة الكاز بدل الغاز- 17 من أيار 2023 (عنب بلدي/ مجد السالم)

بعد حوالي شهر من قرار السلطات العراقية (الحكومة المركزية، وحكومة أربيل) وقف منح إقامات للسوريين، وإجراءات أخرى شملت وقف إصدار تأشيرات دخول للسوريين، قالت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا إن أول مجموعة من السوريين المرحلين من العراق وصلوا إلى مناطق سيطرتها، لينتقلوا منها نحو مدنهم التي ينحدرون منها.

وأضافت في بيان، أن العراق رحّل اللاجئين السوريين نحو شمال شرقي سوريا، لكن بعضهم ينحدرون من مناطق يسيطر عليها النظام السوري.

ونفت “الإدارة” ما يشاع عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنها ترحل المرحلين من العراق إلى خارج مناطق سيطرتها، معتبرة أنها “معلومات ودعايات كاذبة وعارية عن الصحة، وترويج متعمّد لإثارة الفتنة”.

ونوهت إلى أن عملية الترحيل من قبل الحكومة العراقية ستستمر خلال الأيام المقبلة أيضًا، مشيرة إلى أنه “سيتم إيصال كل شخص إلى منطقته التي هاجر منها”.

لعب “الإدارة الذاتية” لدور في استقبال لاجئين سوريين ليس الأول من نوعه، إذ سبق وقدمت مبادرة لاستقبال لاجئين سوريين كانوا عالقين في السودان، إبان اندلاع المعارك بين الأطراف العسكرية السودانية قبل نحو عام.

واستقبلت “الإدارة” حينها سوريين عبر مطار “القامشلي” ممن نجوا من المعارك حينها، ولم يتضح فيما بعد إن كانوا قد بقوا في مناطق سيطرتها، أو غادرونها نحو وجهة أخرى.

وفي لبنان أيضًا حاولت “الإدارة” لعب دور في ملف اللاجئين السوريين، الذي يعتبر من أبرز الأزمات على الساحة السياسية اللبنانية، إذ سبق وقال ممثل “الإدارة” في لبنان في نيسان الحالي لوكالة “نورث برس“، إن “الإدارة” أبدت قبل نحو عام استعداداها لاستقبال اللاجئين السوريين في لبنان، ووصلت حينها عدد من العوائل لمناطق سيطرتها.

ما الهدف؟

يعتبر ملف اللاجئين السوريين من أكثر الملفات الحاضرة على الساحة، خصوصًا لدول الجوار السوري، إذ لطالما كانت مشروعًا انتخابيًا لبعض الأحزاب السياسية في هذه الدول، وملفًا يصلح لاستقطاب سياسي في دول أخرى.

وبينما يستمر رفض النظام لإعادة اللاجئين قبل البدء بإعادة الإعمار، التي برفض الغرب الشروع بها قبل تحقيق انتقال سياسي بموجب القرار الأممي “2254”، يعاني اللاجئون من حملات عنصرية متتالية في بلدان مختلفة، تدعي لترحيلهم.

الباحث المتخصص في شؤون شمال شرقي سوريا في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” سامر الأحمد، قال لعنب بلدي إن أطروحات “الإدارة الذاتية” لاستقبال اللاجئين السوريين ليست جديدة وتكررت خلال السنوات الماضية.

وأضاف أن “الإدارة” تسعى لإيصال رسائل على صعيدين، الأول للسوريين أنفسهم، والثاني للمجتمع الدولي، وتهدف لتصوير نفسها على أنها قادرة على أن تكون جزء من حل بعض المشكلات الإقليمية المتعلقة بالملف السوري، مثل ملف اللاجئين السوريين.

ويرى الباحث أن استغلال “الإدارة” لملف من هذا النوع لا يختلف عن محاولة استغلال مساعدات الزلزال في شباط 2023، بهدف كسب ثقة بعد المجتمعات السورية بها، ومحاولة أن تكون شريكة مع دول الإقليم والمجتمع الدولي فيما يتعلق بالملف السوري.

وفي شباط 2023، قالت “الإدارة الذاتية” إن المساعدات التي قدمتها إلى المناطق التي تعرضت للزلزال في سوريا، قوبلت بالرفض ومنعت من الدخول إلى مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة.

وذكرت “الإدارة” المدعومة من واشنطن، أن إرسال مساعدات جاء إثر زلزال ضرب جنوبي تركيا ومناطق شمالي سوريا، وأسفر عن تسجيل آلاف الضحايا والإصابات وسط استمرار عمليات إنقاذ العالقين من تحت الأنقاض.

بحثًا عن اعتراف سياسي

ينظر الباحث المساعد المتخصص في شؤون الفواعل مادون الدولة في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، أسامة شيخ علي، إلى تحركات “الإدارة” على أنها محاولة للبحث عن اعتراف سياسي عبر تقديم نفسها كجزء من الحل، لكنها فعليًا غير قادرة على احتواء لاجئين في مناطق سيطرتها.

وأضاف أن المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة” تشهد انتشارًا واسعًا لمخيمات اللاجئين، وتشكل هذه المخيمات مشكلة بالنسبة لـ”الإدارة” التي تقف عاجزة أمامها، في وقت يعيش فيه سكان هذه المخيمات تحت مساعدات تقدمها منظمات دولية ومحلية.

ويرى الباحث أنه لو كان لـ”الإدارة” رغبة فعلية بحل مشكلة اللجوء، قد يجب علينا النظر لملف المخيمات في مناطق سيطرتها على اعتباره يشكل مشكلة داخلية بالنسبة لها.

وتنتشر في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” العديد من المخيمات التي تأوي نازحين من مناطق سبق وشهدت معارك عسكرية بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وهي الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية” وجهات أخرى.

وتعاني المنطقة نفسها ترديًا في الأوضاع المعيشية والخدمية، حالها حال بقية مناطق السيطرة في سوريا.

هل “الإدارة” قادرة

في الوقت الذي تسعى فيه “الإدارة الذاتية” لتقديم نفسها كحل فيما يتعلق بملف اللاجئين السوريين، تعاني مدن وقرى في مناطق سيطرتها من سوء في الخدمات، وتردي في الوضع المعيشي، يجعل من أبنائها باحثين عن وجهة للهجرة حالهم حال مناطق السيطرة الأخرى.

وتضيّق “الإدارة” منذ سنوات على سكان المنطقة من المكون العربي، إذ لا يملك أبناء المنطقة من العرب تمثيلًا كافيًا علمًا أنهم يشكلون الجزء الأكبر من سكان المنطقة، وهو ما تسبب بتوترات أمنية تعود للواجهة بين الحين والآخر.

الباحث سامر الأحمد، يعتقد أن “الإدارة الذاتية” قادرة فعليًا على استقبال لاجئين سوريين من دول الجوار السوري نظرًا لكونها تسيطر على مناطق جغرافية واسعة، لكن وفق الإيديولوجيا التي تحكم بها مناطق سيطرتها فهي غير قادرة.

وأضاف الباحث، المتخصص بقضايا الشرق السوري، أن “الإدارة” تتعامل بطبيعة الحال مع سكان المنطقة بطريقة إقصائية وتمييزية، إذ تفرض ما يعرف محليًا باسم “بطاقة الوافد” على الراغبين بالعيش في محافظة الحسكة والقادمين من قرى وبلدات أخرى، علمًا أن “الإدارة” تسيطر على المنطقتين.

وفي كانون الأول 2022، أصدرت هيئة الداخلية التابعة لـ”الإدارة الذاتية” بيانًا قالت فيه إنها تمنح النازحين إلى مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا “بطاقة وافد”.

وأضافت أن الإجراءات التي تتخذها الهيئة لم تشهد أي حالة ترحيل خارج مناطق سيطرة “الإدارة” مهما كان وضعه، مشيرة إلى وجود “عمل مرن لكافة الأشخاص الذين هم من خارج مناطق الإدارة”.

وفي آذار الماضي، بدأت “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) في “الإدارة” باستدعاء النازحين من محافظة دير الزور والمقيمين في محافظة الحسكة، وتحديدًا في مدينة القامشلي، عبر مخاتير الأحياء التي يقيمون فيها، أو باتصال هاتفي، بغرض تجديد “بطاقة الوافد” وتهديد الممتنعين بـ”الترحيل من المنطقة”.

اقرأ أيضًا: كفالة السوري للسوري في مناطق “الإدارة الذاتية”.. شكاوى وتبريرات

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا