تركيا.. آمال السوريين بـ”زيارة العيد” تصطدم ببدائل مكلفة

سوريون يدخلون الأراضي السورية عبر معبر جرابلس الحدودي مع تركيا- 23 من تموز 2019 (معبر جرابلس الحدودي/ فيس بوك)

camera iconسوريون يدخلون الأراضي السورية عبر معبر جرابلس الحدودي مع تركيا- 23 من تموز 2019 (معبر جرابلس الحدودي/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

للعام الثالث على التوالي، يستعد السوريون في تركيا لاستقبال العيد يرافقهم عبء متجدد بعدم قدرتهم على زيارة أهاليهم في سوريا، وقضاء المناسبة معهم هذا العام أيضًا، مع استمرار قرار إلغاء إجازات العيد التي كانت مفتوحة لسنوات سابقة.

“وحدهما الموت والمرض يمكنان السوري في تركيا من زيارة أهله في سوريا في هذا العيد كذلك، دون تحمل كلفة مالية لا طاقة له بها”، هذا ما روته سلوى (52 عامًا) المقيمة في اسطنبول من تجربتها الحالية، والتي لجأت إلى تركيا من محافظة إدلب قبل نحو ثماني سنوات هربًا من الحرب تاركة أمها وإخوتها هناك.

لم تجد سلوى طريقًا لزيارة سوريا مجانًا والاطمئنان على أخيها محمد المصاب بمرض في القلب، إلا عبر تقديم طلب (ديليكشة) لوالي اسطنبول مرفق بملفات تثبت حالة أخيها الصحية، ولا تزال تنتظر موافقة الوالي على طلب الزيارة وتواظب على الاستفسار من مسؤولي المعبر عما إذا كانت الموافقة قد صدرت.

تختنق الكلمات عند سلوى، خلال حديثها مع عنب بلدي، قائلة، “تعبنا، طوال السنوات الماضية اعتدت على زيارة سوريا خلال فترة العيد للاجتماع بأهلي. كانت هذه الفرصة بمثابة أكسجين لنا بعد كل الضيق والظروف القاسية التي نكابدها في الغربة والبعد عن الأهل، لقد قطعوا الأكسجين عنا”.

بدائل للبعض أعباء لآخرين

من السوريين من وجد في الإجازات الخاصة التي أتاحتها المجالس المحلية في الداخل السوري عبر معبر جرابلس أملًا للوصال مع الأهل، غير أن حصرها بمعبر جرابلس شرقًا، والذي يبعد عن مناطق بعضهم في الشمال ما يزيد على 150 كيلومترًا، جعل منه حلًا مليئًا بالعراقيل.

من جانبها، ترى صبا (23 عامًا) المقيمة في اسطنبول قادمة من مدينة إدلب، تسييس ملف إنساني كهذا “كارثة إضافية على اللاجئين السوريين في تركيا”، فضلًا عن معضلة التكلفة المادية للزيارة التي تبلغ 200 دولار أمريكي عن كل شخص.

وتبعًا لحساب سريع أجرته صبا، وفق عدد أفراد عائلتها، قالت إن تكلفة الزيارة ستصل إلى 1200 دولار.

وبنبرة لا تخلو من التعجب تساءلت، “نحن ستة أشخاص هل يعقل أن نتكلف مبلغ 1200 دولار لزيارة وطننا لمدة لا تتجاوز شهرًا واحدًا”.

شو نحنا سياح ولا طالعين سياحة.

صبا- لاجئة سورية في اسطنبول

تأثيرات اجتماعية وعائلية

يقيم محمد عبد الرزاق (34 عامًا)، في ولاية هاتاي جنوبي تركيا، وهو أحد الراغبين بزيارة سوريا خلال فترة العيد لـ”ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد”، وفق تعبيره، إذ يمكنه زيارة عائلته النازحة نحو ريف إدلب للاطمئنان عليهم وإقامة خطوبته بحضور عائلته وأقاربه في سوريا.

وبالنسبة لمحمد، الذي ينحدر من محافظة ريف دمشق، يستحيل على عائلته أو أقاربه الانتقال إلى تركيا لحضور خطوبته لأسباب عديدة أهمها القوانين التركية المانعة، إضافة إلى التكاليف المالية التي وصفها بـ”الكبيرة”.

أمل العيد بقرار جديد

كغيرها، تأمل سلوى بتحقق الإشاعات المنتشرة عبر مواقع التواصل والمنصات حول احتمالية صدور قرار يتيح زيارة السوريين إلى بلدهم هذا العيد أو بعده بأيام.

“قالوا لي، إن إجازة الوالي مدتها 15 يومًا فقط، هل تكفيني لرؤية عائلتي، بعد انقطاع لأكثر من عام؟”، أضافت سلوى، التي تأمل بأن تتاح زيارة العيد مجددًا لمرتين في العام، ليمكنها ذلك من الاطمئنان على أخيها وحضور العادات العائلية خلال عيد الأضحى هناك، ربما.

وفي الوقت الذي أكد فيه المتحدث الإعلامي لمعبر جرابلس لعنب بلدي استئناف المعبر التسجيل على إجازات المجالس المحلية قبل أيام ودخول الدفعة الأولى من السوريين القادمين من تركيا، نفى صدور أي قرار جديد متعلق بزيارة الأعياد عن الجانب التركي مستبعدًا صدوره قريبًا، بسبب اقتراب عطلة العيد المخصصة للمعبر وتوقف عمله خلال هذه العطلة.

وفي 6 من تشرين الثاني 2023، سمحت تركيا للسوريين المقيمين على أراضيها بزيارة مناطق شمال غربي سوريا عبر معبر جرابلس الحدودي وفق فترات تحدد من قبل المجالس ولقاء دفع مبالغ بدأت مع 100 دولار ووصلت حاليًا إلى 200 دولار.

بعد سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها الحكومة التركية عام 2014 نحو اللاجئين السوريين، تبدلت عام 2016 بفرض “الفيزا” لدخولهم، ثم تشددت عقب الإغلاق الذي نتج عن انتشار جائحة “كورونا” عام 2020، وامتدت في 2022 لتتحول إلى إلغاء كلي لزيارات الأعياد حتى اليوم، بدوافع سياسية.

وتحت ضغط المعارضة التركية واستغلالها لملف اللاجئين في كل مناسبة أو استحقاق انتخابي أو أزمة داخل تركيا، حُرم السوريون من إجازات العيد.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة