درعا – سارة الأحمد
أطلق أبناء مدينة الحراك شرقي محافظة درعا حملة لجمع التبرعات لاستكمال تجهيز مستشفى بالمدينة بعد الانتهاء من ترميمه، لخدمة سكانها وسكان المناطق المحيطة بها.
ومر المستشفى بمرحلتين، الأولى كانت عام 2022، وهدفت لترميم ما دمره القصف الجوي الروسي خلال العمليات العسكرية بالمحافظة عام 2018.
والمرحلة الثانية أطلقها وجهاء وسكان المدينة منذ منتصف 2023، ولا تزال مستمرة، وتهدف هذه المرحلة لاستكمال تجهيزات المستشفى الطبية.
غياب تام للمنظمات
المهندس عمر، وهو من المشرفين على مراحل تجهيز المستشفى، قال لعنب بلدي، إن مراحل العمل تعتمد بشكل كامل على مبادرات محلية وأهليه فقط، إذ لم تشارك أي من المنظمات الخاصة أو الحكومية في هذا العمل.
وأضاف المهندس عمر (طلب عدم ذكر اسمه الكامل لمخاوف أمنية) أن المبادرات أطلقها سكان مدينة الحراك، وقرى وبلدات تحيط بها مثل قرى علما والصورة، وبلدتي المليحة الشرقية والغربية، وناحته، ومدينتي بصر الحرير والكرك الشرقي.
وتمكن القائمون على الحملات من جمع 300 ألف دولار موزعة على مرحلتين، الأولى هدفت لترميم المستشفى وتجهيز بنائه الخارجي، وتمديد الكهرباء وخطوط الصرف صحي، إلى جانب تجهيز النوافذ والأبواب.
وتعتمد المرحلة الثانية القائمة حاليًا على شراء تجهيزات غرف العمليات الجراحية وبعض المعدات اللازمة لتجهيز أقسام التوليد، والإسعاف والأطفال، بحسب عمر.
المهندس قال، إن إعادة تشغيل المستشفى تهدف للتخفيف عن الناس مشقة الذهاب إلى مستشفيات بمدن أخرى في محافظة درعا، قد تكون بعيدة عن مناطق سكنهم، وما يترتب عليها من أجور مرتفعة للمواصلات وخاصة أجرة “التاكسي”.
وإلى جانب ما سبق، تعتبر مخاوف شباب المدينة من الملاحقة الأمنية خارج مدنهم وقراهم سببًا لترميم المستشفى، تجنبًا للمرور على الحواجز العسكرية.
من مستشفى إلى عيادة
طبيب يعمل في القسم الإداري بمستشفى الحراك، قال لعنب بلدي، إن الحملة تمكنت من تأمين مستلزمات أقسام العمليات في المستشفى عدا قسم الأشعة وغسل الكلى.
وأضاف أن المستلزمات اشتراها القائمون على مبادرة المجتمع المحلي، لكن معظمها لم يدخل الخدمة بعد بسبب عدم امتلاك المستشفى الترخيص الأمني.
وأضاف أن نشاط المستشفى يقتصر اليوم على العيادات الطبية، تجنبًا للمخالفات.
وقال الطبيب الذي تحفظ على ذكر اسمه لمخاوف أمنية، إن المستشفى يعاني من نقص بالكادر الطبي والممرضين.
ويسعى المستشفى الآن إلى افتتاح قسم العمليات الجراحية والتعاقد مع أطباء بجميع الاختصاصات، ورصد مبلغ رمزي عن كل عملية جراحية لتغطية نفقات التعاقد مع الأطباء.
وأضاف أن المستشفى تعامل خلال الأشهر الأربعة الماضية مع أكثر من 2500 حالة إسعافية وتمريضية، وأكثر من 25 حالة ولادة طبيعية.
الطبيب أشار إلى أن جزءًا من العلاج غير متوفر في المستشفى، ويترتب على المرضى شراؤه على نفقتهم الخاصة، بينما توجد علاجات أخرى متوفرة ومجانية في المستشفى نفسه.
وطالب الطبيب بتدخل المنظمات الدولية لسد النقص الحاصل في المستلزمات الطبية والأدوية، نتيجة عدم تقديم مديرية الصحة في درعا المواد الضرورية.
السكان ينتظرون الافتتاح
ينتظر محمد (54 عامًا)، وهو صاحب محل حلويات من أبناء مدينة الحراك، بفارغ الصبر إكمال افتتاح قسم العمليات الجراحية وقسم غسل الكلى.
ويعتقد محمد أن افتتاح المستشفى الجديد سيسهم بإنهاء معاناة السكان في التنقل بين الحراك والمستشفيات الحكومية والخاصة في مدن محافظة درعا.
ولمحمد نفسه تجربه مع التنقل بين مدينته الحراك ومستشفيات بعيدة عن مكان إقامته، إذ يحاول علاج إحدى كليتيه متحملًا تكلفة أجرة المواصلات التي اعتبرها أحد أسباب صعوبة العلاج.
ومن الأسباب الأخرى التي ذكرها محمد خلال حديثه لعنب بلدي، الخوف من الحواجز الأمنية التابعة للنظام، والمنتشرة على الطرق الرئيسة بين مدينة الحراك ومدينة درعا.
جميلة (32 عامًا)، وهي معلمة صف من سكان مدينة الحراك، قالت لعنب بلدي، إن مستشفى الحراك أسهم مؤخرًا في علاج بعض الأمراض، وعمليات الولادة الطبيعية، إضافة إلى الإسعافات التي يقدمها، وتكون غالبيتها مجانية.
مديرية الصحة.. إعلام دون عمل
أوضح مدير صحة درعا، الدكتور بسام السويدان، لصحيفة “تشرين” الرسمية في منتصف تشرين الثاني عام 2023، أنه تم مؤخرًا الانتهاء من تأهيل الطابق الأرضي ضمن بناء مستشفى الحراك المتضرر والخارج من الخدمة منذ عام 2016، لافتًا إلى أن إعادة الترميم والتأهيل تمت بالتعاون مع المجتمع المحلي.
وأضاف حينها أن المديرية انتهت من تركيب التجهيزات والمستلزمات الطبية، بالتوازي مع تكليف الكوادر الطبية والتمريضية والفنية بأداء العمل ضمن الأقسام التي افتتحت.
تصريحات مدير الصحة سبقها تأكيد المصادر الطبية بمستشفى الحراك أن المستشفى يعاني من نقص بالكادر الطبي والممرضين، إذ يبلغ كادر العمل اليوم 15 طبيبًا وممرضًا، وكذلك تقصير مديرية الصحة في درعا بأداء واجباتها وتأمين المستلزمات بوصفها الجهة الرسمية المسؤولة.