الرسوم بالدولار.. هل يستغل النظام السوري موسم الحج اقتصاديًا؟

حجاج بملابس الإحرام يؤدون مناسكهم في بيت الله الحرام (وزارة الحج والعمرة السعودية/ إكس)

camera iconحجاج بملابس الإحرام يؤدون مناسكهم في بيت الله الحرام (وزارة الحج والعمرة السعودية/ إكس)

tag icon ع ع ع

اتجه النظام السوري في أول مشاركة له بموسم الحج منذ 12 عامًا، لتسخير الموسم بصورة تجارية، من خلال تحديد طريقة التسديد بالدولار الأمريكي من جهة، وإلزام الحجاج المستنكفين بإعادة استبدال الليرة السورية بالدولار، وهي عملية تتطلب رسومًا في البيع والشراء.

فتحت وزارة الأوقاف في حكومة النظام باب التسجيل على موسم الحج، بين 1 و9 من نيسان الحالي، وأعلن وزير الأوقاف، محمد عبد الستار السيد، في 16 من الشهر نفسه، قبول العدد المطلوب، وهو 17500 حاج، من أصل أكثر من 50 ألف متقدم.

في اليوم نفسه، أصدر مصرف سوريا المركزي قرارًا ألزم بموجبه الراغبين بالحج الحاصلين على موافقة الأوقاف، بتسديد عوائد الخدمات المترتبة على أداء الحج بالقطع الأجنبي (في إشارة إلى الدولار).

وبحسب القرار، فالإيداع بالقطع الأجنبي في الحساب المحدد من وزارة الأوقاف لهذه الغاية، لدى بنك “البركة سوريا” بكافة فروعه، مع إلزام إدارة الحساب بتزويد المصرف بقائمة الحجاج الذين سددوا الرسوم، ورصيد الكشف الختامي لعمليات الإيداع، مع الوثائق التي تثبت عملية تسديد الرصيد إلى حساب وزارة الحج السعودية، بالإضافة إلى بيانات عمليات إعادة المبالغ المسددة بالقطع الأجنبي إلى المتخلفين عن أداء مناسك الحج، خلال مدة لا تتجاوز عشرة أيام من انتهاء مناسك الحج.

وزير الأوقاف في حكومة النظام، محمد عبد الستار السيد، يلتقي رؤساء مجموعات الحج وأمناء الأفوااج والمرشدين الدينيين لموسم الحج-16 من نيسان 2024 (وزارة الأوقاف/ فيس بوك)

وزير الأوقاف في حكومة النظام، محمد عبد الستار السيد، يلتقي رؤساء مجموعات الحج وأمناء الأفوااج والمرشدين الدينيين لموسم الحج-16 من نيسان 2024 (وزارة الأوقاف/ فيس بوك)

ويسمح قرار المصرف المركزي لشركات الصرافة العامة ببيع من يرغب من المواطنين السوريين ومن في حكمهم من الحاصلين على موافقة الحج جزءًا من المبلغ أو كامله بالقطع الأجنبي، وفق نشرة الحوالات والصرافة بتاريخ عملية البيع، مع إضافة عمولة لا تتجاوز 10% من سعر النشرة المطبقة، وتسليم المبلغ للمشتري نقدًا لإيداعه في الحساب المحدد من الأوقاف.

تعقيدات إضافية

إلى جانب الأوراق الثبوتية المطلوبة من الحاج لإتمام عملية البيع، فشركات الصرافة ملزمة بتزويد المصرف ببيانات عمليات البيع خلال يومي عمل من نهاية كل شهر تمت خلاله عمليات البيع بموجب هذا القرار.

كما يشترط المصرف المركزي على المتخلفين عن أداء مناسك الحج ممن اشتروا القطع الأجنبي من شركات الصرافة إعادة المبالغ المشتراة إلى الشركة التي اشتروا منها، وفق سعر صرف نشرة الحوالات والصرافة بتاريخ إعادة البيع، تحت طائلة المساءلة القانونية.

شركات الصرافة ملزمة بدفع بدل تسوية بقيمة 10 آلاف ليرة سورية عن كل يوم تأخير في تقديم البيانات المطلوبة، وآخر بقيمة 100 ألف ليرة سورية عن كل نقص في إحدى الوثائق المطلوب الاحتفاظ بنسخة منها.

من جانبها، وافقت وزير السياحة على جميع طلبات المكاتب المختصة بالحج والعمرة، ممن حققت الشروط المطلوبة من قبل الأوقاف والسياحة، لخدمة الراغبين بالسفر عبر هذه المكاتب.

ونقلت صحيفة “الوطن” المحلية، في 16 من نيسان، أن كلفة أداء الحج لمدة 14 يومًا تبدأ من 85 مليون ليرة سورية (5882 دولارًا أمريكيًا، على اعتبار الدولار يساوي 14450 ليرة وفق موقع الليرة اليوم)، وتصل إلى 200 مليون (13840 دولارًا أمريكيًا)، حسب الخدمات المقدمة للحاج، وتتضمن كل نفقات الرحلة ذهابًا وإيابًا.

هل هي تجارة فعلًا؟

الدكتور في العلوم المالية والمصرفية فراس شعبو، أوضح لعنب بلدي أن تقاضي النظام لرسوم الحج بالدولار الأمريكي أمر متوقع بسبب عجزه عن تأمين القطع الأجنبي للشعب، والاحتياجات الأساسية، فلن يؤمن ما يعتبره ربما احتياجات كمالية لا تمس بسلطة بقائه، دون أن ينفي ذلك الاستفادة من ملف الحج كـ”عربون إعادة التطبيع العربي مع دمشق”.

وقال شعبو، إن طلب الرسوم بالدولار ليس مفاجئًا، كون حجز تذكرة الطيران يتم بالدولار، والذاهب إلى الحج يدرك أنه سيدفع بالعملة الصعبة، في ظل حالة عدم يقين بقدرة مكاتب التحويل والصرافة على بيع الدولار للمواطن، وفق رأيه.

الخبير الاقتصادي يرى أن الكثير من الحجاج قد يلجؤون إلى تأمين القطع الأجنبي من مواردهم الشخصية أو من السوق السوداء، بعيدًا عن التدخل المباشر للحكومة، أمام القيود وحالة التشديد المفروضة على بيع الدولار.

وبحسب شعبو، فإن النظام السوري لا يستفيد بشكل مباشر من هذه العملية، لكن الأفراد المقربين والمتنفذين سيحققون أرباحًا من هذه العملية، وحتى لو تقاضت هذه الجهات رسومًا إضافية واستطاعت تحصيل ما يصل إلى ألف دولار أمريكي من كل حاج، فالمبلغ في مجموعه قد يصل إلى نحو 17 مليون دولار، وهي أرقام كبيرة إذا كان المستفيدون أفرادًا، لكنها لا تدعم ولا تسهم في استقرار وانتعاش دول، ولهذا السبب يعمل النظام على مبدأ الفردية، لتقاسم الأرباح بين عدة أفراد، ما لم يسيطر أحد أركان النظام على العملية بالكامل، ودون أي أثر إيجابي على الخزينة السورية.

“اتجه النظام لفتح باب بيع العملة الصعبة للراغبين بالحج لعدم إثارة حالة هلع وطلب للعملة الصعبة في الأسواق، وليقول إنه ملزم أو ملتزم بتأمينها، لكن في الواقع لن يكون هناك تأمين سريع لهذه الاحتياجات”.

فراس شعبو- الدكتور في العلوم المالية والمصرفية

أسعار أقل

تتولى “الهيئة السورية للحج والعمرة”، وهي إحدى مؤسسات المعارضة، تسيير أفواج الحجاج من الشمال السوري وتركيا وقطر وأربيل، بينما يتولى النظام لأول مرة منذ 12 عامًا تسيير أفواج الحجاج من دمشق وبقية دول العالم.

حددت “الهيئة السورية”، في 14 من نيسان، رسوم التسجيل في مكاتب باب الهوى والسلامة وتل أبيض والريحانية وغازي عنتاب بـ4600 دولار أمريكي للشخص الواحد، بينما تبلغ في اسطنبول وأربيل 4800 دولار للشخص الواحد.

وفي قطر تبلغ رسوم التسجيل للشخص 5200 دولار أمريكي.

“الهيئة السورية” تحدد تكلفة ومواعيد التسجيل على الحج لموسم 2024

ويأتي تباين رسوم التسجيل بسبب فروقات أسعار حجوزات الطيران، على أن تسدد القيمة الإجمالية في مكاتب “الهيئة السورية” بموجب إيصال رسمي صادر من مكاتبها، مع الإشارة إلى أن المبلغ لا يشمل قيمة الهدي، ولا يتضمن كلفة نقل الحاج من منزلة إلى المطار أو إلى المعابر البرية في الذهاب والإياب.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة