استبدلت ربيعة (36 عامًا) الحلويات الجاهزة بحلويات صنعتها في المنزل، محاولة قدر الإمكان أن تجعلها ناجحة بالاعتماد على وصفات تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لأن راتبها الحكومي 300 ألف ليرة سورية لا يكفي لشراء كيلو واحد من الحلويات ذات النوعية الجيدة.
وقررت السيدة تجربة إعداد المعمول لأول مرة في منزلها قبل عيد الفطر، معتبرة أن التجربة ناجحة بتقييم من حولها، كما أنها أخف تكلفة، لأنها اشترت المستلزمات من محل (بقاليّة) أعلن عن عروض على مستلزمات الحلويات.
اشترت السيدة التي تقيم في حي دعتور بسنادا في اللاذقية، ثلاثة كيلوغرامات طحين بسعر 8000 ليرة للكيلو الواحد، وكيلوغرامين من السمنة النباتية وسعرهما 60 ألفًا، وأربعة كيلوغرامات سكر بـ30 ألفًا، وعجوة بسعر 17 ألفًا.
واشترت أوقية من الجوز بسعر 25 ألفًا، ليكون الناتج كميات وافرة من المعمول والغريبة والكعك بحليب، بتكلفة لم تتجاوز الـ160 ألف ليرة.
الحلويات الجاهزة غالية
أعربت السيدة عن رضاها بالتجربة، لأنها لجأت إليها بينما كانت تحاول شراء ثلاثة كيلوغرامات من الحلويات الشعبية، كالكعك والمعمول بعجوة، لتنصدم من الأسعار المرتفعة حتى بالنسبة للأنواع المصنوعة بالسمن النباتي.
ويتراوح سعر كيلو معمول بعجوة بالسمن النباتي بين 40 ألفًا و65 ألف ليرة، وكيلو معمول بالجوز بين 75 و90 ألف ليرة، وكيلو المعمول بعجوة بالسمن الحيواني بين 120 ألفًا و150 ألف ليرة، وبالجوز بين 150 ألفًا و220 ألف ليرة، وبالنسبة لسعر كيلو المعمول بالفستق فيتراوح بين 340 و400 ألف ليرة، بحسب المحل وشهرته.
أما الحلويات العربية، فتلك لها زبائنها الخاصة، إذ لا يقل ثمن الكيلو الواحد منها عن 300 ألف ليرة، ويصل إلى 500 ألف ليرة لبعض الأنواع مثل البلورية والمبرومة.
وتنتج بعض محال الحلويات الشعبية، الحلويات العربية مستبدلة الفستق والجوز والكاجو، بالفستق العبيد، إلا أنها غير مرغوبة لدى الغالبية نتيجة مذاقها المختلف كليًا وغير المحبب.
مشاركة مع الجارة
في إحدى القرى التابعة لمنطقة الحفة، تعاونت الجارتان مها (34 عامًا) ونايلة (40 عامًا) على صنع الحلويات، فمها تمتلك الجوز الذي مونته من شجرة أمام منزلها، واشترت معه السكر، بينما كان على نايلة شراء السمنة والطحين والسميد.
وقالت مها، إنهما تشاركتا العمل طيلة ليل كامل، لتكون الكمية كافية بطعم لذيذ وكلفة منطقية قياسًا بالأسعار المرتفعة كثيرًا في السوق، واعتبرت أن للأنواع مرتفعة الثمن زبائنها الخاصين، إلا أنهم حكمًا ليسوا من عامة الناس.
ركود في طلبات التحضير
يوجد في اللاذقية سيدات تعملن بمشاريع صغيرة لصناعة الطعام والحلويات، وعلى الرغم من بقاء يوم على عيد الفطر، إلا أن فيفيان (50 عامًا) لم تتلقّ حتى 10% من الطلبات التي تلّقتها عام 2023 في عيد الفطر.
ومن أصل 70 كيلوغرامًا صنعتها وباعتها عام 2023، لم تتلقّ هذا العام سوى عشرة طلبات، بكميات قليلة، وأضافت أن البعض طلب منها نصف كيلو من المعمول بعجوة ونصف كيلو من الجوز بالسمن النباتي.
وأشارت إلى أنها لم تتلقّ أي طلب بالسمن الحيواني لأن سعره يكون مضاعفًا عن سعر الحلويات المصنوعة بالسمن النباتي.
في المقابل، توجد عائلات لم تشتر الحلويات أو تصنعها، فالتكاليف المرتفعة تقف عائقًا أمامهم، كحال فاطر (40 عامًا)، والذي قال إنه لم يصنع أو يشتري الحلويات، مقابل إعطاء أولاده “خرجية بسيطة” خلال العيد يشترون بها الحلويات كالبسكويت، ويأخذهم بنزهة قصيرة.
ويعتقد فاطر وهو سائق سيارة (تاكسي) في المدينة ويقيم في سقوبين، بأن مظاهر صنع وشراء الحلويات في ظل الظروف الحالية لم تعد أولوية.
ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام نحو 279 ألف ليرة، ويعادل الدولار الأمريكي 13850 ليرة سورية.
وقبل بداية شهر رمضان في 11 من آذار الحالي، ارتفع متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مؤلفة من خمسة أفراد، إلى نحو 12.5 مليون ليرة سورية، بينما وصل الحد الأدنى إلى 7.8 مليون ليرة سورية.