“زحمة عالفاضي”.. ما حال أسواق اللاذقية مع اقتراب عيد الفطر

محال و"بسطات" في سوق "العنابة" في اللاذقية قبيل عيد الفطر- 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconمحال و"بسطات" في سوق "العنابة" في اللاذقية قبيل عيد الفطر- 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

لم تكن الحوالة التي وصلت إلى إلهام (28 عامًا) من أهلها في تركيا، كافية لشراء كل مستلزمات العائلة لعيد الفطر هذا العام، ما اضطرها لشراء المنتجات الأقل جودة وثمنًا بخلاف الأعياد الماضية.

وقالت السيدة التي تنحدر من مدينة حلب وتعيش مع أطفالها الثلاثة وزوجها في حي العوينة بمدينة اللاذقية، إنها وفي كل مناسبة اعتادت أن تتلقى حوالة بقيمة 300 يورو (نحو 4 ملايين و500 ألف ليرة سورية)، من أشقائها وشقيقاتها في تركيا.

وذكرت أن المبلغ  كان خلال السنوات الماضية كافيًا لشراء حلويات من مختلف الأنواع وملابس ذات جودة عالية، بينما في هذا العام لم يكفِ، ما اضطرها لشراء الملابس من سوق “العنابة” الشعبي الأقل ثمنًا، والحلويات من المحال الشعبية، مقتصرة على كيلوغرامين من “معمول العجوة”، ومثلهما من الكعك.

وفيما يخص الملابس، حرصت العائلة على شراء الملابس للأطفال الثلاثة، بمعدل بدل كامل لكل منهم، بلغ ثمن الواحد نحو 400 ألف ليرة.

ووصفت إلهام التي تساعد زوجها في عمله على “بسطة” متنقلة يبيع فيها الخضراوات أو القهوة والشاي بحسب الموسم، حال الأسواق بـ”النار”، إذ ارتفعت أكثر من ثلاثة أضعاف قياسًا بعام 2023.

وتشهد الأسواق الشعبية للملابس والحلويات زحامًا شديدًا، حيث يحاول الباعة استغلال فترة العيد لتحسين أرباحهم، نتيجة الركود الكبير منذ بداية العام الحالي، فمعظم رواد الأسواق الشعبية هم من الفئة التي بالكاد تعمل لتحصل على الطعام.

محال و"بسطات" في سوق "العنابة" في اللاذقية قبيل عيد الفطر- 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

محال و”بسطات” في سوق “العنابة” في اللاذقية قبيل عيد الفطر- 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

غياب مظاهر العيد

غابت مظاهر العيد المعتادة لناحية كثافة التحضيرات، حيث كانت الطقوس تقتضي شراء الحلويات بمختلف الأنواع بكميات كبيرة، إضافة إلى الملابس الجديدة حتى الملابس الداخلية، ورغم كثرة العرض فإن الإقبال ضعيف.

داخل أحد المحال المخصصة لبيع “الجينزات” النسائية والرجالية والولادية في سوق “العنابة”، كانت سيدة تفاصل البائع على ثمن ثلاثة سراويل “جينز” لعمر “المحيّر”، البائع كان يريد 550 ألف ليرة، والسيدة كانت تحاول تخفيض المبلغ إلى 500 ألف ليرة، وحين فشلت تركت كل شيء وغادرت، ليضرب البائع كفيه ببعضهما ويقول “الكل بفاصل وبيقيس وما بيشتري، زحمة عالفاضي”.

ويعكس هذا المشهد حال الأسواق الشعبية التي تعجز العائلات عن شراء مستلزماتها منها، رغم الرغبة الشديدة بالشراء والاحتفال ببهجة العيد.

ألبسة معروضة في سوق "العنابة" في اللاذقية - 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

ألبسة معروضة في سوق “العنابة” في اللاذقية – 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

على الجانب الآخر، انتشرت “البسطات” ببضائعها “الرديئة”، بينما الأسعار مرتفعة قياسًا بالدخل، وبنفس الوقت منخفضة قياسًا بأسعار باقي الأسواق، حيث يستطيع الطفل مثلًا أن يحصل على بدل بسعر 60 ألف ليرة، إلا أنه من قماش سيئ “نايلون وغير مريح”، ومع ذلك فإن الأهالي لا يمتلكون أي خيارات أخرى، خصوصًا أن النوع الجيد في السوق يصل ثمنه إلى 200 ألف ليرة.

ومنذ يومين تفتح الأسواق حتى ساعة متأخرة من الليل، ما أدى إلى زيادة عمل الحافلات (الباصات)، على سبيل المثال خط قنينص- الشيخ ضاهر يعمل حتى الساعة الـ2 ليلًا، مع ارتفاع بسعر الأجرة لتصل إلى 1000 أو 1200 ليرة، بعد أن كانت 700 ليرة.

ويتذرع السائقون بأن العمل في الليل يحتاج إلى المازوت بـ”السعر الحر” (الليتر بين 14 ألفًا و16 ألف ليرة)، وهم يلبون حاجة الأهالي وبالتالي من حقهم الحصول على أجرة منطقية قياسًا بسعر المازوت.

فرصة للمشاهدة

تجد لميس (42 عامًا)، من سكان ضاحية بسنادا، في تلك الأجواء فرصة للنزهة أكثر من الشراء، حيث تصطحب طفليها الصغيرين بعد الإفطار للتنزه في الأسواق، وإن وجدت ما هو جيد وسعره مناسب فإنها تشتري ضمن الميزانية الصغيرة التي رصدتها للعيد، والتي لا تتجاوز الـ600 ألف ليرة، ادخرتها من عملها في إحدى المكتبات بالقرب من جامعة “تشرين”.

حتى اليوم الاثنين 8 من نيسان، لم تشترِ لميس أي شي لطفليها سوى حذاء رياضي بسعر 50 ألف ليرة من إحدى “البسطات” في سوق “العنابة”، حيث وجدته سعرًا مغريًا على الرغم من رداءة المنتج، وهي تدرك أنه لن يكفي طفلها الذي لا يتجاوز الـ11 عامًا من العمر، لأكثر من شهرين أو ثلاثة على أبعد تقدير.

فكرت لميس بشراء ملابس العيد من “البالة” لطفليها، رغم اعتيادها شراء الملابس الجديدة احتفاء بالعيد، لكنها فشلت، حيث أسعار “بالة” سوق “أوغاريت” أغلى ثمنًا من أسعار المنتجات الجديدة في سوق “العنابة”، حيث طلب البائع 350 ألف ليرة ثمن الحذاء وحجته أنه أجنبي ونوعيته جيدة.

محال و"بسطات" في سوق "العنابة" في اللاذقية قبيل عيد الفطر- 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

محال و”بسطات” في سوق “العنابة” في اللاذقية قبيل عيد الفطر- 7 من نيسان 2024 (عنب بلدي/ ليندا علي)

تكاليف باهظة للملابس

في جولة على “عبّارة” الأطفال بمدينة اللاذقية، وهي عبارة عن سوق مخصص لبيع ملابس الأطفال، يتراوح ثمن بدل كامل من النوع المتوسط لطفل لا يتجاوز من العمر 8 سنوات بين 300 ألف و550 ألف ليرة، دون حساب ثمن الحذاء، وقد يصل إلى 700 ألف ليرة للأنواع الأكثر جودة.

وفي سوق التجار الخاص ببيع مختلف أنواع الملابس، كان من الملاحظ الارتفاع الكبير، وانتهاء موسم التنزيلات إلا على بعض القطع الشتوية السميكة التي لا يساعد الطقس على ارتدائها خلال العيد.

وتراوح سعر بنطال “الجينز” للرجال والنساء بين 225 ألفًا و500 ألف ليرة، و”البلوزة” النسائية بين 200 و300 ألف ليرة، والرجالية بين 185 ألفًا و275 ألف ليرة، والأحذية الرياضية تبدأ من 200 ألف والرسمية من 225 ألفًا، وقد تصل لنحو المليون ليرة تقريبًا بحال كانت من الجلد الجيد، أي أن مبلغ مليون و500 ألف ليرة، بالكاد قد يكون كافيًا لشراء بدل رجالي أو نسائي، في ظل الأسعار المرتفعة حاليًا.

ولم يسهم تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار بانخفاض الأسعار أو حتى استقرارها، إذ إنها ارتفعت قليلًا في فترة ما قبل العيد، أو على الأقل لا يقبل الباعة المفاصلة فيها مستغلين رغبة الناس بشرائها، بخلاف الأيام العادية حيث تنجح المفاصلة بتخفيض السعر قليلًا.

ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام نحو 279 ألف ليرة، ويعادل الدولار الأمريكي 13850 ليرة سورية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة