سوريات يتحدثن عن رمزيته

فستان الزفاف.. حق يرتبط بمناسبة لا تتكرر في الحياة

محال تبيع فساتين زفاف في شارع فوزي باشا بمدينة اسطنبول - 22 آذار 2024 (عنب بلدي)

camera iconمحال تبيع فساتين زفاف في شارع فوزي باشا بمدينة اسطنبول - 22 آذار 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – رازم السوادي

تتمنى كل فتاة أن تكون مميزة في يوم زفافها، باعتباره يومًا واحدًا لا يتكرر، وهو الحال بالنسبة لبيريفان أيوب، وهي شابة سورية تنحدر من مدينة عين العرب/كوباني، وتقيم في ألمانيا.

تزوجت بيريفان منذ نحو سبعة أشهر، علمًا أنها لم تكن تجهز لإقامة حفل زفاف، كما هو متعارف عليه في الثقافة السورية، بسبب الوضع المادي، بحسب ما قالته لعنب بلدي.

اكتفت بيريفان بارتداء فستان زفاف في أثناء عقد القران، وقالت لعنب بلدي، “إن الفستان كان بسيطًا جدًا دون احتفال”، لكنها أشارت إلى أن سعادتها كانت “لا توصف”، وفق تعبيرها.

خوفًا من الندم

كانت لفاطمة تجربة مغايرة عن بيريفان، لأن فستان الزفاف لم يشكل فارقًا، بل كان مزعجًا لها، وفق تعبيرها.

فاطمة كوجيغيت، هي فتاة سورية تركمانية، تعيش حاليًا في مدينة أنقرة، تزوجت بشاب تركي منذ نحو ثلاث سنوات، ولديها اليوم طفل يبلغ من العمر سنتين ونصفًا.

لم تكن فاطمة التي تنحدر من ريف حلب مهتمة بالفستان، لكنها بحسب ما قالته لعنب بلدي، فكرت قليلًا بمستقبلها بعد الزواج، هل ستندم إن لم ترتدِ فستان الزفاف، لذا اختصرت على نفسها “الندم المحتمل” وارتدته.

وكونها تزوجت في فترة انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد-19)، لم تتمكن فاطمة من إقامة حفل زفاف، بل كانت المناسبة أشبه بتجمع عائلي.

ترى فاطمة أن الفستان هو حق للفتاة، مع ذلك اختيارها لارتدائه لم يكن متعلقًا بكونه من حقها، بل كان متعلقًا ببعد نفسي أكثر، وعلى حد قولها، لم تبح بأفكارها لأي أحد بما يتعلق بعدم اكتراثها، وأصرت حتى على ارتدائه.

مهم ويمكن الاستغناء عنه

قالت بيريفان، إن الفستان هو تفصيل مهم وجميل، لكنه بالطبع لا يشكل كل شيء بالنسبة لها، ومن وجهة نظرها، قد يكون المرء بموقف يتطلب منه التضحية ببعض التفاصيل.

فكّرت بيريفان قليلًا، قبل أن تشير إلى صعوبة اتخاذ قرار التخلي عن ارتداء فستان الزفاف، وأضافت لعنب بلدي: “لا يجب التنازل عن ارتداء فستان الزفاف، إذا كانت الظروف تسمح”.

من جانبها، تنظر فاطمة إلى موضوع ارتداء فستان الزفاف على أنه جزء من عادات وتقاليد الزواج، ليس في سوريا فقط، بل في العالم أجمع.

 

“لا يجب التنازل عن ارتداء فستان الزفاف، إذا كانت الظروف تسمح”.

بيريفان أيوب – شابة سورية تقيم في ألمانيا

 

ومن وجهة نظرها، لا يجب التنازل عن هذا التفصيل في مراسم الزفاف، إذ قد يؤدي إلى تنازلات أخرى في المستقبل.

 

ذكرى “جميلة”

عندما تنظر بيريفان أو فاطمة إلى صور الزفاف، تتأكدان من أهمية ارتداء فستان الزفاف ومدى “الألق” الذي منحه لهن، بحسب ما قالتاه لعنب بلدي.

ومع أن الفستان كان مزعجًا لفاطمة طوال حفل عقد القران، ولم تكن قادرة على التنفس بسبب ضيقه، تساءلت عن دافعها لارتدائه، لكنها تنظر الآن إلى صور الزفاف وتشعر بسعادة لأنها فعلت ذلك.

وترى فاطمة أن الفستان أظهرها في صور الزفاف على أنها “العروس”، وليست مجرد فتاة في حفلة.

 “حق” للفتاة

سارة، فتاة تنحدر من محافظة دمشق تقيم بمدينة اسطنبول، تعتبر فستان الزفاف من أهم طقوس الزواج.

سارة المقبلة على الزواج لا ترى الفستان حلمًا، لكنها ترفض التخلي عنه، كون فرح الزفاف يأتي مرة واحدة في عمرها، وفق تعبيرها.

وتفكر الفتاة العشرينية دائمًا بشكل الفستان، وحجمه، ودرجة لونه، التي يجب أن تتناسب مع لون بشرتها، والتفاصيل الأخرى التي ستعتني بها، لأن على العروس أن تبدو “ملكة الحفل”، وفق تعبيرها.

فاطمة كوجيغيت، ترى من جانبها أن فستان الزفاف يبرز أنوثة المرأة، أي أنه “يؤدي الغرض الذي تطمح له الفتاة من لفت الانتباه، والظهور بأبهى حلة أمام زوجها والحضور”، بحسب تعبيرها.

مواصفات الفستان

تختلف تصاميم فساتين الزفاف عن بعضها، فتكون بأكمام طويلة وأخرى بنصف كم وأغلبها قصيرة، إضافة إلى تصميم منطقة الصدر والخصر وأسفله إذ يكون غالبًا منفوشًا، ما عدا نوعية القماش وتدرجات اللون الأبيض التي تختلف لتلائم بشرة العروس، لذا تنظر كل فتاة إلى ما يناسب جسدها ولون بشرتها وطولها في أثناء اختيارها.

الظرف والذوق الشخصي ومكان العرس من الأشياء التي تحدد شكل الفستان، بحسب بيريفان، إذ اعتبرت أن المكان لعب دورًا باختيارها، لأن حفل عقد القران كان في المنزل، لذا لم تتمكن من ارتداء فستان ضخم، واكتفت بفستان بسيط.

وعن شكل الفستان الذي كانت تود ارتداءه قالت، لم أفكر بشكل معين، عدا أن يكون بسيطًا، ذا لمعة، وضيقًا من الأسفل، وهكذا كان فستانها بعقد القران، لكن عند التقاطها الصور التذكارية استأجرت فستانًا مما أتيح إليها نظرًا لضيق الوقت والوضع المادي.

من جهة أخرى، يختلف ذوق فاطمة عن بيريفان في بعض النواحي، إذ فضلت أن يكون الفستان “سادة” تمامًا، ولا يحوي خرزًا أو لمعة، وأكمامه طويلة، إلى جانب نوعية القماش التي فضلت أن تكون من “الدانتيل”.

وبسبب الاستعجال بالزواج، لم تتمكن فاطمة من تفصيل الفستان الذي “رسمته بمخيلتها”، إذ يأخذ التفصيل وقتًا طويلًا إضافة إلى تكلفته العالية.

وقررت فاطمة أن تختار ما تجده بالسوق، وكان الموجود يختلف تمامًا عما تود ارتداءه، لذا انتهت باختيار فستان عرس متكامل يحيط بمنطقة الخصر والرقبة ويحمل الخرز حول الكتف، على حد وصفها.

التبرع بالفستان

بعد الزفاف، فكرت بيريفان ببيع الفستان، لكنها وجدت صعوبة بالتخلي عنه، وتشجعت على التخلي عن فستانها بعد أن شاركت صديقتها عبر منصة “إنستجرام” منشورًا عبر خاصية “ستوري”، تحدثت فيه عن نيتها التبرع بفستانها.

لم تتردد بيريفان بإخبار صديقتها عن نيتها التبرع هي أيضًا بفستانها.

قالت فاطمة، إنه “يوجد الكثير ممن لا يملكون ثمن الفستان، كم هو رائع أن تعيش فتاة أخرى شعوري ذاك اليوم”، مشيرة إلى أنها لن ترتدي فستانها مرة أخرى، إضافة إلى صعوبة تخزينه بسبب حجمه، كما أنه قد يتسخ ثم يهترئ في حال الاحتفاظ به، وفي النهاية سيرمى في القمامة، دون أن تستفيد منه هي أو أي فتاة غيرها”.

فكرت فاطمة بالتبرع بفستانها أيضًا، نظرًا إلى عدم حاجتها له كما أشارت سابقًا، خاصة أن الوضع الاقتصادي الذي يعيشه السوريون شكّل دافعًا إضافيًا للتبرع بالفستان.

 

“يوجد الكثير ممن لا يملكون ثمن الفستان، كم هو رائع أن تعيش فتاة أخرى شعوري ذاك اليوم”.

فاطمة – سيدة سورية تعيش في تركيا

 

في البداية، كانت فاطمة ترغب بإرسال فستانها لفتاة تعيش داخل سوريا، لكنها واجهت صعوبة بذلك، وقررت التبرع به من خلال إحدى الصديقات العاملات بهذا المجال.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي عبر مواقع إلكترونية في تركيا تُعنى ببيع الملابس، تبدأ أسعار فساتين الزفاف الطويلة من 10 آلاف ليرة تركية.

وارتفع الحد الأدنى للأجور في تركيا بنسبة 49%، في 27 من كانون الأول 2023، ليصبح 17002، بدلًا من 11402.

ويعادل الحد الأدنى للأجور نحو 552 دولارًا أمريكيًا، إذ بلغ سعر صرف الدولار الواحد مقابل الليرة التركية 32.5 ليرة، بحسب موقع “döviz” المتخصص بأسعار صرف العملات.

ويقيم في تركيا ثلاثة ملايين و136 ألفًا و353 لاجئًا سوريًا تحت نظام “الحماية المؤقتة”، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن “رئاسة الهجرة التركية”، ولا توجد إحصائيات حول عدد السوريين المتزوجين داخل تركيا.

وأظهر “بحث تكلفة المعيشة في اسطنبول” (ipa) بوكالة التخطيط  في بلدية اسطنبول الكبرى (İBB)، في أيلول 2023، زيادة في التكلفة المعيشة بنسبة قدرها 80.59%، خلال آب 2023، مقارنة مع نفس الشهر من عام 2022، إذ بلغ متوسط تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من أربعة أفراد في اسطنبول 42.593 ليرة تركية.

ماذا يقول الرجال؟

أحمد الذي ينحدر من محافظة دير الزور ويقيم في ولاية أورفا التركية، تزوج في أثناء جائحة “كورونا”، ويرى أنه تحت أي ظرف، لم يكن ليطلب من زوجته أن تتخلى عن ارتداء فستانها، نظرًا إلى أهميته بالنسبة لها.

مصطفى كنج، متزوج منذ عشر سنوات حين كان في دمشق قبل مجيئه إلى اسطنبول، قال لعنب بلدي، إنه لم يرغب بإقامة حفل زفاف، ولم يبالِ بكل هذه الرسميات، بسبب الوضع الذي كانت تعاني منه المنطقة، حسب تعبيره، ولكن زوجته كان لها رأي آخر، إذ طلبت أن ترتدي فستانًا إضافة للاحتفال، وبحسب ما قاله مصطفى، هذا حقها، لذا جرى الاتفاق بين الطرفين وانتهى بإقامة الزفاف وشراء الفستان.

محمود الصوراني يرى أن الفستان ليس بتلك الأهمية، وأنه من الأساس تخلى وزوجته عن إقامة الزفاف أو حتى ارتداء الملابس الرسمية، عندما تزوجا منذ خمس سنوات.

وقال محمود المنحدر من مدينة حماة، ويقيم حاليًا في اسطنبول، إن قرار الاستغناء عن مراسم الزفاف جاء بطلب من خطيبته حينها، “إذ لم تود أن نراكم ديونًا نحن بغنى عنها”.

ويرى اليوم بعد سنوات أن الأمور بينهما جيدة و”مستورة”، وقرارهما كان صحيحًا وبمكانه.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة