إدلب – أنس الخولي
على “بسطة” لبيع المشروبات الرمضانية في أحد أرصفة شوارع إدلب، استقرت الحال بالشاب عامر، خلال شهر رمضان الذي بدأ في 11 من آذار الحالي، هربًا من عمله المضني في تحميل مواد الإنشاء (العتالة).
لجأ الشاب عامر السيد (35 عامًا) إلى العمل على “البسطة”، وسط آمال بتحقيق شيء من الأرباح الإضافية بما يزيد على أجرته اليومية من مهنة “العتالة” الشاقة مع متعهدي البناء، التي تصل إلى 100 ليرة تركية.
شكّل شهر رمضان فرصة لكسب المال، وزاد انتشار “بسطات” العصير والمشروبات التي تدر أرباحًا لا بأس بها، وبحسب رصد عنب بلدي، فإن أغلب أصحاب “البسطات” هم من عمال المياومة المتقطعة (أعمال زراعية وإنشاءات وغيرها).
ويتقاضى عمال المياومة في إدلب 100 ليرة تركية في أحسن الأحوال (نحو ثلاثة دولارات أمريكية)، ويعد مبلغًا منخفضًا أمام قائمة الاحتياجات، إذ وصل حد الفقر المعترف به إلى 10843 ليرة تركية، وحد الفقر المدقع إلى 8933 ليرة.
عمل إضافي
انتشار “البسطات” واستغلال الموسم الرمضاني لا يعني بالضرورة تأمين أرباح أكثر من عمل المياومة، فالقدرة الشرائية لدى الأهالي متدنية، وتقتصر على الأساسيات، لذلك يحاول بعض الأشخاص الثبات على أعمال المياومة إلى جانب بيع المشروبات و”المعروك” خلال ساعات محددة.
عثمان الحامد (31 عامًا)، وهو عامل مياومة في مجال البناء، قال لعنب بلدي، إن الجو بارد ولا يشعر بتعب الصيام مثل السنوات السابقة، وينتهي عمله عند الساعة الثالثة والنصف عصرًا (أي قبل أذان المغرب بثلاث ساعات)، ما يتيح له بيع بعض “المعروك”.
ويفضّل عثمان الإبقاء على عمله الشاق في تحميل “البلوك” والأسمنت، والبيع على “البسطة” في الثلاث ساعات المتبقية، لزيادة دخله.
ويتراوح سعر الليتر من العرقسوس والتمر الهندي بين 10 و15 و20 ليرة تركية، وكيلوغرام “المعروك” بين 55 و60 ليرة تركية (الكيلو يتضمن قطع معروك صغيرة)، وتباع “المعروكة” من الحجم المتوسط بـ15 إلى 20 ليرة، والكبيرة بـ30 ليرة، ويزداد السعر تبعًا للحشوة.
ويبلغ مردود “البسطة” من 75 إلى 150 ليرة كأرباح، بحسب عدد ساعات العمل (بعضهم يعمل 3 إلى أربع ساعات).
حركة ضعيفة
سعيد عبدون (41 عامًا)، مهجر يقيم في مدينة إدلب، يبيع على “بسطة” أقراص “المعروك” في سوق الخضار (الهال) إلى جانب عمله عتالًا، قال إن الإقبال تراجع بعد الأيام الأولى من رمضان.
وذكر أن تراجع الحالة المادية للمواطنين أجبرهم على تقليل مصروفاتهم اليومية إلى حد كبير، وبات “المعروك” من الكماليات، لذلك صارت زيادة قطع “المعروك” لديه تسبب له الخسارة.
ومع قدوم شهر رمضان، ارتفعت أسعار معظم السلع، ومنعت الحالة المادية المتردية شريحة واسعة من السكان شمالي سوريا من شراء التحضيرات، وسط آمال لكثير منهم بالحصول على سلال غذائية تسد جزءًا من الحاجة.
ويسكن شمال غربي سوريا 4.5 مليون شخص، منهم 4.1 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.