ودّع مسلسل “ولاد بديعة” جمهوره بالحلقة الـ30 التي امتدت لساعة كاملة تقريبًا، بينما كانت الحلقات السابقة تتراوح بين 45 و51 دقيقة بمعظمها، دون أن تقدّم هذه الدقائق الإضافية مسارًا طبيعيًا أو منطقيًا لإقفال الحكاية.
الأشخاص الأربعة الذين تجمعهم علاقة عائلية معقدة ومركبة تجعل من بعضهم إخوة لبعض دون أن يكون الجميع أشقاء، لم تتوج بالعفو والصفح الجميل، والمشكلات التي خلقها العمل لدى أبطاله الأربعة لم تكلل بحلول نهائية محسومة، بل خطت أبعد من ذلك، بمحاسبة طرف دون آخر.
في الحلقة الأخيرة تجاهل العمل فكرة “التطهير” التي يتبعها بعض كتاب الدراما ويؤمنون بها، وتقوم على محاسبة المقصّر، ومعاقبة المذنب من الشخصيات قبل انتهاء العمل، على مبدأ أن غياب العدالة بين الناس، وصعوبة الوصول إلى الإنصاف الحقيقي لا يعني استبعاده دراميًا، فيمنح الكاتب نفسه صلاحيات القاضي، ويحاسب كل مسيء ويكافئ كل محسن في النص الدرامي.
هذه الآلية لم تُتّبع في “ولاد بديعة”، فبحر المشكلات والمصائب التي ارتكبها كل من شاهين وسكر وياسين مرّت بالمجان، ودون عقاب حقيقي، بما يحرض على الفعل الفردي، والتوجه نحو انتزاع الحقوق أو منحها خارج منطق “الدولة”.
كما أن الأخ الرابع، مختار، الذي يعاني من مشكلات نفسية جمّة، وتعرّض لأذية جسدية تسببت له بعاهة دائمة، لم يخضع مع إخوته لحساب عادل، وبقيت الأمور متروكة للأيام، فبدا زجه في المصحة عقوبة على تحريضه على القتل وتعرضه للسرقة تأنيبًا لجشعه الكبير الذي دفعه للتعامل بندية صلفة مع شقيقيه، وكله أمل بأن يحرمهما من نصيبهما في إرث أبيهما.
رغم البداية المبشرة للحكاية ككل، فإن سرد الأحداث ومعالجتها والحوار دخلت في نفق مظلم بوضوح أكبر في الحلقات العشر الأخيرة، فبدت بعض ردود الفعل غير مدروسة أو منطقية، كما أن استعادة “أبو الهول” من فكي الموت لمشاهد قليلة قبل قتله مجددًا لم تحمل مبررها الدرامي الواضح لدى جمهور المشاهدين.
وحزن ياسين وسكر وإحساسهما بالذنب بعد قتلهما “أبو الهول” (محمد حداقي) بدا غريبًا، إذ أقدما على محاولة قتل الرجل من قبل دون أدنى وازع من ضمير، رغم اقتناعهما بموته مع شقيقه حينها، إلى جانب تخلّي ياسين عن مبالغ طائلة لأنها “مال حرام”، رغم تعلقه المرضي بالنقود، كلها رسائل بدت مرتبكة ومتضاربة مع سياق المسلسل العام، وكل هذا لا ينفي الجماهيرية الكبيرة التي حققها المسلسل، وتصدره المشاهدات على وسائل العرض الرئيسة، ومنها منصة “شاهد”.
“ولاد بديعة” من إخراج رشا شربتجي، وتأليف يامن الحجلي وعلي وجيه، وبطولة يامن الحجلي، وسلافة معمار، وسامر إسماعيل، ومحمود نصر، وولاء عزام، وفراس إبراهيم، ونادين خوري، ونادين تحسين بيك.