بدأت روسيا توسع استحواذها على قطاعات حيوية في سوريا، بدخول المجال الرياضي، وذلك بتأسيس نادي حميميم لكرة القدم.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا)، في 28 من آذار، أن تأسيس نادي حميميم الرياضي جاء بمبادرة روسية، وذلك بالتعاون مع مديرية التربية باللاذقية، وبدعم من القوات الروسية ومركز المصالحة في قاعدة حميميم.
ويضم النادي 24 لاعبًا اختيروا من مدارس محافظة اللاذقية، وجرى تجهيزه بالمستلزمات الرياضية من كرات وألبسة وأحذية، على أن يبدأ اللاعبون التدريب الأسبوع المقبل بالمدينة الرياضية في اللاذقية ثلاث مرات أسبوعيًا، ومن الممكن أن يذهبوا إلى مركز حميميم للتدرّب فيه.
ومن المقرر أن يلعب نادي حميميم في الدوري السوري العام المقبل، إضافة لإمكانية أن يسافر للعب مع نادي سيسكا موسكو الصيف المقبل.
وقال رئيس مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم، اللواء سيرغي غاشكوف في مؤتمر صحفي، إن افتتاح نادي حميميم جاء بعد تشكيل فريق لكرة القدم من طلاب مدارس اللاذقية، في إطار خطة تهدف إلى تطوير كرة القدم في سوريا، من خلال استثمار مواهب الأطفال الكروية وتنميتها.
ويرى الصحفي الرياضي عروة قنواني، في حديثه لعنب بلدي، أن “روسيا دخلت حاليًا بمجال الرياضة من بوابة أنها ستساهم في تطوير رياضة الأطفال عبر تأسيس نادي حميميم، الذي يضم طلاب المدارس في اللاذقية، ومن ثم لاحقًا تتوغل أكثر وتصل للهيمنة على رياضة الرجال في سوريا”.
احتفاء رسمي
وسائل الإعلام الرسمية ومسؤولو النظام السوري احتفوا بتأسيس نادي حميميم، إذ أعرب رئيس مجلس محافظة اللاذقية، تيسير حبيب، في حديث لوكالة “سانا”، عن سعادته لهذه المبادرة التي سيكون لها أثر إيجابي على تطوير الرياضة، كما تندرج في إطار توطيد وتعزيز العلاقات الروسية والسورية.
بدوره، أكد رئيس اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي باللاذقية، بسام زراوند، لصحيفة “الوطن” المحلية، أن تأسيس نادي حميميم سيسهم في تطوير كرة القدم بالمحافظة من خلال تنمية مواهب الأطفال، وسيكون نواة لإحداث أكاديمية رياضية بدعم روسيا، مضيفًا، “نتمنى الاستمرارية لهذا الفريق، وبدورنا سنقدم له جميع التسهيلات المطلوبة من منشآت وملاعب لممارسة التدريبات اللازمة”.
ما هدف تأسيس النادي؟
الصحفي المتخصص بالشأن الرياضي عروة قنواتي، قال لعنب بلدي إن “الأسلوب الذي تقوم به روسيا في فرض هيمنتها على سوريا، لم يحصل في بلد آخر كان محتلًا من قوى خارجية، فخلال فترة السيطرة الأمريكية على العراق، لم تقم واشنطن بتأسيس نادٍ رياضي يمثلها في الدوري العراقي، وقبل ذلك خلال احتلال بريطانيا لمصر وفلسطين في القرن الماضي لم تقم بذلك أيضًا، بينما قامت روسيا علنًا بتشكيل نادي بهوية روسية يمثلها في الدوري السوري وبترخيص من النظام السوري”.
وأضاف قنواتي أن “الرياضيين السوريين الأحرار كانوا يناضلون لإنهاء فكر أندية الهيئات كالجيش والشرطة الذي كرسه النظام، ليقوم الأخير بالسماح لقوة عسكرية بتشكيل نادٍ رياضي تابع لها، وهذا يكرس الاحتلال الروسي لسوريا، ولا نستبعد أن تقوم إيران بذات الخطوة لاحقًا وتأسس نادٍ تابع لها”.
الصحفي السوري محمد حمص قال إن “روسيا تحاول من خلال تأسيس هذا النادي، الاحتكاك أكثر بالسوريين عن طريق كرة القدم وكسبهم إلى صفها، ولاسيما من خلال تقديم وعود أنها ستعمل على تطوير الرياضة في سوريا، وهو تلميح إلى أن الواقع الرياضي تحت حكم الأسد في الحضيض، وأن موسكو هي من ستعمل على تطويره”.
“نلاحظ اليوم في الدوري السوري، أن روسيا باتت تدعم نادي حميميم، وايران تدعم نادي الفتوة، ولاحقًا قد تأتي قوى دولية أخرى وتدعم أندية سورية”، بحسب حمص، الذي تابع ساخرًا، “وبالتالي يصبح الدوري السوري بنكهة عالمية”.
تأسيس أي نادٍ يحتاج إلى نمو طبيعي، بمعنى أنه يبدأ اللعب من الأدوار الدنيا ثم يتدرج بين الدرجات الرابعة فالثالثة إلى أن يصل للدوري الممتاز، ولكن من غير المستبعد أن تفرض روسيا بحكم هيمنتها على المشهد السوري وصول الفريق إلى الدوري الممتاز، بحسب حمص.
قمصان ملطخة بدماء السوريين
قمصان نادي حميميم تحمل علم روسيا إلى جانب علم النظام السوري، وعليها شعار مركز المصالحة الروسية، الذي كان نقطة انطلاق لغارات موسكو التي استهدفت مدنيين في مختلف المناطق السورية.
وأسهمت روسيا في قتل آلاف السوريين على مدار تسع سنوات، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها، أن موسكو قتلت 6963 مدنيًا بينهم 2052 طفلًا و982 سيدة (أنثى بالغة)، وارتكبت ما لا يقل عن 360 مجزرة، وذلك منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 30 أيلول 2015 حتى كانون الثاني 2024.