يشعر مصطفى بالرضا والطمأنينة لبيعه كامل كميات نبات الآس (الريحان) التي اشتراها بأسعار مناسبة، وباعها محققًا أرباحًا جيدة مستغلًا فترة عيد الفطر، لتأمين مصاريف منزله واحتياجات أسرته.
مصطفى كردي شاب ثلاثيني من مدينة إدلب يعمل في البناء، استغل فرصة عيد الفطر لبيع الآس، ووضع “بسطته” خلال اليومين الأخيرين من شهر رمضان على ناصية أحد الشوارع في إدلب، ونقل بضاعته إلى المقبرة صباح يوم عيد الفطر في 10 من نيسان الحالي.
وقال مصطفى لعنب بلدي إن المبيعات كانت جيدة وأفضل من الأعوام السابقة، رغم ارتفاع أسعار الآس بنسبة 50%، إذ وصل سعر ربطة الأس إلى 15 ليرة تركية، مقارنة بـ10 ليرات عام 2023.
ويشتري مصطفى الآس من مصدره في جبل الزاوية، وتبلغ كلفة ربطة الآس مع أجور النقل 10 ليرات تركية، وباعها بـ15 ليرة، لافتًا إلى أنه استطاع بيع 200 ربطة يوميًا، مقارنة بـ100 ربطة عام 2023.
موسم للعمل
خلال فترة الأعياد وتحديدًا قبل العيد بيوم أو يومين، تنشط في إدلب “بسطات” بيع الآس، لذلك يستغل المناسبة عمال المياومة والباعة، ويفترشون الأرصفة والطرقات وينشرون بضاعتهم لتحقيق مبالغ مادية.
ويعد التوجه إلى المقابر بعد الخروج من صلاة العيد، وحمل الباقات الخضراء من نبات الآس، وتوزيعها على القبور، تقليدًا اعتاد عليه معظم السكان في سوريا وفي الشمال السوري.
فادي يازجي (32 عامًا) عامل بناء آخر، استغل الموسم لبيع الآس، وبدأ بذلك قبل عيد الفطر بثلاثة أيام في مدينة أريحا جنوبي إدلب، وانتقل وقفة العيد إلى مدينة إدلب وباع فيها حتى صباح عيد الفطر.
وقال فادي لعنب بلدي إنه يشتري الآس من جسر الشغور بسعر 7 ليرات تركية للربطة الواحدة، ويضاف إليها ليرة ونصف كأجور للنقل، ويبيعها بـ20 ليرة، بينما يأخذ 10 ليرات في حال كان الزبون فقيرًا.
وذكر البائع أن الآس يمثل فرص عمل موسمية جيدة للعديد من الأسر الفقيرة التي تنتظر فترة الأعياد لتحقيق شيء من الدخل في مناطق إدلب، لافتًا إلى أن الباعة يشترونه من جسر الشغور أو من جبل الزاوية.
تزيين للقبور واستذكار للموتى
واعتاد السوريون وضع الآس على القبور صبيحة يوم العيد، كطقس لتزيين المقابر التي تكتسي باللون الأخضر وتفوح منها الروائح الزكية، كما أن وضع الآس له رمزية في نفوس الأهالي ترتبط بالشوق والذكرى للمتوفين.
الخمسيني عماد العيسى من إدلب، قال لعنب بلدي إن وضع الآس على القبور عادة متأصلة لدى السوريين، حيث يخرجون من صلاة العيد ويتوجهون أولًا إلى المقابر، ويحملون باقات الآس لأحبائهم المتوفين، وبعد نشر الآس يسقون القبور ويدعون للميت ويستذكرون اللحظات الجميلة.
ويعد الآس من النباتات دائمة الخضرة بيضية الأوراق ذات أزهار بيضاء أو وردية عطرية، وله رائحة فواحة ويسمى ثمره بالحبلاس أي حب الآس، ويعرف بين السوريين باسم الآس أو الريحان.
ولنبات الآس نوعان، آس بورق عريض وهو موجود بكثرة قرب الأنهار وفي المناطق الساحلية، وآس ذو ورق ناعم وينتشر في الجبال والأحراش، كما أن الآس ينمو لوحده.