يتناول المسلسل المصري “المعلم” مجموعة من الأفكار والقضايا والموضوعات، ويعمل على معالجتها خلال 30 حلقة عُرضت في رمضان.
ويتمحور العمل حول حامد، صياد السمك الذي يعارض تهريب المخدرات من البحر ضمن بضاعته، ما يقوده إلى نهاية تبدو متوقعة منذ المشاهد الأولى، وتتجلى بتوريطه وزجه بالسجن ليقضي هناك الكثير من حياته، ليخرج بعد عمر طويل زاهدًا في الدنيا ومتاعها.
في هذا الوقت، وتحت وطأة هذه الظروف وغياب الأب، وزوال النعمة، فإن “معلم”، وهو اسم البطاقة أو الهوية، إلى جانب كونها صفة العاملين المتمرسين في سوق السمك، يجد نفسه في مواجهة مع المسؤولية منذ الطفولة، فيخلع ثوب التعليم، نحو السمك وبيع السمك، في سوق محكوم بعائلة ظالمة انقلبت على حامد، ولي نعمتها، وتتحكم بقوت وأرزاق الناس.
الظلم والبحث عن العدالة، وصراع الخير والشر، عنصران جاذبان في الأعمال الدرامية بالمجمل، وصورة البطل القادم من تحت قد تبدو مغرية في عيون المشاهد، وتخلق ارتباطًا عاطفيًا يتحول إلى حالة تعاطف، لكن التركيز الأكبر في “المعلم” ينصب على وجود خائن، ومحاولة اكتشاف هذا الخائن الذي تسبب بسجن حامد، ما يجعل المشاهد شريك توقعات، ومحاولة فهم حكاية لم تكتمل على الشاشة بعد، خلال المشاهدة.
تتأرجح واقعية العمل بين الحضور في تصوير الحياة والبيئة، والغياب في تصوير قدرات البطل الفتاكة، وآلية تعامل السلطة مع مكان أو بيئة ما تنحيها تمامًا وتتعامل بشريعتها.
ومن هذه الواقعية أن الطعنات لا تأتي بشكل متوقع، وأن خيبة الأمل قد لا يكون مصدرها الحتمي العالم الخارجي، ما خلف باب المنزل، ويمكن أن تكون من البيت نفسه، ومن أحد أفراد العائلة، بصرف النظر عن الظروف والحالة والمبررات التي يمكن تقديمها لتبرير شناعة فعل ما.
ينتمي العمل إلى بيئة الأعمال الاجتماعية الدرامية، ويقدم رسائله بوضوح قد لا يكون مستساغًا، كونه يعوّد المشاهد على الكسل وعدم الاستنتاج، فلا ترميز في العمل، والحوارات طويلة واضحة، بمشاهد طويلة، الأحاديث المتبادلة فيها لا تسلم من التكرار وإعادة التدوير، بما قد يسمح ببعض ملل، كما أن كل حلقة تبدأ لا من حيث توقفت سابقتها، بل قبل دقائق من نهاية الحلقة السابقة، ما يعني محاولة إطالة العمل فنيًا ليتناسب مع مقاسات العرض خلال رمضان (30 حلقة، أو 15 حلقة).
مسلسل “المعلم” من تأليف محمد الشواف، وإخراج مرقس عادل، وبطولة ماهر شعبان وهاجر أحمد وأحمد بدير وانتصار وسهر الصايغ ومنذ رياحنة ومحمود الليثي وعبد العزيز مخيون.