لأسباب اقتصادية.. توزيع وجبات الإفطار يتراجع في طرقات إدلب

  • 2024/04/02
  • 10:53 ص
فريق جمعية "عطاء" للإغاثة الإنساني خلال توزيع وجبات إفطار سريعة على المارّة شمالي سوريا - 26 من آذار 2024 (جمعية عطاء)

فريق جمعية "عطاء" للإغاثة الإنساني خلال توزيع وجبات إفطار سريعة على المارّة شمالي سوريا - 26 من آذار 2024 (جمعية عطاء) فريق جمعية "عطاء" للإغاثة الإنساني خلال توزيع وجبات إفطار سريعة على المارّة شمالي سوريا - 26 من آذار 2024 (جمعية عطاء)

تراجعت هذا العام مشاهد وقوف أشخاص يحملون أكياسًا صغيرة تحتوي على بضع حبات من التمر وعبوة ماء، لتوزيعها على المسافرين قبيل أذان المغرب في شوارع إدلب وأوتوستراد “باب الهوى”.

ينظم ياسر السيد (24 عامًا) وهو مهجر يقيم في مدينة إدلب مبادرات لتوزيع إفطار على المسافرين منذ خمسة أعوام، قال لعنب بلدي، إنه بدأ المشاركة في هذه الحملات بالسنة الأولى له في الجامعة، عندما تعرف إلى بعض الأصدقاء، وقرر معهم إطلاق أول مبادرة.

وكانت المبادرة عبارة عن وضع علبة تمر صغيرة وعبوة ماء وبسكويت في كيس صغير، وتوزيعها على المسافرين الذين يمرون على طريق “باب الهوى” وقت الإفطار، ولم تكن في البداية بشكل يومي، إنما حسب التبرعات التي يستطيع فريق ياسر جمعها.

وقال ياسر، إن المبادرة لم تكن تحتاج إلى الكثير من الأموال، إذ كانت 50 دولارًا أمريكيًا كافية يوميًا، واستطاع الفريق في العام الأول للمبادرة جمع مبلغ 750 دولارًا من الأقارب والأصدقاء خارج سوريا، وفي العام التالي جمع ضعف المبلغ من التبرعات، كما أسهم بعض التجار بتقديم بعض كراتين التمر للمبادرة.

وبحسب ياسر، لم يستطع الفريق هذا العام جمع سوى مبالغ قليلة بالكاد تكفي للتوزيع ليومين أو ثلاثة أيام، لافتًا إلى أن السبب تراجع التبرعات وضعف الحالة المادية للمواطنين، وانشغال السوريين في الخارج بتأمين المساعدات لأهاليهم بدل التبرع لمثل هذه المبادرات، كما أن ارتفاع الأسعار زاد من التكاليف.

تكاليف مرتفعة

رغم بساطة هذه المبادرات فإنها تحتاج إلى تكاليف مرتفعة تقسم على قسمين، الأول يذهب كمصاريف لتنقلات القائمين على هذه المبادرات، والقسم الآخر يصرف لشراء المواد الغذائية كالتمر والماء وغيرها ما يشكل وجبة “بسيطة”، وتختلف من فريق لآخر حسب إمكانيات القائمين على المبادرة.

مازن عبيد (36 عامًا) مهجر من ريف دمشق ويقيم في سرمدا، نظم مبادرة لتوزيع الإفطار على المسافرين عام 2023، قال لعنب بلدي، إنه شكل فريقًا تطوعيًا قبيل رمضان (2023) بأيام بهدف القيام ببعض “أعمال الخير”، منها توزيع الإفطار على المسافرين على أوتوستراد “باب الهوى”.

وأضاف أن فريقه كان يوزع كل يوم ما يزيد على 100 وجبة إفطار، تتضمن الواحدة سبع حبات من التمر وعلبة ماء صغيرة وموزو وقطعة “معروك” بتكلفة بلغت 0.7 دولار أمريكي، ويضاف إليها 10 دولارات يوميًا كمصاريف النقل، لتصل تكلفة توزيع الـ100 وجبة إلى 80 دولارًا يوميًا، لافتًا إلى أن تكاليف الحملة لم تتجاوز 2500 دولار أمريكي.

ارتفاع المستوى العام للأسعار زاد تكاليف مثل هذه المبادرات بنسبة تراوحت بين 60 و70%، وصارت تكلفة الوجبة التي كانت توزع عام 2023 تزيد على 1.2 دولار أمريكي، أي أن تكاليف توزيع 100 وجبة تزيد على 140 دولارًا أمريكيًا لكل يوم.

وبذلك يحتاج توزيع 100 وجبة طيلة شهر رمضان إلى 4200 دولار أمريكي، وهو مبلغ كبير لا تستطيع المجموعات الشبابية تحمله دون تبرعات.

سالم السالم (41 عامًا) هو أحد المشاركين في مبادرة لتوزيع وجبات الإفطار على المسافرين، قال إن حجم التبرعات هذا العام كان ضعيفًا، واستطاع مع رفاقه عام 2023 جمع 3500 دولار أمريكي، لتوزيعها على شكل وجبات بسيطة لإفطار المسافرين، أما العام الحالي فلم تصل التبرعات إلى نصف المبلغ.

وأضاف سالم أن هذا المبلغ “البسيط” وضع الفريق في حيرة، بين أن يوزع التمر والماء فقط وبذلك يكفي هذا المبلغ لأكثر من نصف رمضان، أو أن يوزع 200 وجبة يوميًا على مدار خمسة أيام فقط، ليقرر الفريق في النهاية شراء كمية من اللحم وتوزيعها على الفقراء والمحتاجين بسبب ارتفاع أسعار اللحوم، وعدم قدرة معظم الأهالي على شراء السلعة.

ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تراجع مبادرات توزيع الإفطار على المسافرين هي حالة الطقس وانخفاض درجات الحرارة، ما يقلل من شعور المواطنين بالعطش والعناء من الصيام، باختلاف الأعوام السابقة، كما أن انهمار الأمطار يعرقل وقوف الشباب على الطرقات.

انخفاض هذه المبادرات لا يعني غيابها كليًا، إذ نشطت بها فرق وجمعيات عدة، منها فريق “ويبقى الأمل التطوعي” وفريق “إحسان التطوعي” وجمعية “عطاء” للإغاثة الإنسانية، إذ انتشرت فرق تابعة لها على الطرقات العامة قبيل أذان المغرب، ووزعت وجبات إفطار سريعة على المارّة، عدا عن نشاط عشرات المنظمات والمتطوعين بحملات لإفطار صائم في المخيمات، وتوزيع وجبات ومواد غذائية على المحتاجين.

ويسكن شمال غربي سوريا 4.5 مليون شخص، منهم 4.1 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.

وتصل أجرة العامل يوميًا في أحسن الأحوال إلى 100 ليرة تركية (نحو ثلاثة دولارات أمريكية)، بينما وصل حد الفقر المعترف به إلى 10843 ليرة تركية، وحد الفقر المدقع إلى 8933 ليرة.

مقالات متعلقة

خدمات محلية

المزيد من خدمات محلية