قبيل عيد الفطر تشهد أسواق مدينة القامشلي وشوارعها ومحالها التجارية ازدحامًا، حيث يبحث السكان عن احتياجاتهم من ألبسة وأحذية وسكاكر وحلويات وغيرها.
وتبدأ رحلة البحث عن البضائع بأسعار “مقبولة”، ويضطر الأهالي إلى استكشاف كل الخيارات المتاحة لهم، من السوق المركزية إلى المحال الصغيرة، وإلى “البسطات” التي تملأ الشوارع.
يعمل علي الحسين (45 عامًا)، وهو أب لثلاثة أطفال من القامشلي في ورشة بناء، وقال لعنب بلدي إن همومه تزداد قبيل العيد، لأن الأسعار في الأسواق “نار تكوي الجيوب”.
وأضاف أن الغلاء المعيشي طال كل شيء، لافتًا إلى أن شراء كسوة العيد لطفل واحد يكلفه ما يقارب المليون ليرة سورية، وهو مبلغ لا يستطيع تأمينه.
من جهتها، اعتبرت هدى جمعة (48 عامًا) من القامشلي أن العيد صار في الحقيقة “عيدًا للأطفال فقط”، لأنه يثقل الأعباء المالية على الأهالي، ويزيد من هموم العائلات الفقيرة.
وقالت لعنب بلدي إن معظم الآباء والأمهات وهي منهم لا يشترون لأنفسهم لباسًا جديدًا في العيد، ويقتصر الأمر على تأمين الكسوة لأطفالهم بأي ثمن، حتى لو اضطروا للاستدانة.
وترى هدى أن العيد فرصة لجعل الأطفال يعيشون أيام من الفرح، لأنهم لا يدركون حقيقة الوضع الاقتصادي المتردي، ولا يجب تحميلهم هموم الحياة.
وذكرت أنها اشترت لطفلتها (12 عامًا)، فستانًا وحذاء وحقيبة صغيرة، وتشكيلة من أربطة الشعر الملونة، بمبلغ 650 ألف ليرة سورية (نحو 45 دولارًا أمريكيًا).
ولفتت إلى أنها اشترت قسمًا من محال السوق المركزي وقسمًا من “البسطات” بما يتناسب مع ميزانيتها المتواضعة.
نظرة إلى الأسعار
في جولة لعنب بلدي على محال الألبسة والأحذية في أسواق القامشلي، كانت أسعار ألبسة الأطفال هي الأغلى، وتراوحت أسعار الفساتين بين 250 ألف ليرة و500 ألف ليرة سورية، وحقائب البنات بين 50 ألفًا و100 ألف ليرة سورية حسب الحجم والجودة.
وتراوحت أسعار الأحذية بين 75 ألفًا و150 ألف ليرة سورية، وبلغ سعر طقم الأطفال (بنطال مع قميص) نحو 500 ألف ليرة سورية.
وبالنسبة لأسعار الألبسة الشبابية، تراوح سعر القميص بين 100 ألف و180 ألف ليرة حسب الجودة والماركة، وسعر البنطال بين 100 ألف و200 ألف ليرة سورية.
ومع بداية شهر رمضان هذا العام، في 11 من آذار الماضي، ارتفعت أسعار معظم السلع في شمال شرقي سوريا، وسط واقع اقتصادي ومعيشي متردٍ، إذ تبلغ أجور العمال اليومية في المنطقة نحو 40 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ الحد الأدنى لرواتب العاملين لدى مؤسسات “الإدارة الذاتية” مليونًا و40 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل 14450 ليرة).
“سيمالكا” والعملة.. سببان لرفع الأسعار
تعد الأسعار مرتفعة بالمقارنة مع مستوى الدخل في المنطقة، بينما يرى مواطنون في حديث لعنب بلدي أن جودة البضاعة “منخفضة”، ولا تتناسب مع أسعارها العالية.
صالح محمد (38 عامًا)، وهو صاحب محل لبيع الألبسة (مفرق وجملة) في القامشلي، قال لعنب بلدي إن 90% من البضاعة ذات منشأ تركي، ويدفع التجار ثمنها وضرائبها ورسوم عبورها بالدولار ما يفسر ارتفاع الأسعار.
وأضاف أن التجار استوردوا كميات من الألبسة التركية من شمالي العراق عن طريق معبر “سيمالكا” الذي انهار مؤخرًا جراء الفيضانات، ما أوقف حركة نقل البضائع وهذا ساهم في زيادة الأسعار أيضًا.
وذكر أن حركة البيع “مقبولة”، لكنها في العيد السابق كانت أفضل، لافتًا إلى أن كثرة الناس في الأسواق والازدحام الذي يميز أيام ما قبل العيد لم تعد دليلًا على المبيعات الجيدة.
وفي ظل ارتفاع الأسعار تنشط مبادرات جماعية لتأمين كسوة العيد للأطفال الأيتام وغيرهم من أبناء الأسر الفقيرة.