نتائج عكسية لعطلة عيد الفطر في سوريا

  • 2024/04/14
  • 1:35 م
"بسطات" بالقرب من مديرية الزراعة في اللاذقية - 9 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

"بسطات" بالقرب من مديرية الزراعة في اللاذقية - 9 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

اللاذقية – ليندا علي

تتجاوز خسارة أحمد (45 عامًا) مئات آلاف الليرات، في كل مرة تعلن الحكومة فيها عن عطلة طويلة الأمد، كما يحدث حاليًا في العطلة التي منحتها لمدة تسعة أيام بمناسبة عيد الفطر.

“أحمد” (اسم مستعار) الذي يستثمر أحد المكاتب بالقرب من مديرية المالية في مدينة اللاذقية، تتوقف أعماله لمدة أسبوع كامل في كل عطلة، ما يعني الإضرار بمصالحه ومصالح العاملين لديه في المكتب، وهو يقدم خدمات الطباعة والتصوير للمواطنين الذين لديهم معاملات في المالية.

الإجازة الطويلة عاقت أحمد عن تقديم عيدية جيدة لعماله، فتعطيل أسبوع كامل في الشهر يعني خسائر كبيرة، مقابل الكثير من التكاليف بما فيها الضرائب والبدل المالي الذي يدفعه لصاحب المكتب.

مثال أحمد يمكن تعميمه على جميع المكاتب المشابهة بالقرب من المديريات والمؤسسات، التي تقدم خدماتها للمواطنين، مثل المصالح العقارية، كذلك المكتبات بالقرب من جامعة “تشرين” والبلدية وغيرها.

ومقابل ضرر المكاتب من العطلة الطويلة، هناك ضرر على المواطنين الذين لديهم معاملات يجب إنجازها، خصوصًا في المحاكم التي ستؤجل كل أعمالها حتى نهاية العطلة، ويعاد ترتيب المواعيد لوقت لاحق، قد يطول تبعًا للضغط الذي تسببه العطلة الطويلة.

كما أنها تؤثر سلبًا على عمل المحامين، الذين يعتمدون في معيشتهم على ما يحصلون عليه من أجور التقاضي، وكذلك على معقبي المعاملات، وحتى أصحاب “الأكشاك” (الكولبات) الصغيرة لبيع المشروبات، الذين يعتمدون في دخلهم بشكل رئيس على الموظفين.

وأصدر مجلس الوزراء في حكومة النظام السوري بلاغًا حدد فيه أيام عطلة عيد الفطر لعام 2024، وذكر أن الجهات العامة تعطل الجهات اعتبارًا من يوم الأحد 7 من نيسان الحالي حتى 13 من الشهر نفسه، مع مراعاة للجهات العامة التي تتطلب طبيعة عملها أو ظروفها استمرار العمل فيها.

طلبة المدارس أيضًا

طلبة المدارس، وخاصة في الشهادة الثانوية والإعدادية، يعتبرون إحدى أكثر الفئات تضررًا من العطلة الطويلة، لا سيما الفقراء منهم الذين لا يملكون المال الكافي للدروس الخاصة، فمع اقتراب الامتحانات تزداد الحاجة لإنهاء المنهاج، بينما تحول العطل الطويلة دون ذلك.

وشهد الموسم الدراسي الحالي ثلاث عطل طويلة، في أعياد الميلاد ورأس السنة، والعطلة الانتصافية، وعيد الفطر، ما مجموعه شهر كامل تقريبًا.

إنصاف (38 عامًا)، أم لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، قالت، إنه على الرغم من أن أطفالها صغار وليسوا في سن الشهادة الإعدادية أو الثانوية، فإنها تجد صعوبة بالغة في عودتهم إلى المدرسة والدراسة مع كل عطلة جديدة طويلة يعلن عنها.

وأضافت إنصاف أن الوضع التعليمي في مدرسة أطفالها التي تقع بمدينة اللاذقية غير جيد أساسًا، فالصفوف مكتظة بالطلاب الذين فقدوا الإحساس بأهمية المدرسة والمسؤولية تجاه الدراسة نتيجة الإهمال والعطل الطويلة.

وتؤدي العطل الطويلة إلى تراكم المنهاج لكل الطلاب، ولا يقل ضرر طلاب الجامعات عن غيرهم، إذ يضطر أساتذة المقررات الجامعية إلى تعويض المحاضرات بطريقة سريعة بعد انتهاء العطلة، ما يعني شرحًا أقل ومعاناة أكبر للطلاب الذين لا يملكون أي حل آخر لفهمها سوى عبر الدروس الخصوصية لمن استطاع إليها سبيلًا.

ليان (20 عامًا) طالبة في السنة الثالثة بكلية هندسة العمارة في جامعة “تشرين”، سعيدة جدًا بالعطلة التي تعني توفير أجور المواصلات كونها من سكان الريف، إلا أنها في الوقت ذاته تدرك بأن العطلة ستسبب ضغطًا دراسيًا كبيرًا عليها وعلى جميع زملائها في الكليات العلمية.

ومع استمرار تلك العطل، يستحيل إنهاء المنهاج، وبالتالي ستضطر لدراسته ومحاولة فهمه لوحدها كونها لا تمتلك المال الكافي للدروس الخصوصية، حسب قولها.

وفي السياق نفسه، يقتصر عمل المستشفيات الحكومية خلال العطل على الحالات الإسعافية فقط، وغالبًا ما يتم تأجيل كل الحالات الأخرى لما بعد انتهائها أيضًا.

لمصلحة الموظفين

الموظفون بالقطاع الحكومي هم الأكثر ترحيبًا بالعطلة الطويلة، فهي تعني بالنسبة لهم توفير أجور المواصلات، التي تقضم في بعض الحالات ثلث الراتب الشهري الذي يبلغ الحد الأدنى له نحو 280 ألفًا.

الخبير الاقتصادي عمار يوسف قال لصحيفة “البعث” (ناطقة بلسان الحزب الحاكم في سوريا)، إن الحكومة تحاول توفير البنزين والمحروقات من خلال العطل الطويلة، وأضاف أن تلك العطل أضرت بالاقتصاد السوري أبلغ ضرر، حيث تأخر الإنتاج، وأوقفت معاملات الناس.

وذكر أن للعطل نتائج سلبية كبيرة خصوصًا في مجال القضاء، حيث تتأجل الدعاوى لمواعيد بعيدة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضياع الحقوق وتضرر مصالح المواطنين، بالإضافة إلى ذلك، فإنها تؤثر على التعامل الخارجي، إذ تتوقف حركة التبادل التجاري والصناعي الخارجي، بسبب عدم وجود الآلية الإدارية اللازمة للتعامل مع هذه العطل.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع